لم تندلع ثورة 1919 فجأة، بل سبقتها خطوات مهمة منها ما قام به الجانب المصرى، ومنها ما قام به الإنجليز، وهنا نتوقف مع كتاب «بريطانيا وثورة 1919» للدكتور مكى الطيب شبيكة، والصادرة طبعته الحديثة عن الهيئة المصرية العامة لقصور الثقافة.
البداية كانت مع برقية أرسل بها السير، ونجت المندوب السامى البريطانى فى مصر يوم يوم 17 نوفمبر 1918 لوزارة الخارجية البريطانية يقول فيه:
«زارنى ثلاثة من المصريين وهم سعد باشا زغلول وعبد العزيز بك فهمى وعلى باشا شعراوى، وكلهم معروفون لديك كسياسيين أصحاب أفكار تقدمية، حضروا لعرض برنامج للحكم الذاتى الكامل لمصر تاركين لبريطانيا العظمى حق الإشراف فى مسألة الدين العام والتسهيلات لبواخرنا للملاحة فى قناة السويس، وقد أنكروا وتبرأوا من طرق مصطفى كامل ومحمد فريد، ولو أنهم يتفقون معهم فى مبادئهم، وهم يعترفون فى الجميل لنا ولصداقتنا وأخيرا أبدوا رغبتهم فى السفر إلى لندن لتقديم مطالبهم».
و«قد عبرت بأقصى ما استطعت من قوة عن إدانتى للحركة الوطنية السابقة، وفى الوقت نفسه واجهتم بنقد صريح لبعض النقاط فى حجتهم الحاضرة وأنذرتهم مرارا بأن يتذرعوا بالصبر وأن يأخذوا بعين الاعتبار انشغال حكومة جلالة الملك بعديد من الأمور الهامة».
و«بعد هذه المقابلة مباشرة حضر رشدى باشا، ليقترح لسفره مع عدلى باشا للندن فى المستقبل القريب لبحث الشؤون المصرية، وقال بأن سلطان مصر أبدى موافقته بالفعل لهذه الخطة، وفى الوقت نفسه أخبرنى رشدى بأنه كان على علم بمشروع الزعماء الوطنيين، ويرى أنه يجب أن يسمح بعرض آرائهم فى لندن، لأنه فى حالة رفض مطالب الجميع لا يمكن أن توجه تهمة التمثيل الناقص للوزراء المصريين المسؤولين وقد يحدث هذا إذا ذهب الوزراء بمفردهم إلى لندن».
و«إننى كنت على علم وإدراك بأن الثلاثة من الزعماء الوطنيين قاموا بزيارة لسلطان مصر قبل مقابلتى، وليس هناك أدنى شك فى أنه لا السلطان ولا وزراؤه يشعرون بالقوة الكافية للاعتراض على مطالب الوطنيين مهما ظهرت بأنها غير مقبولة».
«ومن المحتمل أن تتخذ هذه الحركة الجديدة خطا أكثر وضوحا، وهناك دعوة لاجتماعات يعقدها مصريون بارزون لبحث القضية».
«ويسرنى أن أتلقى تعليمات حكومة جلالة الملك فيما تراه مناسبا، فإذا ما سمح للوزيريرن بالسفر للندن اقترح سفر السير وليم برونيات وسير ملن شتام فى الوقت نفسه، فالأول له خبرته الخاصة بموضوع الامتيازات الأجنبية والثانى له المعرفة والإدراك التأمين بكل المسائل المصرية الحاضرة».