- مصر كانت على مشارف مستقبل مجهول تحت قبضة حكم الإخوان وأنقذها من ذلك ثورة 30 يونيو والجيش المصرى
- من يرفضون التعديلات الدستورية هم من يحنون لـ«عصر أوباما» وأعضاء جماعة الإخوان وأعوانها.. على أصدقاء مصر أن يدعموا حقها فى الاستقرار.. وبناء النظام القوى وتحقيق التنمية يتطلب المزيد من الوقت
- أعد كتابا عن السيسى يتناول تجربته فى الحكم منذ 2014 حتى الآن وسأنتهى منه قبل رحيل العام الحالى
- أتابع بشكل مكثف محاولات تشويه مصر والرئيس السيسى.. وأقول للمعترضين على تعديلات الدستور: سياسات الأمم وبناء أنظمتها ليست «لعبة قمار» والنظام المصرى يحتاج الوقت الكافى لاستكمال مشروعه
- على الغرب أن يتمتع بقدر من الحياء وألا ينصح بشىء لا يفعله وأحذر من «المافيا الأيديولوجية» وأولئك الذين يعطون دروسا للآخرين بغير حق
- نعارض الكثير من مواقف ترامب.. لكن موقفه من إيران يستحق الدعم لوقوفها وراء جميع أزمات الشرق الأوسط
- الإعلام الغربى يعانى ازدواجية واضحة والبعض تحدث عن قمع احتجاجات الجزائريين ولم يعلق على تعامل الأمن الفرنسى مع «السترات الصفراء»
- لا أتحدث باسم أحد لكن مصر تحتاج أن ننظر إلى تجربتها بموضوعية.. وعبد الفتاح السيسى قائد يمتلك مشروعا واعدا
- الجماعة كانت ترغب فى تأسيس نظام مشابه لحكم «ستالين».. واليمن يدفع ثمن مؤامرات أوباما على النظام
تختلف الشهادات حين تأتيك من الغرب، ومن أولئك الذين يتأملون الصورة من بعيد دون الغرق فى التفاصيل التى يمكن أن تخفى عنك رغم اقترابك تقييماً شاملاً، وتحجب عنك، رغم التصاقك بالمشهد مدى سلامة موقفك.. فالوضع فى مصر ورغم اصطفاف الجبهة الداخلية وراء قيادتها السياسية، يظل محاطا ببعض العقبات فى ظل استمرار الحرب ضد الإرهاب داخل وخارج الحدود وفى ظل الهجوم غير المبرر من بعض المنابر الإعلامية الغربية التى تمولها أطراف معروفة بهدف العودة بمصر إلى الوراء، وهو ما يجعل من «الإنصاف الغربى» فى تقييم التجربة المصرية، منذ 2013 وحتى الآن، أمرا نادرا.
من بين الأصوات التى تعبر عن ذلك «الإنصاف» المفكر والمؤرخ الفرنسى الكبير شارل سان برو، الذين أصدر قبل سنوات كتابا مهما عن مصر، ويعد حاليا لكتاب جديد عن الرئيس عبدالفتاح السيسى وتجربة مصر منذ عام 2014 وحتى الآن، والذى يرى أن مصر تستحق على حد وصفه الاستقرار والاستمرار، وأن هذا لن يتحقق ما لم يأخذ النظام السياسى القائم فرصته كاملة، وهو ما يتطلب المزيد من الوقت بطبيعة الحال.
وقبل أسابيع، فاجأ المفكر الفرنسى كثيرين داخل دوائر الإعلام الغربى الممول من دول بعينها والذى يتبنى خطاب جماعات الفكر المتطرف، والراغبين بعودة مصر إلى الوراء، بمقال هام نشرته العديد من وسائل الإعلام الفرنسية ومن بينها صحيفة «لو بوان»، أكد خلاله أن التعديلات الدستورية المقرر الاستفتاء عليها فى مصر هامة، لاستئناف مسيرة البناء التى انطلقت فى عهد الرئيس السيسي، مؤكداً أن من يحصرون تعليقاتهم على التعديلات الدستورية بالهجوم على المواد الخاصة بمدة الرئاسة يتجاهلون بشكل فج بقية التعديلات الخاصة بتمكين المرأة وغير ذلك.
وعلى مائدة «اليوم السابع»، وفى حوار هام للحديث عن مصر وتجربتها السياسية والاقتصادية، سألناه عن رؤيته لمستقبل القاهرة ومدى أهمية تلك التعديلات الدستورية، فأجاب أن مصر محظوظة برئيسها، واصفاً الرئيس السيسى بـ«ديجول مصر»، فى إشارة إلى تجربة الزعيم الفرنسى الشهير شارل ديجول الذى صنع لفرنسا نهضة حقيقية قادتها إلى مصاف الدول الكبرى، وتابع أن تجربة الرئيس السيسى تستحق أن يمنحها المصريون المزيد من الوقت لكى تؤتى ثمارها.
الحوار الموسع والشيق مع الكاتب الفرنسي، والذى شارك فيه الكاتب الصحفى والإعلامى خالد صلاح رئيس تحرير «اليوم السابع»، والدكتور أسامه نبيل رئيس قسم اللغة الفرنسية بكلية اللغات والترجمة جامعة الأزهر، امتد هذا الحوار ليشمل الحديث عن العديد من الملفات الإقليمية والدولية الهامة، والتى قدم خلالها «شارل» العديد من الآراء الجريئة دون مواربة وطرح خلالها رؤية واضحة لقضايا مصر والشرق الأوسط دون مجاملة..
وإلى نص الحوار:
شارل سان برو
: أود التأكيد على سرورى لكرم الضيافة، أنا أعد حالياً كتاباً عن التعديلات الدستورية ومستقبل مصر السياسى من خلال مرصد باريس للدراسات الذى أترأسه، وهذا المرصد مؤسسة بحثية كبرى تضم العديد من الأساتذة ذوى الثقافات والتخصصات المختلفة على صعيد العلاقات الدولية، وسبق أن أصدر هذا المرصد كتابا عن الدساتير العربية.
ونحن نتابع فى المرصد تجربة الإصلاح السياسى والاقتصادى فى مصر، ونتابعها عن كثب، كما نعتزم من خلال المرصد تنظيم العديد من الندوات والمحاضرات عن خطورة النزعات الانفصالية فى العالم العربى، وتأثيراتها على موارد وإمكانيات تلك الدول.
خالد صلاح: إلى أى مدى تشعر أن مصر تسير فى الطريق الصحيح فى ظل التعديلات الدستورية المرتقبة والتى نريد بها تحصين الاستقرار الذى تحقق، وما تم إنجازه منذ ثورة 30 يونيو؟
أنا متابع جيد للأوضاع فى مصر، وعاصرت العديد من المراحل السياسية الهامة، ففى الفترة التى تولت فيها جماعة الإخوان الإرهابية إدارة البلاد حاول مرشد الجماعة التواصل معى ولكنى رفضت، لأنى وجدت أن حديثهم «أحادى الجانب»، فهم لا ينصتون إلى أى رأى إلا ما يتوافق معهم، ويعتمدون على السمع والطاعة فقط.
خلال تلك الفترة، لاحظت أن الإخوان نظام سياسى خطير للغاية، كان يرغب فى تغيير كل المؤسسات والسيطرة عليها من وزارات وإدارات حكم بما فى ذلك «الشاويش»، وكانت مصر فى تلك الفترة على مشارف مستقبل مجهول وفى قبضة حكم استبدادى وديكتاتورى وهو ما لم يكن الشعب المصرى يستحقه على الإطلاق.
وبعد تتابع الأحداث فى مصر واندلاع ثورة 30 يونيو، ادعت جماعة الإخوان أن ما حدث كان انقلاباً إلا أن الجميع يعلم أنها ثورة شعبية عظيمة، جاءت لرفض النظام الاستبدادى الذى يشبه نظام «ستالين»، فكان لابد من وضع الدولة المصرية ومؤسساتها على الطريق الصحيح.
وفى مرحلة ما بعد حكم الإخوان، وفى دولة 30 يونيو، كان ضروريا أن يعلم الجميع أن الإصلاح والتغيير وإدارة الدولة بشكل جيد، كلها أمور لا يمكن أن تتم بـ«عصا سحرية»، وإنما يتطلب الأمر الصبر والعمل بشكل جاد، والمرحلة الأولى بعد هذا التحول كانت دستور 2014، والذى تم تطبيقه بناء على استفتاء شعبى.
والحقيقة أن عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى بدأ بإرادة شعبية وعبر انتخابات تابع العالم أجمع نزاهتها، واستطاع بعد وصوله السلطة تحقيق العديد من الإنجازات، وحاليا ترى الحكومة ومؤسسات الدولة أنه لابد من الانتقال إلى مرحلة ثانية، وهذا هو مكمن التعديلات الدستورية، وهدفها الرئيسى، ألا وهو الاستمرار والاستقرار.. استمرار الدولة المصرية وبقاؤها مستقرة.
وفيما يخص التعديلات الدستورية، أود التأكيد على عدة نقاط، فبعض وسائل الإعلام فى الولايات المتحدة وأوروبا تتحدث عن نقاط محدودة للغاية فى تلك التعديلات بهدف إثارة البلبلة، رغم ما تحمله تلك التعديلات من ضرورات ملحة، فعلى سبيل المثال تتحدث التعديلات عن تمكين المرأة وزيادة تمثيلها فى البرلمان، وكذلك الشباب والأقباط، واتخاذ تدابير عدة لحماية الأقليات، ورغم ذلك لم نجد من ينادون بحقوق المرأة فى الغرب يتحدثون عن تلك التعديلات، فهم لا يظهرون الآن للأسف.
وأنا أتابع بشكل مكثف محاولات تشويه ونشر معلومات مغلوطة ضد مصر والرئيس عبدالفتاح السيسي، وضد المؤسسة العسكرية المصرية بخلاف الحقيقة، وفيما يتعلق بالفترة الرئاسية وشروطها فى التعديلات الدستورية المرتقبة، فأنا باعتبارى رجل قانون قبل أى شىء لا أراها مخالفة، فمصر نظام رئاسى، وما تشهده سبق أن شهدته فرنسا فى الجمهورية الخامسة، خلال عهد شارل ديجول، والنظام المصرى يتميز بعلاقة قوية بين الرئيس وشعبه، فالشعب هو من يختار رئيسه بإرادته الكاملة.
وأود أن أذكركم بأن الأمر مشابه لما شهدته فرنسا فى عهد الجنرال شارل ديجول الذى أرسى دستورا جديدا خلال فترته الرئاسية، ولكنه لم يحدد فترات الرئاسة مكتفيا بتحديد سنوات الولاية بواقع 7 سنوات، وكان ذلك الدستور نواة لتأسيس نظام قوى ومستمر مكن الفرنسيين من التغلب على مشكلاتهم وإجراء إصلاحات فى فترة الستينيات والسبعينيات من القرن الماضى.. فى تلك الفترة استطاعت فرنسا تدشين قطار فائق السرعة، محطة نووية ومشروعات كبرى وغير ذلك الكثير.. وكان على الجميع حينها أن يدرك أن النظام الحاكم فى حاجة لأن نمنحه فترة من الزمن لكى يستطيع تحقيق أهدافه، والأمر فى مصر مماثل، فالدولة المصرية تمر بنفس الموقف، وعلى الجميع إتاحة فرصة كافية من الوقت لكى يستطيع النظام الحاكم تحقيق أهدافه، فهدف الرئيس السيسى هو الوصول إلى عام 2030 بنظام قوى ومتماسك، مصر تأخرت كثيراً بسبب الاضطرابات، والآن الرئيس السيسى يحاول أن يضعها على الطريق الصحيح، وذلك يستلزم مساحة كافية من الوقت، لذلك جاءت مطالب تعديل الدستور.
