تشير المعطيات فى معركة تحرير طرابلس إلى صعوبة المعركة التى يخوضها الجيش الوطنى الليبى ضد مليشيات مسلحة متحالفة مع جماعات متطرفة داخل طرابلس، وهو ما يهدد أمن واستقرار الشمال الأفريقى بسبب الخطيئة التى ارتكبتها تلك المليشيات للحفاظ على وجودها فى العاصمة الليبية.
واستفادت المليشيات المسلحة من حالة الانقسام السياسى بين الأطراف الليبية فى الشرق والغرب للتشويش على عملية الجيش الوطنى الليبى، وترويج خطاب عدائى للمكونات الاجتماعية الليبية فى المنطقة الشرقية ومحاولة الوقيعة بين قبائل برقة ونظيرتها فى طرابلس، وذلك بهدف حشد قبائل المنطقة الغربية ضد الجيش الليبى ومحاولة تصوير المعركة على كونها معركة قبلية تسعى خلالها قبائل برقة من بسط نفوذها على البلاد، إلا أن البيانات الصادرة عن قبائل طرابلس وخاصة ترهونة فند الادعاءات التى روجتها المليشيات المسلحة.
التمويل والدعم
تختلف الطبيعة الجغرافية لمدينة طرابلس التى ترتبط بحدود مع تونس والجزائر وارتباط قادة المليشيات فى العاصمة باتصالات مع عناصر فى حركة النهضة التونسية جماعات إسلامية فى إحدى دول الجوار الليبى، فضلا عن سيطرة المليشيات المسلحة فى طرابلس على المطار الوحيد الذى يعمل فى العاصمة وهو مطار معيتيقة، بالإضافة لارتباط طرابلس بحدود بحرية يمكن من خلالها تلقى الدعم المالى واللوجيستى.
وتتخوف دول الجوار الليبى من دمار العاصمة طرابلس بسبب سلوك المليشيات التى تستخدم الأسلحة الثقيلة والصواريخ التى تسقط بشكل عشوائى على منازل المدنيين فى العاصمة الليبية، وتحول العاصمة طرابلس لنموذج مشابه لمدينة إدلب السورية التى تحالفات فيها مليشيات مسلحة مع جماعات إرهابية ومولت بعض الدول الإقليمية ومنها قطر وتركيا لهذه العناصر بالمال والسلاح، فضلا عن دفعها بإرهابيين ينتمون إلى جبهة النصرة الإرهابية.
وتعتبر مدينة مصراتة هى خط الإمداد الرئيسى للمليشيات المسلحة المتواجدة فى طرابلس سواء ماليا أو لوجيستيا، وتشن طائرات مصراتة غارات جوية على تمركزات الجيش الليبى وهى الغارات التى تفشل فى استهداف القوات المسلحة بسبب استخدام مليشيات مصراتة لطائرات تدريبية تفشل فى توجيه الضربات بشكل دقيق لتمركزات قوات الجيش الليبى.
مصراتة فى معادلة طرابلس
تدرك المليشيات والكتائب المسلحة فى مدينة مصراتة خطورة سيطرة الجيش الوطنى الليبى على العاصمة، لذا دفعت بعدة كتائب مسلحة لدعم المليشيات المسلحة فى طرابلس وأبرزها لواء المحجوب وكتيبة الحلبوص الأكثر تسليحا والدفع بعدد من المستشارين لقيادة المعركة فى طرابلس، وممارسة ضغوط كبيرة على المجلس الرئاسى الليبى برئاسة فائز السراج لتخصيص مليارى دينار دعما للمليشيات المسلحة.
وارتكبت طائرات مصراتة جرائم بحق المدنيين فى ضواحى العاصمة طرابلس بضرباتها الجوية العشوائية التى استهدفت منازل لمواطنين أبرياء، وذلك لعرقلة تقدم قوات الجيش الليبى نحو وسط العاصمة وهى المهمة الرئيسية للقوات المسلحة الليبية التى تتقدم صوب طرابلس للقضاء على المليشيات.
وتعد تركيا وقطر وإيطاليا أبرز الدول الداعمة لمدينة مصراتة التى تتواجد بها أغلبية تنتمى إلى جماعة الإخوان الليبية، وتمتلك المدينة ترسانة أسلحة ضخمة مخزنة منذ عام 2011 بعد سقوط نظام القذافى، فضلا عن الدعم الكبير التى تتلقاه المدينة عبر مطار مصراتة الذى تسيطر المليشيات المسلحة عليه.
خيارات لحل الأزمة
تحتاج الأزمة الحالية التى تشهدها ليبيا تحركات سريعة للتوصل لحل يرضى كافة الأطراف خاصة مع تصاعد العمليات العسكرية، ومحاولة المليشيات المسلحة خلط الأوراق فى طرابلس بالتحالف مع جماعات متطرفة لصد هجوم الجيش الليبى، وهو ما يحتاج لوضع رؤية واضحة للحل.
ومن أهم النقاط التى يجب توافرها لحل الأزمة هو الحفاظ على استقرار وأمن ليبيا ومنع تسلل أى عناصر أجنبية إلى داخل البلاد، وتفعيل اتفاق الزاوية الموقع برعاية الأمم المتحدة لتنفيذ الترتيبات الأمنية فى طرابلس، وتوقيع اتفاق توحيد المؤسسة العسكرية الليبية ووضع خارطة طريق لانجاز الاستحقاقات الانتخابية في البلاد، وتوحيد كافة جهود الأطراف الليبية لمكافحة الإرهاب وملاحقة الجماعات الإرهابية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة