أصدرت الدائرة العاشرة، بالمحكمة الإدراية العليا، بمجلس الدولة، حكما هاماً، مفادة إلزام الدولة ممثلة في وزارة الصحة المنوط بها إصدار قرارات العلاج على نفقة الدولة بأن تؤدي للمريض المستحق للعلاج مصاريف انتقاله بوسيلة انتقال خاصة من محل إقامته إلى مكان تلقية العلاج والعودة إلى محل إقامته، وإن امتناعها عن صرف هذه المبالغ يمثل قراراً إدارياً سلبياً مخالفاً لصحيح حكم القانونً.
وصدر الحكم برئاسة المستشار الدكتور محمد ماهر أبو العينين حسنين نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية المستشارين أشرف حسن أحمد حسن، إيهاب عاشور الشهاوي عبد العاطي، ناصر محمد عبد الموجود محمد النقيب، أحمد محمد أحمد الإبياري نواب رئيس مجلس الدولة.
واستندت المحكمة فى حيثيات حكمها إلى نص المادة 18 من الدستور المصرى الحالي والذى تضمنت أن لكل مواطن الحق في الصحة وفي الرعاية الصحية المتكاملة وفقاً لمعايير الجودة، وتكفل الدولة الحفاظ على مرافق الخدمات الصحية العامة التي تقدم خدماتها للشعب ودعمها والعمل على رفع كفاءتها وانتشارها الجغرافي العادل، وتلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومي للصحة لا تقل عن 3% من الناتج القومي الإجمالي تتصاعد تدريجياً حتى تتفق مع المعدلات العالمية.
كما تلتزم الدولة بإقامة نظام تأمين صحي شامل لجميع المصريين يغطي كل الأمراض، وينظم القانون إسهام المواطنين في اشتراكاته أو إعفائهم منها طبقاً لمعدلات دخولهم، ويجرم الامتناع عن تقديم العلاج بأشكاله المختلفة لكل إنسان في حالات الطوارئ أو الخطر على الحياة.
وتابعت الحيثيات، أن كفالة الرعاية الصحية وتقديم الخدمات الصحية يعد أحد أهم التزامات الدولة تجاه المواطنين إذا ما قامت مبررات وضوابط الالتزام به فإذا امتنعت الدولة عن الوفاء بهذا الالتزام فإن هذا الامتناع يشكل قراراً إدارياً سلبياً مما يجوز الطعن عليه بالإلغاء، وتناول المشرع بالتنظيم قواعد وإجراءات نظام علاج المواطنين على نفقة الدولة بما يضمن سريان هذا النظام على المصريين الذين لا تشملهم مظلة أي تأمين صحي أو علاجي عام أو خاص، وبعد التحقق من عجز المواطن مالياً عن مواجهة أعباء تكاليف علاجه، ويصدر القرار بعلاج أحد المواطنين على نفقة الدولة بعد التحقق من استحقاق المواطن لهذا العلاج.
وأشارت الحيثيات، إلى أنه لما كان انتقال المريض الصادر بشأنه قرار بالعلاج على نفقة الدولة من محل إقامته إلى المكان المخصص والمحدد لتلقيه العلاج والعودة إلى محل إقامته يمثل واقعاً لازماً لا يمكن فصله بحال من الأحوال عن ضرورة وحتمية تلقيه ما يحتاجه من العلاج والرعاية الطبية المقررة لحالته الصحية والتي يكشف عنها صدور قرار بعلاجه على نفقة الدولة، ومن ثم يكون التزام الدولة بأداء جميع نفقات انتقال المريض المستحق للعلاج بموجب قرار علاجه على نفقة الدولة من محل إقامته إلى مكان تلقيه العلاج والعودة إلى محل إقامته أمراً حتمياً ولازماً وإلا كان تقرير أحقية المريض للعلاج دون تحمل الدولة نفقات الانتقال المشار إليها ضرباً من العبث بل قد يحمل تهديداً بالخطر على حياة المريض، فإذا كان توفير العلاج والرعاية الصحية للمواطنين على نفقة الدولة حال تحقق موجباته وشرائطه هو أمر واجب على الدولة .
واختتمت الحيثيات، أن تحمل نفقات انتقال المريض لتلقي هذا العلاج على النحو المذكور يعد أيضاً أمراً واجباً على الدولة إذا ما قرر الطبيب ضرورة انتقال المريض سواء بمفرده أو بصحبة مرافق إلى مكان تلقيه العلاج والعودة إلى محل إقامته بوسيلة انتقال خاصة، وذلك طبقاً للقاعدة الأصولية التي تقضي بأنه ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، إذ لا يتم العلاج إلا بهذا الانتقال على نحو يضمن سلامة المريض وجدوى العلاج المقدم له، وبدون إلزام الدولة بتحمل نفقات هذا الانتقال لا يمكن القول بوفاء الدولة بالتزامها بعلاج المريض الصادر بشأنه قرار علاج على نفقة الدولة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة