جاء تصديق الرئيس عبد الفتاح السيسى ، على القانون الخاص بالتصالح فى بعض مخالفات البناء وتقنين أوضاعها، وصدوره فى الجريدة الرسمية ، ليوقف حالة الجدل ويضع اجابة واضحة وصريحة للسؤال الخاص بموقف الدولة من المبانى المخالفة، "هل ستشملها خطة المصالحة أم أن مصيرها هو الإزالة وتشريد ساكنيها؟" .
مواد هذا القانون وبنوده الــ11 تحمل فى طياتها مؤشرات ايجابية عديدة فهى تحافظ على الموازنة العامة للدولة ، من جهة وتحمى حق المواطن وهو الضحية أو "المجنى عليه" من جهة اخرى وذلك فى ظل حالة توازن حقيقية.
وبقراءة سريعة لمواد القانون سنجد انها وُضعت خصيصا لضمان حق المواطن والدولة ، على حد سواء دون الحاق ضرر بأى منهما، فى اطار من الشفافية والمصداقية، يبدأ بما نصت عليه المادة الثانية من القانون حيث جاء فيها تشكيل لجنة فنية برئاسة مهندس استشارى متخصص فى الهندسة الانشائية وعضوية اثنين على الأقل من المهندسين المعتمدين لدى الجهة الادارية أحدهما متخصص فى الهندسة المدنية والأخر فى الهندسة المعمارية وممثل عن وزارة الداخلية، ويتم تشكيل هذه اللجنة بقرار من المحافظ او رئيس الهيئة المختص.
هذا بالإضافة إلى أن القانون أيضا ينص فى المادة الثالثة منه على أنه يتم تقديم طلب التصالح، وتقنين الأوضاع خلال مدة لا تتجاوز ستة أشهر ، من تاريخ العمل باللائحة التنفيذية لهذا القانون، إلى الجهة الإدارية المختصة بتطبيق أحكام قانون البناء المشار اليه ، وهذه خطوة يترتب عليها وقف أى قرارات أو أحكام وإجراءات صادرة من قبل فى شأن الأعمال المخالفة محل الطلب الذى تم تقديمه لحين البت فى أمرها .
وحماية لحقوق المواطنين وحرصا على سلامتهم الزم القانون مقدم طلب التصالح وتقنين الأوضاع بتقديم تقرير هندسي من مكتب استشارى معتمد من نقابة المهندسين عن السلامة الانشائية للمبنى المخالف وغيرها من المستندات اللازمة للبت فى هذا الطلب ولم يكتف القانون بهذا فحسب بل الزم ايضا اللجنة الفنية التى يتم تشكيلها والمشار اليها فى المادة الثانية منه –سابقة الذكر- بإجراء معاينة ميدانية للموقع محل المخالفة .
وفى إجابة واضحة حول كيفية تحصيل مقابل التصالح الخاص بالمواقع المخالفة وتقدير قيمته ، نص القانون فى المادة الخامسة ،منه على انشاء لجنة أو اكثر فى كل محافظة ، تتولى تحديد مقابل التصالح وتقنين الوضع على أساس قيمة سعر المتر فى كل منطقة وتشكل هذه اللجنة أثنين من ممثلى الجهة الإدارية المختصة ، وأثنين من المقيمين العقاريين المعتمدين من هيئة الرقابة المالية ، وممثل لوزارة المالية " الهيئة العامة للخدمات الحكومية " على أن تقوم هذه اللجنة بتقسيم المحافظة إلى عدة مناطق بحسب المستوى العمرانى والحضارى وحالة توافر الخدمات على ألا يقل سعر مقابل التصالح وتقنين الأوضاع للمتر المسطح عن خمسين جنيها ولا يزيد على الفى جنيه ويجوز أيضا سداده على أقساط على النحو الذى تحدده اللائحة التنفيذية للقانون .
وأمام سلامة نية صاحب المخالفة وقيامة بتقديم طلب المصالحة مع الدولة ورغبته فى تقنين وضعه وسداد الرسوم المستحقة ومعاينة الموقع من قبل اللجنة الفنية والتأكد من سلامته الانشائية ، يصدر المحافظ أو رئيس الهيئة المختصة قرارا بإنقضاء الدعاوى المتعلقة بموضوع المخالفة وتحفظ التحقيقات الخاصة به وتوقف العقوبات التى كانت قد صدرت من قبل وهذا كله لا يترتب عليه أى مساس بحقوق الملكية لذوى الشأن .
واستمرارا لمراحل تقنين الأوضاع ، يتم اخطار شئون المرافق كالكهرباء والغاز والمياه والصرف الصحى ، بالقرار الصادر بقبول التصالح خلال الخمسة عشر يوما التالية لصدوره لاتخاذ ما يلزم فى هذا الشأن .
المواد السابقة وإن كانت تنص على كل ما يضمن حقوق المواطن ، فهناك بنود أخرى تتعلق بحقوق الدولة والنفع الذى سيعود على مواطنين أخرين جراء عمليات التصالح وتقنين أوضاع بعض حالات البناء المخالفة اذ نص القانون نفسه فى المادة الثامنة ، منه علىأن المبالغ المحصلة جراء عمليات التصالح والتقنين تذهب جميعها لخزانه الدولة ، حيث يتم ايداع نسبة 25 % منها لصالح مشروع الاسكان الاجتماعى والمشروعات التنموية ، و39 % تذهب لصالح مشروعات البنية التحتية من صرف صحى ومياه شرب وغيرها .
ولكن يبقى السؤال ماذا لو لم توافق اللجنة الفنية المنصوص عليها فى المادة الثانية ، من هذا القانون على طلب التصالح على المخالفة ، وماذا يحدث فى حالة عدم سداد قيمة مقابل تقنين الأوضاع خلال 60 يوما من تاريخ موافقة اللجنة ؟
فى هذه الحالات حدد القانون مجموعة من الحلول التى يتم اللجوء اليها ، حيث يصدر المحافظ أو رئيس الهيئة المختصة بحسب الأحوال قرارا بالرفض أو باستكمال الاجراءات التنفيذية اللازمة أو بتصحيح الأعمال المخالفة وفق أحكام قانون البناء المشار اليه ويتم استئناف نظر الدعاوى والتحقيقات الموقوفة وتنفيذ الأحكام والقرارات والإجراءات الصادرة فى شأن الأعمال المخالفة وقتها يصبح من حق الطرف المرفوض طلبه التظلم خلال 30 يوم من تاريخ إخطاره.
ولكن أمام المواد السابقة يبقى هناك مجموعة من المخالفات المرتكبة والتى يحظر التصالح بشأنها بل هى حق أصيل للدولة ، تستلزم توقيع العقوبة اللازمة على مرتكبيها، وهذه الحالات هى الأعمال المخلة بالسلامة الانشائية للبناء، التعدى على خطوط التنظيم المعتمدة وحقوق الإرتفاق المقررة قانونا، المخالفات الخاصة بالمبانى والمنشآت ذات الطراز المعمارى المتميز، تجاوز قيود الارتفاع المقررة من قبل سلطة الطيران المدنى او تجاوز متطلبات شئون الدفاع عن الدولة ، البناء على الأراضى المملوكة للدولة ما لم يكن صاحب الشأن قد تقدم بطلب لتوفيق أوضاعه وفقا للقانون ، البناء على الأراضى الخاضعة لقانون حماية الآثار وحماية نهر النيل وتغيير الاستخدام للمناطق التى صدرت لها مخططات تفصيلية معتمدة من الجهة الإدارية .
ومنذ أن تم طرح بنود القانون للمناقشة تحت قبة البرلمان ، سادت حالة من التأييد والتشجيع على إقراره خاصة وأنه يساعد على الإطمئنان على سلامة العقارات المخالفة وبالتالى الاطمئنان على صحة المواطنين، بالإضافة إلى أن الإيراد المتوقع من قيمة التصالح بعد إقرار القانون فى حدود 300 مليار جنية سيتم تخصيصها لصالح مشروعات البنية التحتية ومشروعات قومية أخرى بما يخفف على موازنة الدولة وفقا لما ذكره النائب محمد إسماعيل أمين سر لجنة الإسكان بمجلس النواب فى تصريحات سابقة لليوم السابع .
ومن جانبه يقول النائب إسماعيل نصر الدين ، عضو لجنة الاسكان بمجلس النواب: "هناك اعمال بناء وتشييد كثيرة تمت بالمخالفة للقوانين الموجودة والمعمول بها فى اوقات عديدة ، حيث كانت التراخيص التى تمنح غير متوافقة مع الصالح العام ، وفى نفس الوقت هذه المخالفات تمت فى فترة 25 يناير وما قبلها وبالتالى نقول ان التصالح امر ايجابى للغاية فيما عدة الحالات المحظور التصالح بشأنها وسيعود بالنفع على الدولة والمواطن على حد سواء "
ويضيف: "فمن ناحية سيتم تزويد الأبنية التى كانت تفتقر للخدمات الاساسية من مياه وكهرباء وغيرها من المرافق نتيجة مخالفتها من قبل والتأكد من سلامة المنشأة التى يقيم فيها ، ومن ناحية أخرى ستكون تلك الغرامات بمثابة مورد هام للدولة سيتم استغلاله فى تقوية البنية التحتية ومعالجة مشكلة العشوائيات والقضاء عليها وغيرهم من المشروعات القومية .
واتفق معه النائب أمين مسعود، عضو لجنة الإسكان قائلا ان هذا القانون الانتقالى ومدته 6 أشهر فقط جاء خصيصا لتقنين وضع قائم يصعب تغييره ولكنه لا يقنن لمخالفات قادمة والهدف منه تحصيل حق الدولة وحماية المواطن نفسه لان الابنية المخالفة بمثابة عبء على مرافق الدولة اذا تم تقنين وضعها سيتم تحديث شبكات المرافق والصرف الصحى والغاز والكهرباء. واختتم حديثه قائلا : لن تحدث ازالة الا فى حالة المبانى غير السليمة انشائيا ولا يجوز الاقامة فيها ، ولن يحدث اى حالات طرد او تشريد وسيكون كل فرد من افراد الشعب امنا فى بيته.