أما المعترضون على تلك التعديلات، فعليهم أن يعلموا أن المشكلة لا تكمن فى تغيير الوجوه كل أربع سنوات، فسياسات الأمم والدول الكبرى ليست «لعبة قمار» وإنما أسس وضوابط راسخة، ولتأسيس ذلك علينا أن نمنح نفسنا الوقت الكافى، وعلينا أن نعتبر بما جرى فى الولايات المتحدة فى فترة باراك أوباما، فقد اتبع سياسة كارثية يحاول حالياً الرئيس دونالد ترامب تغييرها بشكل جذرى، وربما يأتى بعد ترامب رئيس آخر بتعديلات جديدة، وهذا لا يساهم بأى شكل من الأشكال فى دعم الاستقرار، وفى تأسيس نظام قوى وراسخ، فالدول لا بد أن تسير فى مسارات آمنة وأكثر استقراراً.. حالياً، مصر لديها فرصة تاريخية لكى تعمل من أجل مستقبل أفضل، لذلك أنا أؤيد بشدة تعديلات الدستور.. وأصدقاء مصر عليهم ألا يسمحوا بسقوطها فى الفوضى، وأصدقاء مصر عليهم ألا يعترضوا على تلك التعديلات، فنحن نريد لمصر الاستقرار والاستمرار.
وأرى أن التعديلات الدستورية تتطرق كذلك للمؤسسة العسكرية فهى حامية وحارسة البلاد، وتحترم أيضاً دولة القانون، وأنا مندهش من اعتراض البعض على ذلك، فهؤلاء يرغبون فى الدفع بمصر إلى حالة من الفوضى لأنهم يعترضون بأرائهم المعيبة على الأسس التى تدعم مصر وتؤمن تقدمها ورخاءها المنتظر، وأريد أن أقول لأصحاب تلك الأيدولوجيات «إنكم تعطون دروسا وأنتم منفصلون تماماً عن الواقع».
على سبيل المثال بعض المنظمات الأهلية ووسائل الإعلام تسعى لنشر الفوضى فى فرنسا، فمؤخراً شاهدت قناة فرنسا 24، وتحدثت القناة عن الجيش الجزائرى وادعت أنه ألقى قنابل غاز على المتظاهرين، ولكن القناة نفسها لم تتحدث أبداً عن إقدام الشرطة الفرنسية على الفعل نفسه مع متظاهرى السترات الصفراء، ومنذ أسابيع تظاهر الجزائريون دون أن يكون هناك ضحايا أو جرحى، لكن حينما تظاهر فرنسيون كانت النتيجة سقوط 4500 مصاب بينهم من تم تشويهه وفقد عينيه وأصيب بإصابات بالغة الخطوة.. وأقول فى هذا الشأن الغرى، فهم يريدون دائما أن يعطوا دروسا، لكن علينا ألا نلتفت لمن يحاولون إعطاءنا تلك الدروس، فهم ليسوا قدوة على الإطلاق.. ويومياً هناك فى الغرب حالات فساد، وأصحاب تلك الحالات هم أنفسهم الذين يخرجون ليقولوا للآخرين: «أنتم فاسدون».. وأرى أنه على الغرب أن يتمتع بقدر من الحياء وألا ينصح بشىء لا يفعله، لأن ما يتم حاليا لا يمكن وصفه إلا بأنه «فكر استعمارى» غير مقبول، وهناك «مافيا أيديولوجية» تقوم بالضغط بكل قوتها لكى تفرض أفكارها وصوتها ومعتقداتها فقط دون غيرها، أحد أوجه تلك «المافيا» كان كاتب لبنانى مسيحى، قرأت مقالاً له فى صحيفة «لوموند» الفرنسية أثناء رحلتى إلى القاهرة، يزعم ويدعى خلال مقاله أن مصر هى الأب الروحى للحزب الإسلامى فى الجزائر والسودان، وشاهدت نفس هذا الشخص المجهول الذى لا يعرفه أحد فى التليفزيون ويقدم نفسه على أنه باحث ويحمل الجنسية البريطانية ينتقد دون علم ويقدم آراء مغلوطة عن مصر.
محمد مجدى السيسى: هناك تشويه ممنهج ضد التعديلات الدستورية.. فى رأيك من هم أطراف هذا التشويه وماذا لو كانت فرنسا تواجه موقفا مماثلا، فكيف كانت الدولة ستتحرك للتعامل معه؟
إننا نعلم جيدا من يشوهون الصورة، إنهم هؤلاء الذين يحنون لعصر الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما.. وأعضاء جماعة الإخوان وأعوانها، وهؤلاء يرون أن أوباما جزء من مجموعتهم، وللأسف يوجد فى فرنسا قطاع كبير يفكر بالطريقة نفسها، وهم يتصرفون بطريقة منظمة ويسردون ويقولون أى شىء مخالف للواقع، ولكن بشكل مرتب يوحى بالجدية، ومثل هؤلاء لا يتحدثون عن الإيجابيات فى مصر، وبالتأكيد لن يتحدثوا عن الدستور وتعديلاته بشكل محايد رغم تأكيده على حماية الأقليات وتمكين المرأة وغير ذلك.
وهناك أمر هام فى التعديلات الدستورية، فهى تتحدث عن إنشاء غرفتين للبرلمان، واللافت أن أيا من المهاجمين لتلك التعديلات لم يتطرق لتلك النقطة على الإطلاق رغم أهميتها، فوجود مجلس للشيوخ أمر هام، فهذه الغرفة البرلمانية تتحرك بشكل أكثر هدوءًا وبمعزل عن الضغوط التى تواجه مجلس النواب وأعضاءه، كما أن أعضاء مجلس الشيوخ يتم اختيارهم من ذوى الكفاءات والقيمة العالية.
فيما يخص الوضع فى فرنسا، وما إذا تعرضت لحملات مماثلة، أريد أن أذكر أن باريس تعرضت بالفعل لموقف مماثل فى فترة حكم شارل ديجول، كانت بلادنا فى ذلك الحين فى حالة بالغة السوء، وحاول كثيرون الهجوم على شارل ديجول، إلا أنه تمكن فى نهاية المطاف من بناء نظام قوى ودولة قوية، لكن الآن، للأسف إننا نعيش مع قيادة «غير جادة»، وأنا مهموم وأشعر بالقلق على مستقبل فرنسا.
إنجى مجدى: بشكل دائم، تنقل وسائل الإعلام الأمريكية صورة إيجابية عن جماعة الإخوان، لماذا يحدث هذا فى رأيك؟
هناك فقط ثلاث صحف هم من يروجون أفكار الإخوان، للأسف هى الأشهر.. لكن هناك العشرات من وسائل الإعلام الأمريكية لا تفكر بنفس المنهج، من بينها ما تمثل اليسار الذى لا يتبنى وجهة النظر نفسها.
رانيا علوى: نعلم أنك زرت القاهرة مرات عدة، ما الذى تراه مختلفاً فى زيارتك الأخيرة؟
الوضع فى مصر الآن أفضل كثيرا من قبل، هناك استقرار لا يمكن إغفاله مقارنة بالعديد من الدول، فالأوضاع الآن مستقرة عما هى عليه فى فرنسا وحاليا بدأت السياحة تتزايد والمزيد من السائحين يزورون مصر بفضل تحسن الوضع الأمنى بشكل ملموس.
علمنا أنك بصدد إصدار كتاب جديد عن الرئيس عبد الفتاح السيسي، حدثنا عن التفاصيل وموعد صدوره؟
الكتاب يتحدث بشكل محايد عن إنجازات الرئيس السيسى فى الفترة من عام 2014 وحتى الآن، ومن المتوقع صدوره قبل نهاية العام الجارى. وأنا أحاول من خلال هذا الكتاب دراسة تجربة مصر سياسياً واقتصادياً، وكيف استطاعت الدولة المصرية فى تلك الفترة إرساء دعائم الاستقرار والنظام القوى القادر على قيادة مشروع التنمية.
أحمد علوى: حدثنا عن تقييمك لتجربة مصر فى الإصلاح الاقتصادى، وفى رأيك ما الذى تحتاجه الدولة المصرية لتحقيق النهضة الشاملة؟
مصر تواجه مشكلة مثل الكثير من الدول العربية وهى المشكلة الديموغرافية وزيادة عدد السكان، ولكن المؤشرات الاقتصادية حالياً جيدة، فضلاً عن أن اكتشاف حقول الغاز ستفتح مجالات جديدة لدعم الاقتصاد، والرئيس السيسى يرغب فى أن تكون مصر مستقلة اقتصادياً وإذا تحقق ذلك، فستصل مصر إلى مرحلة النهضة الشاملة، لكن ذلك لن يكون ممكناً ما لم يكن هناك استغلال جيد لموارد مصر من غاز وبترول، بخلاف قناة السويس ومشروعاتها، فضلاً عن ضرورة استمرار برنامج الإصلاح، والإيمان بأن العمل فقط هو ما سيحقق تلك النهضة.
محمد مجدى السيسى: استخدمت تعبيرا جيدا، وهو «المافيا الأيديولوجية».. ألا تخشى أن تهاجمك تلك المافيا لدعمك لمصر؟
أنا لست متحدثا باسم أحد، ولكن مصر تحتاج حاليا إلى الاستقرار والاستمرار، يجب النظر إلى ما يحدث فى مصر بموضوعية، فمصر لديها قائد واضح هو الرئيس عبد الفتاح السيسي، والحقيقة أن المصريين مختلفون تماماً عما يظهر على الكاميرات ووسائل الإعلام الغربية، المصريون يريدون الاستقرار والبناء والأمن، وتلك هى أساسيات التنمية، فلا تنمية فى مناخ من الفوضى، والحقيقة التى لا يجب أن ينكرها أحد أن المصريين اختاروا بملء إرادتهم الاستمرار مع قائدهم السيسى.
أحمد جمعة: هل ترى أن فرنسا تصوب الخطأ الذى ارتكبه الناتو لإسقاط القذافى عام 2011 بدعمها الحالى لعمليات الجيش الليبى ضد الميليشيات؟
فيما يتعلق بليبيا، الرئيس الفرنسى الأسبق نيكولاس ساركوزى قرر التخلص من نظام القذافى وكان له حق فى ذلك، وخصوصا بسبب سياسة القذافى الموجهة ضد فرنسا التى لها مصالح فى القارة الأفريقية، ومناهضة القذافى للمصالح الفرنسية دفعت ساركوزى للتخلص من هذا النظام، أما من يتحدثون عن تمويل القذافى حملة ساركوزى الانتخابية، فهم يتحدثون بلا دليل، ويتحدثون عن مجرد ادعاءات ويتعاملون مع هذا الملف بشكل سطحى للغاية.. وأريد التأكيد على أن كل من يمول حملات فى فرنسا أو ألمانيا أو الولايات المتحدة لأهداف سياسية، فإن تلك الأموال ببساطة لن تعود، وهذا التصرف إهدار للوقت والمال دون جدوى. وأنا أنصح الدول العربية وأنظمة الحكم العربية بالاحتفاظ بأموالهم لشعوبهم وألا يعطوها لأى سياسيين فى الخارج.
ختاماً، أود التأكيد على أن ساركوزى والناتو تخلصا من القذافى لأنه لم يكن نظاماً جيداً، ولم يوفر خدمات لمواطنيه، أو تعليما جيدا، وسبق أن التقيت طلابا ليبيين كان مستواهم العلمى غاية فى السوء بسبب ذلك النظام الذى أنفق المليارات على «النهر الأخضر»، بدلاً من أن يدعم شعبه.. ليبيا لديها احتياطات ضخمة من النفط والغاز، ورغم ذلك كان الليبيون يضطرون إلى الذهاب لدول مثل تونس ليعيشوا حياة كريمة، والقذافى لم يكن حاكما جيدا، لذا تم التخلص منه.
هل يشهد الملف الليبى صراعا من وراء الستار بين فرنسا وإيطاليا.. وهل تؤثر خلافات الاتحاد الأوروبى على هذا الملف وغيره من ملفات الشرق الأوسط؟
إيطاليا تدعم فائز السراج، رئيس المجلس الرئاسى الليبى، أما نحن فى فرنسا فندعم الحل السياسى الموقع فى مدينة الصخيرات، ونحن كذلك نعترف بالمجلس الرئاسى فى ليبيا ونتعاون مع كافة الأطراف فى المشهد الليبى بشكل محايد، واستضافت فرنسا مؤخراً مؤتمر فى باريس لتقريب وجهات النظر بين حفتر والسراج فنحن نسعى لتجنيب الليبيين النزاعات العسكرية قدر الإمكان.
أما ما يخص الاتحاد الأوروبى، وما إذا كانت الخلافات الداخلية فى هذا التكتل تؤثر على الملف الليبى وقضايا الشرق الأوسط بشكل عام، فدعنى أؤكد أنه لا يوجد شىء اسمه السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبى، هناك فقط فرنسا وألمانيا وإنجلترا، و«آخرون» داخل هذا الاتحاد.
إيمان حنا: يعانى الشرق الأوسط من أزمات عدة، فى رأيك من هم اللاعبون الرئيسيون فى المنطقة على المستوى الإقليمى والدولى؟ وما هو تعليقك على قرار الكونجرس الأمريكى بوقف دعم واشنطن لقوات التحالف العربى فى اليمن؟
ما يحدث فى الجزائر واليمن وغيرهما من دول الشرق الأوسط هو نتاج للاضطرابات التى شهدتها المنطقة قبل سنوات.. وأريد التأكيد بداية على انه لا يوجد شىء اسمه «الربيع العربى»، هذه مزحة سخيفة أطلقها رجل الأعمال والسياسى الأمريكى جورج سورس.
واليمن تدفع حاليا ثمن علاقة على عبدالله صالح مع نظام باراك أوباما، وما يشهده اليمنيون حالياً هو من تدبير نظام أوباما الذى تآمر مع الإخوان، بعدما عمت الفوضى أراضى اليمن، تم منح ناشطة يمنية مشبوهة جائزة نوبل بدعم وتمويل من الولايات المتحدة.
وقبل سنوات طويلة، كانت اليمن تعيش فى هدوء وأمان، وكنت أتنقل بين مدنها بالسيارة دون قلق، لكن الآن، عمت الفوضى كافة أنحاء هذا البلد ما بين قبائل وقوات انفصالية وميليشيات مدعومة من إيران وغير ذلك من الكيانات التى تحاول الترويج أن التحالف العربى يقصف المدنيين ويستهدفهم، وهذه الادعاءات «بروباجندا» لا يمكن قبولها، وأتمنى أن ينحاز الرئيس الأمريكى دونالد ترامب فى نهاية المطاف للخيارات التى تدعم حق اليمنيين فى الحياة، فلا يمكن وقف الدعم الأمريكى للتحالف العربى لصالح الجانب الآخر المنتمى لإيران، فالأخيرة احتلت العراق وسوريا ولبنان وتريد أن تسيطر كذلك على اليمن، وفى النهاية إيران سبب رئيسى لعدم الاستقرار فى المنطقة.
فى النهاية، يمكننا أن ننتقد مواقف ترامب فى الكثير من الملفات، نرفض قراره فيما يخص القدس والجولان وغيرها، لكن فيما يتعلق بموقفه من إيران فهو محق، فمنذ ثورة إيران عام 1979، تحولت ايران إلى أن تصبح مشكلة الشرق الاوسط. وفيما يتعلق بالتطرف الدينى، فإيران هى من مولت هذا التطرف ودعمت فكر سيد قطب، وهى الدولة الوحيدة التى أصدرت طابع بريد يحمل صورته.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة