أكد القادة العرب في ختام القمة العربية الثلاثين التي عقدت برئاسة تونس ، مجددا ، على التضامن الكامل مع لبنان وتوفير الدعم السياسي والاقتصادي له ولحكومته ولكافة مؤسساته الدستورية بما يحفظ الوحدة الوطنية اللبنانية وأمن واستقرار لبنان وسيادته على كامل أراضيه.
وشدد القادة العرب ، في قرار صدر بعنوان (التضامن مع لبنان) ، على حق اللبنانيين في تحرير أو استرجاع مزارع شبعا وتلال كفر شوبا اللبنانية والجزء اللبناني من بلدة الغجر، وحقهم في مقاومة أي اعتداء بالوسائل المشروعة.
وأكدوا أهمية وضرورة التفريق بين الإرهاب والمقاومة المشروعة ضد الاحتلال الإسرائيلي التي هي حق أقرته المواثيق الدولية ومبادئ القانون الدولي ، وعدم اعتبار العمل المقاوم عملا إرهابيًا.
وشددوا على دعم موقف لبنان في مطالبته المجتمع الدولي تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701 لعام (2006 ) المبني على القرارين رقم (425) لعام (1978 ) ، ورقم (426 ) لعام (1978) عبر وضع حد نهائي لانتهاكات إسرائيل وتهديداتها الدائمة له ولمنشآته المدنية وبنيته التحتية.
كما شددوا على الدعم للخلاصات الصادرة عن الاجتماعات المتتالية لمجموعة الدعم الدولية للبنان، مرحبين بجهود المجتمع الدولي لتكريس الاستقرار في لبنان عبر انعقاد هذه المجموعة في 2017/12/8، مشيدين بالنتائج التي صدرت عن مؤتمر دعم الجيش اللبناني في روما ، ومؤتمر "سيدر" لدعم الاقتصاد اللبناني اللذين أكدا التزام المجتمع الدولي باستقرار وازدهار لبنان.
وأشادوا بالدور الوطني الذي يقوم به الجيش اللبناني والقوى الأمنية اللبنانية في صون الاستقرار والسلم الأهلي ودعم الجهود المبذولة من أجل بسط سيادة الدولة اللبنانية حتى الحدود المعترف بها دوليًا، موجهين التحية للشهداء والجرحى.
وثمنوا التضحيات التي يقدمها الجيش اللبناني في مكافحة الإرهاب ومواجهة التنظيمات الإرهابية والتكفيرية ، تلك التي وردت في قرار مجلس الأمن ، وخاصًة رقم (2170 ) لعام (2014 ) والقرارات اللاحقة ذات الصلة ، والتنويه بالنصر الذي حققه الجيش اللبناني عليها وآخرها في عملية "فجر الجرود" والكفاءة العالية التي حققت هذا النصر الذي جنب لبنان شر وهمجية هذه التنظيمات التي ُتشكل خطرًا داهمًا على أمن واستقرار معظم دول العالم وعلى المفاهيم والقيم الدينية والإنسانية السامية.
وأدان القادةً العرب الاعتداءات النكراء التي تعرض لها الجيش اللبناني في أكثر من منطقة لبنانية، مرحبين بالمساعدات التي قدمتها دول شقيقة وصديقة للبنان وفي طليعتها المملكة العربية السعودية.
وحثوا جميع الدول على تعزيز قدرات الجيش اللبناني وتمكينه من القيام بالمهام الملقاة على عاتقه، كونه ركيزة لضمان الأمن والاستقرار والسلم الأهلي في لبنان.
وأدانوا جميع الأعمال الإرهابية والتحركات المسلحة والتفجيرات الإرهابية التي استهدفت عددًا من المناطق اللبنانية وأوقعت عدداً من المواطنين الأبرياء، رافضين كل المحاولات الآيلة إلى بث الفتنة وتقويض أسس العيش المشترك والسلم الأهلي والوحدة الوطنية وزعزعة الأمن والاستقرار.
وشددوا على ضرورة محاربة التطرف والتعصب والتكفير والتدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية، والتعاون التام والتنسيق لمكافحة الإرهاب والقضاء عليه وتجفيف مصادر تمويله والتعاون في مجال تبادل المعلومات والخبرات وبناء القدرات.
وطالبوا بمحاسبة مرتكبي الأعمال الإرهابية والجرائم ضد الإنسانية والمحرضين على أعمال العنف والتخريب التي تهدد السلم والأمن وتشديد العقوبات عليهم وانتهاج إجراءات احترازية في هذا الشأن.
وأكدوا دعم لبنان في تصديه ومقاومته للعدوان الإسرائيلي المستمر عليه، وعلى وجه الخصوص عدوان يوليو/ تموز من عام 2006 ، والترحم على أرواح الشهداء اللبنانيين، معتبرين تماسك ووحدة الشعب اللبناني في مواجهة ومقاومة العدوان الإسرائيلي عليه ضمانًا لمستقبل لبنان وأمنه واستقراره.
ووصفوا الجرائم الإسرائيلية بجرائم حرب تستوجب ملاحقة مرتكبيها وتحميل إسر ائيل المسؤولية الكاملة عن اعتداءاتها، وإلزامها بالتعويض للجمهورية اللبنانية وللمواطنين اللبنانيين ، مرحبين بالقرارات التي تبنتها الجمعية العامة للأمم المتحدة حول "البقعة النفطية على الشواطئ اللبنانية" وآخرها القرار رقم 209/72 الذي تبنته في دورتها الثانية و السبعين بتاريخ 2017/12/20 ، والذي يلزم إسرائيل بدفع تعويضات مالية عن الأضرار التي لحقت بلبنان جراء قصف إسرائيل لمحطة الجية للطاقة الكهربائية في حرب يوليو/ تموز2006.
وأدانوا الاعتداءات الإسرائيلية على السيادة اللبنانية برًا وبحرًا وجوًا، ومنها : التحركات الميدانية الإسرائيلية لبناء جدار أسمنتي فاصل على الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة في القطاعين الغربي والشرقي ، ليس فقط على طول الخط الأزرق الذي لا يعتبره لبنان حدودًا نهائية، بل مجرد خط انسحاب، إنما أيضًا في مناطق لبنانية محتلة، مما يشكل اعتدء صارخًا على الأراضي والسيادة اللبنانية وانتهاكًا لقرار مجلس الأمن رقم 1701 ، وخطوة استفزازية تهدف إلى تغيير المعالم وفرض واقع جديد، وتهدد بالتالي الاستقرار في جنوب لبنان وتؤدي إلى نتائج غير محمودة العواقب.
كما أدانوا الخرق الإسرائيلي للمجتمع اللبناني عن طريق زرع العملاء ونشر شبكات التجسس وصولا إلى تنفيذ محاولة اغتيال على الأراضي اللبنانية.
وأدانوا الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق لبنان السيادية والاقتصادية في مياهه الإقليمية ومنطقته الاقتصادية الخالصة وفي ثروته النفطية والغازية المتواجدة ضمن مناطقه البحرية، حيث فاق عددها 11 ألف انتهاك في السنوات الإحدى عشرة الماضية.
وحذر القادة العرب من خطورة الحرب الإلكترونية المتناهية الأبعاد التي تشنها إسرائيل ضد الجمهورية اللبنانية عبر الزيادة الملحوظة في عدد الأبراج والهوائيات وأجهزة الرصد والتجسس والمراقبة التي تهدف إلى القرصنة والتجسس على كافة شبكات الاتصالات والمعلوماتية اللبنانية ، وامتناع إسرائيل عن تسليم كامل المعلومات الصحيحة والخرائط المتعلقة بمواقع الذخائر غير المتفجرة كافة، بما فيها كمية وأنواع القنابل العنقودية التي ألقتها بشكلٍ عشوائي على المناطق المدنية الآهلة بالسكان إبان عدوانها على لبنان في صيف عام 2006.
وأكدوا ضرورة الحفاظ على الصيغة اللبنانية التعددية الفريدة القائمة على المناصفة بين المسلمين والمسيحيين ، وكذلك صيغة للتعايش بين الأديان والحوار بينها والتسامح وقبول الآخر وإدانة نقيضها الحضاري الصارخ الذي تمثله التنظيمات الإرهابية الإلغائية بما ترتكبه من جرائم بحق الإنسانية والتي ُتحاكي إسرائيل في سياساتها الإقصائية القائمة على يهودية الدولة وممارساتها العدوانية تجاه المسلمين والمسيحيين.
ورحبوا بمبادرة رئيس الجمهورية اللبناني العماد ميشال عون التي أطلقها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ 72 ، والداعية إلى دعم ترشيح لبنان ليكون مركزًا دائمًا للحوار بين مختلف الحضارات والديانات ، مؤسسة تابعة للأمم المتحدة.
وأكدوا دعم المؤسسات الدستورية اللبنانية في تعزيز حضور لبنان العربي والدولي ونشر رسالته الحضارية وتنوعه الثقافي، لاسيما في مواجهة إسرائيل، والحفاظ على الأقليات كمكونات أصلية وأساسية في النسيج الاجتماعي لدول المنطقة ، وطالبوا بضرورة صون حقوقها ومنع استهدافها من قبل الجماعات الإرهابية وتوصيف الجرائم المرتكبة بحقها بجرائم ضد الإنسانية.
كما طالبوا بدعم المؤسسات الدستورية اللبنانية في المضي بالالتزام بأحكام الدستور لجهة رفض التوطين والتمسك بحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم، مثمنين الموقف الواضح والثابت للشعب والقيادة الفلسطينية الرافض لتوطين اللاجئين الفلسطينيين في الدول المضيفة، خاصًة في لبنان، مؤكدين على ضرورة أن تقوم الدول والمنظمات الدولية بتحمل كامل مسؤولياتها والمساهمة بشكلٍ دائم وغير منقطع بتمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) واستكمال تمويل إعادة إعمار مخيم نهر البارد ودفع المتوجبات المالية لصالح خزينة الدولة اللبنانية ، من كهرباء واستهلاك للبنى التحتية ، ودفع المستحقات لأصحاب الأملاك الخاصة التي أُنشئت عليها المخيمات المؤقتة على الأراضي اللبنانية.
وأشادوا بحرص الحكومة اللبنانية على احترام قرارات الشرعية الدولية وعلى جلاء الحقيقة وتبيانها في جريمة اغتيال رئيس الوزراء رفيق الحريري ورفاقه، بعيدًا عن أي تسييس أو انتقام وبما لا ينعكس سلبًا على استقرار لبنان ووحدته وسلمه الأهلي.
وأكدوا دعم جهود الحكومة اللبنانية في متابعة قضية تغييب الإمام موسى الصدر ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب والصحفي عباس بدر الدين، من أجل التوصل إلى تحريرهم والعمل على مساءلة مسؤولي النظام الليبي السابق لوضع حد لهذه الجريمة.
ورحب القادة العرب بتشكيل الحكومة اللبنانية برئاسة سعد الدين الحريري، مؤكدين دعم توجهها لتحقيق انجازات إصلاحية، وتحقيق النهوض الاقتصادي، بما يعزز الاستقرار ويثبت موقع لبنان على طريق التطور والازدهار، وبما ورد في خطاب القسم للرئيس اللبناني من تأكيد على وحدة موقف الشعب اللبناني وتمسكه بسلمه الأهلي الذي يبقيه بمنأى عن النار المشتعلة حوله في المنطقة، والتزامه باحترام ميثاق جامعة الدول العربية وبشكلٍ خاص المادة الثامنة منه ، مع اعتماد لبنان سياسة خارجية مستقلة تقوم على مصلحة لبنان العليا واحترام القانون الدولي.
كما رحبوا بمضمون (وثيقة بعبدا ـ 2017 ) الصادرة بتاريخ .2017/6/22 ، وبالجهود التي يبذلها لبنان حكومة وشعبًا حيال موضوع النازحين السوريين الوافدين إلى أراضيه لجهة استضافتهم رغم إمكاناته المحدودة، مؤكدين على ضرورة مؤازرة ودعم لبنان في هذا المجال وتقاسم الأعباء والأعداد معه ، ووقف تزايد تلك الأعباء والأعداد من النازحين ، والتشديد على أن يكون وجودهم مؤقتًا في ظل رفض لبنان أي شكلٍ من أشكال اندماجهم أو إدماجهم في المجتمعات المضيفة ، وحرصه على أن تكون هذه المسألة مطروحة على رأس قائمة الاقتراحات والحلول للأزمة السورية لما في الأمر من تهديد كياني ووجودي للبنان ، والسعي بكل ما أمكن لتأمين عودتهم الآمنة إلى بلادهم في أسرع وقت ممكن ، باعتبارها الحل الوحيد المستدام للنازحين من سورية إلى لبنان.
وأشادوا بالمحاولات الحثيثة التي تبذلها الحكومة اللبنانية لتقليص أعداد النازحين السوريين الموجودين على الأراضي اللبنانية وتوفير أمن اللبنانيين والسوريين وتخفيف الأعباء عن شعب لبنان واقتصاده، بعد أن أصبح على شفير انفجار اجتماعي واقتصادي وأمنى يهدد وجوده.
كما أشادوا بجهود الحكومة اللبنانية الهادفة إلى ترسيخ الاستقرار الاقتصادي والمحافظة على الاستقرار النقدي، وبالتزامها العمل فورًا على معالجة المشاكل المزمنة التي يعانى منها جميع اللبنانيين.
وثمن القادة العرب رؤية الحكومة اللبنانية التي تربط ما بين تحقيق النمو الاقتصادي وتحسين وتوسيع شبكة الأمان الاجتماعية والصحية والتعليمية لجميع اللبنانيين ، كما ثمنوا شروع الحكومة اللبنانية بمنح التراخيص للتنقيب عن النفط، وممارسة لبنان لحقه السيادي في استثمار موارده الطبيعية ورفض وإدانة التهديد الإسرائيلي للبنان من خلال محاولة منعه من ممارسة سيادته على مياهه الإقليمية والادعاء بأن القطاع رقم ( 9) من مياهه الوطنية يعود لإسرائيل خلافًا للحقيقة التي وثقها لبنان بالوثائق والمستندات لدى المراجع الدولية المخت صة والتي تثبت أن هذا القطاع هو جزء لا يتجزأ من مياهه الإقليمية اللبنانية.
وأكدوا دعم جهود الحكومة اللبنانية لبناء دولة القانون والمؤسسات عبر التوجه نحو وضع إستراتيجية وطنية عامة لمكافحة الفساد.