اندلعت ثورة 1919، وصارت مصر عالما آخر فاجأ الجميع، حتى المصريين أنفسهم، فقد امتلأت الشوارع برجال ونساء، شيوخ وعجائز وشباب وأطفال، مثلوا جيلا عظيما فى التاريخ، توقف أمامه الدكتور حسين مؤنس فى كتابه المهم «دراسات فى ثورة 1919»، الصادرة طبعته الحديثة عن الهيئة المصرية العامة للكتاب.
يقول حسين مؤنس «رجال هذا الجيل ليسوا كلهم من عمر واحد، بل إن أعمارهم ليست متقاربة فى كثير من الأحيان، فبعضهم مثل سعد زغلول ولدوا فيما بين عامى 1856 و1860، وبعضهم الآخر ولدوا أوائل هذا القرن «يقصد القرن العشرين»، ولكنهم جميعًا يشتركون فى أمر واضح هو أنهم كانوا كلهم فى سن العمل والجهد والكفاح عندما قامت الثورة، أو فيما بين سنتى 1919 و1925 بتحديد أوسع شمولًا، يستوى فى ذلك من كان منهم بين هذين التاريخين فى سن العشرين مثل توفيق الحكيم «ولد 1903» ومحمد عوض محمد «1901» وإبراهيم ناجى «1898» ومحمود طاهر لاشين «1897» ومحمود تيمور «1894» وأحمد رامى «1892» وزكى مبارك «1891» وإبراهيم عبد القادر المازنى «1890» أو من كان أكبر من ذلك بقليل أو كثير مثل عباس محمود العقاد «ولد 1889» وعلى عبد الرازق «1888» وسلامة موسى «1888» ومحمد حسين هيكل «1888» وأحمد أمين «1887» ومصطفى عبد الرازق «1882» وأحمد لطفى السيد «1872» وأحمد شوقى «1868».
كل أولئك إما أدركتهم الثورة وهم فى عنفوان نشاطهم، فتأثروا بها وأخذتهم فى تيارها وبدأت فى عملهم عهدًا جديدًا، أو وقعت وهم بعد فى مطالع سنوات العمل والإنتاج فرسمت لهم طريق العمل ووجهت إنتاجهم كله وأعطته طابع الثورة والتجديد.
ويستوى فى هذا أيضًا من عمل على إيقاد شرارة الثورة، ومن مهد لها أو حمل رايتها فى أدوارها الأولى «من أمثال سعد زغلول وعبد العزيز فهمى وعلى شعراوى وأحمد لطفى السيد»، أو دخل ميدانها فى أدوارها التالية «مصطفى النحاس وسينوت حنا وواصف غالى وعبد الحميد أبو هيف وغيرهم»، ومن عمل فى الميدان السياسى مباشرة أو عمل بروح الثورة فى ميدان آخر من ميادين النشاط القومى، فإن هؤلاء جميعًا يدخلون فى اتجاه واحد، هو اتجاه خدمة مصر والعمل على تحريرها وتحرير شعبها، والنهوض بها وإعلاء شعبها بين الأمم.
وإلى جهود هؤلاء جميعًا، يرجع الفضل فيما وصلت إليه مصر من تقدم واضح على غيرها من البلاد التى كانت خاضعة للاستعمار «وهى معظم أفريقيا وآسيا»، خلال العشرينيات والثلاثينيات فى القرن العشرين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة