لنا الآن أن نقول بكل ثقة إن الدولة المصرية تتغير بالفعل، وإنها فى سبيلها لتكون دولة ذات معنى، وصاحبة مسؤولية، وعلى وعى تام وإدراك كبير بالتحديات التى تواجهها، والإجراءات التى تتخذها، فمصر الآن تتحدث عن نفسها بالأرقام، وتستطيع أن تثبت مكانها بين الدول، عن طريق الاستثمار فى الوطن والاستثمار فى المواطن، ففكرة الاستثمار ببساطة هى أن يبذل الإنسان جهدا مضاعفا فى وقت محدد، لينعم بعد ذلك بإنجازه فى بقية الأوقات، والمثال الذى كنا نتعلمه قديما حول الاستثمار يفترض أن هناك رجلا يسكن على بعد كيلو متر من النهر، وكلما أراد أن يشرب يذهب إلى النهر، هذا هو التفكير التقليدى، أما التفكير الاستثمارى هو أن يتحمل هذا الرجل العطش بعضا من الوقت ليصنع إناء ليضع فى المياه، وبالتالى، يذهب إلى النهر مرة واحدة، فى اليوم بدلا من الذهاب عشرات المرات، وبهذا يوفر على نفسه عناء اليوم كله، وهذا ما تفعله الدولة الآن.
شقت مصر طريقها فى الإصلاح الاقتصادى بصعوبة، تحملت الدولة الكثير، وتحمل الشعب أيضا، عانى المصريون من تحرير سعر صرف العملات الأجنبية، وعانوا أيضا من رفع الدعم عن الكثير من السلع، كما عانوا من تحريك الضرائب والجمارك، كل هذا جعل الكثيرين يشعرون بأن إجراءات الإصلاح الاقتصادى تنال منهم فحسب، ولأن مشروعات البنية الأساسية التى تبنتها مصر لم تكن نتائجها لتظهر على الفور، ظن البعض أنه لا شىء يحدث، لكن يوما بعد يوم بدأت بشائر الخير فى الظهور وبدأنا فى الشعور بأن هناك العديد من الأشياء تتغير حقا، كما حظيت الكثير من الخدمات بتطوير معقول، يستطيع أن يلمسه من يتعامل بشكل يومى مع الوزارات الخدمية، وكان لإعلان الرئيس أمس الأول عن سلسلة الإجراءات التى تسهم فى تحسين دخل المواطن المصرى أكبر الأثر فى أن يشعر المواطن المصرى بأن التغير حقيقة، وأن الإصلاح خير، حيث قرر الرئيس عبد الفتاح السيسى تعديل الحد الأدنى للأجور إلى ألفى جنيه بدلا من 1200، كما أعلن عن حزمة من الإجراءات الاجتماعية التى تتكلف حوالى 60 مليار جنيه، وهو أمر يدعو إلى البهجة والتفاؤل، فضخ هذا المبلغ فى الأسواق سيؤدى حتما إلى انتعاش اقتصادى كبير سيلمس أثره الجميع، وهذا هو المراد من الاستثمار.