يعيش سكان " وادى روسيكى" فى رواندا، حاليًا، حالة من المصالحة والتعايش السلمى فى المنطقة التى يتوسطها نبع الماء المحاط بأشجار الموز والمانجو، بعد 25 عامًا من الإبادة الجماعية، والحرب الأهلية.
كان النبع الذي يشرف على المنازل المبعثرة إلى جانب التل، قد تم اكتشافه خلال الاستعمار البلجيكي، ويستقى مياهه من بحيرة خلف إحدى التلال المجاورة، محور حياة قريتي روسيكي وجوهيتيا، ويأتى إليه الجميع من مناطق بعيدة عن الاستسقاء، وفق ما ذكره بعض كبار السن لموقع" فرانس 24"، حتى انقلب كل شئ رأسًا على عقب فى ابريل 1994 حين اغتيل الرئيس الرواندي "جوفينال هابيارامانا"، وأنحى متشددو الهوتو باللائمة على جماعة الجبهة الوطنية المتمردة وبدأوا على الفور حملة منظمة للقتل.
وسُلمت قوائم بأسماء خصوم الحكومة إلى الميليشيات، الذين ذهبوا وقتلوهم وجميع أفراد أسرهم، وقتل الجيران جيرانهم كما قتل بعض الأزواج زوجاتهم المنتميات للتوتسي وقيل لهم إن رفضوا فسوف يقتلون، وكانت بطاقات الهوية الشخصية في ذلك الوقت تتضمن تحديد الانتماء العرقي، ومن ثم أنشئت الميليشيات نقاط تفتيش في الطرق حيث كان يجري قتل التوتسي، كما احتجزت الآلاف من نساء التوتسي لاستغلالهن في إشباع الرغبات الجنسية.
وعمت الاضطرابات البلاد بأكملها، فسكان قرية جوهيتيا الذين يشكل الهوتو اكثريتهم الساحقة، ألهبت حماستهم الدعاية المتطرفة، فهاجموا التوتسي في روسيكي، وقتلوا منهم الكثير.
من جانبه قال جان كلود موتاريندوا لفرانس 24، وهو أحد سكان غوهيتيا، واحد من الذين وضعوا الأسس الأولى للمصالحة، فهو لم يشارك شخصيا في المجازر، خلافا لأخوته الكبار، وهذا ما سهل مهمته، إنه بدأ بطرح المصالحة مع أحد أصدقائه، وهو جندي سابق يدعى بروتوجين، وفي الكنيسة، شارك ايضا في اعمال مشتركة مع افراد من قرية روسيكي، كما كان لنشرة اذاعية شعبية أثرها أيضا، وخصوصا انها تروي منذ 2004 وقائع الحياة اليومية لقريتي بومانزي وموهومورو الخياليتين، واللتين تحاولان تضميد جراحهما بعد سنوات من الصراع.
وفي 2005، عندما كُشفت الحقيقة حول عمليات القتل والنهب وتلف الممتلكات، أمام المحاكم الشعبية، بدأت اولى الخطوات الملموسة للتقارب، وأقنع جان كلود جيرانه بمساعدة سكان روسيكي في الحقول، وببطء سقطت الحواجز.
وتمت المصالحة خلال اجتماع عام، تلاه احتفال كبير في وسط روسيكي، فقد وافقت القرية على دفع 40 مليون فرنك لتعويض الممتلكات المدمرة في قرية جوهيتا، وعرف أطفال القريتين ما حدث وكانوا أول من التقى قرب النبع، حيث سرعان ما استأنفت الحياة مسارها الطبيعي.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة