أطماع"ورش الدرفلة" تهدد بتشريد 30 ألف عامل وتكبيد الدولة 40 مليار جنيه سنوياً..ممارسات سماسرة الحديد تشعل النار فى 100 مليار جنيه استثمارات و7.5 مليون طن حديد محلى.. وتبدد ملايين الدولارات فى مضاربات على البليت

الثلاثاء، 16 أبريل 2019 11:00 ص
أطماع"ورش الدرفلة" تهدد بتشريد 30 ألف عامل وتكبيد الدولة 40 مليار جنيه سنوياً..ممارسات سماسرة الحديد تشعل النار فى 100 مليار جنيه استثمارات و7.5 مليون طن حديد محلى.. وتبدد ملايين الدولارات فى مضاربات على البليت عمرو نصار وطارق قابيل وحديد
حازم حسين

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

- مستوردو الحديد يضغطون على حكومة نظيف فى 2008 لإغراق السوق بالحديد تام الصنع.. والسماسرة يشنون حرباً على وزير الصناعة فى 2019 للقضاء على المصانع الوطنية

- 25% فقط حجم القيمة المضافة من الدرفلة و5% استثمارات قياساً على المصانع المتكاملة.. وعمالة إجمالية أقل بـ80%

 

- مئات الآلاف من الأطنان فى مخازن المصانع الوطنية وخسائر 120% خلال 2018.. وصفقات ضخمة مع تركيا وأوكرانيا والصين لتوريد ملايين الأطنان من البليت وبلاطات الصلب بأسعار أقل 50% من تكلفة إنتاج الحديد محلياً

 

- «ورش الدرفلة» تستثمر 5 مليارات جنيه وتحقق أرباحاً تتجاوز 15 ملياراً وتتلاعب فى التعاقدات لإدخال الحديد شبه المصنع باعتباره «مواد خام»

 

- تكلفة إنشاء ورشة درفلة لإنتاج مليون طن حديد لا تتجاوز 20 مليون دولار مقابل 10 مليارات جنيه للمصنع المتكامل بأربعة أضعاف القيمة المضافة و6 مرات حجم العمالة

 
لا تبدو الصورة مُشرقة للأسف، سوق صغيرة نسبيا لا تتجاوز احتياجاتها 7.5 مليون طن سنويا، وإنتاج محلى يتجاوز 7 ملايين طن كاملة الإنتاج، بحسب بيانات رسمية للاتحاد الدولى للصلب فى 2018، تضمن الاكتفاء الذاتى من الصلب عبر عدد من المصانع الكبرى وعشرات من خطوط الإنتاج وآلاف العمال، باستثمارات 100 مليار جنيه، لكن تُزاحمها كميات مقاربة وآخذة فى التنامى من خلال الصناعات التحويلية وعمليات الدرفلة، وفى عمق الصورة تبزغ وتتضخم أطماع فريق من السماسرة والمضاربين الذين يحاولون التوسع وتعظيم العوائد والأرباح الشخصية على حساب القدرات الإنتاجية المحلية، وتعزيز حصة الواردات تامة الصنع وشبه المصنعة مقابل تقليص حصة الصناعة الوطنية وحصارها، وربما القضاء عليها مستقبلًا مع عجز المصانع الوطنية عن تصدير كامل إنتاجها أو بيعه محليًا، وفى سبيل تلك الأطماع لا يتورعون عن اللجوء إلى كل الممارسات المتاحة للمزايدة على الدولة وغلّ أيديها وحصار الجهود والإجراءات الحمائية التى تلجأ إليها لمساندة مستثمريها وعمالتها وصناعتها الوطنية، بدءًا من الالتفاف على القرارات السابقة باستغلال الثغرات المتاحة والتحايل على مراحل الإنتاج وإبرام عقود توريد تحيط بها شبهات المضاربة والإغراق، وصولًا إلى تزييف الحقائق واختلاق معلومات مضللة ولا أساس لها.
 
تقول منظمة التجارة العالمية فى تقرير بثته عبر موقعها الإلكترونى، إن الحكومة المصرية أخطرتها بتعرض السوق المحلية لممارسات غير عادلة وغير تنافسية، تهدد صناعة الحديد الوطنية، وتمثل إغراقا متعمّدًا يضرّ بالاقتصاد ومؤشرات النمو، ويُهدد الاستثمارات القائمة وما يرتبط بها من عمالة وحلقات وسيطة وعمليات إنتاج وتسويق، وفى ضوء ما أثبتته تحقيقات وزارة التجارة والصناعة بشأن تلك الممارسات المنحرفة، أصدر الوزير طارق الملا، قرارًا بفرض رسوم حمائية مؤقتة بواقع 15% على واردات البليت، و25% على واردات حديد التسليح، لمدة 180 يوما لحين انتهاء التحقيقات الجارية والتوصل إلى نتائج نهائية بشأن زيادة تدفق الواردات وتعاظم عمليات الإغراق المنظمة من جانب بعض المستوردين والمستثمرين المحليين. لكن رغم ما بثته المنظمة، وتحرك الحكومة المصرية فى إطار الأعراف والإجراءات المنظمة للتجارة الدولية، هبّ فريق المنتفعين من الأوضاع القائمة طاعنا فى القرار وملمحا على خلاف الحقيقة إلى اتخاذ مصر إجراءات حمائية غير قانونية، وامتد الأمر إلى ممارسة ضغوط قوية تقترب من الابتزاز لإجبار وزير الصناعة على التراجع عن قراره، فى عملية تحايل كاملة لا تنحاز فقط للمصالح الشخصية، وإنما تضرب المصالح الوطنية العليا فى العمق، فيما يبدو أنه موقف عمدى من جانب مافيا الواردات ورواكد الصلب العالمية.
 
ركود-فى-اسواق-الحديد-بمصنع-عز--احمد-معروف--3-9-2016-(1)
ركود فى اسواق الحديد بمصنع عز
 

من التحايل إلى الابتزاز

 
قضت سوق الصلب المصرية سنوات طويلة بدون رقابة أو حماية من الدولة. ما سمح للمستوردين والسماسرة والمضاربين بإغراق البلاد بملايين الأطنان المستوردة من دول منشأ رخيصة وقليلة الجودة، واستمر الأمر منذ نجاح المستوردين فى الضغط على حكومة أحمد نظيف فى العام 2008 والوصول بالرسوم الجمركية والضريبية على واردات البليت وبلاطات الصلب وحديد التسليح إلى صفر بالمائة تقريبًا، حتى تعاظم المشهد وتكبدت المصانع الوطنية خسائر فادحة اضطرت وزير الصناعة طارق قابيل، لإصدار قرار حمائى فى 6 ديسمبر 2017 بفرض رسوم على واردات الحديد تامة الصنع لمدة خمس سنوات، لكن القرار لم يُنه حالة الانفلات القائمة، إذ لجأ السماسرة والمضاربون إلى فتح منفذ بديل للتحايل على القرار.
 
كان القرار السابق يقضى بفرض الرسوم الحمائية النهائية على واردات الصلب تامة الصنع، وحتى يفلت فريق السماسرة من قبضتها تفتقت أذهانهم عن استيراد الصلب بعد المرحلة الثالثة من الإنتاج، وقبل سبكه وتشكيله فى صورته النهائية، فبدلًا من دخوله فى صورة حديد تسليح وألواح صلب وهى المرحلة الرابعة بعد الاختزال والصهر والصبّ، بدأت تدفقات الواردات تأخذ مسارًا آخر من خلال استيراد كميات ضخمة من البليت وبلاطات الصلب، وتشغيل مصانع الدرفلة فى المرحلة الرابعة لتخرج منتجًا نهائيًا، وهو الأمر الذى وفر للعاملين بتلك الطريقة قرابة 85% من العمالة المطلوبة فى نشاط صناعة الصلب، وحوالى 95% من التكلفة الاستثمارية، مع تحقيق متوسط أرباح بين 60 و70% مقابل خسائر تتجاوز 100% للمصانع المتكاملة، والأهم أنه حرم مصر من 75% من القيمة المضافة التى توفرها المصانع المتكاملة مقابل 25% فقط تضيفها مرحلة الدرفلة.
 
المزايا الاستثمارية وحجم الأرباح وفق الصيغة الجديدة دفعت عددًا من مصنعى الحديد السابقين للتخلص من مصانعهم، وتدشين مصانع درفلة لإنجاز المرحلة الرابعة من الإنتاج بأرباح تقترب من القيمة الاستثمارية ورأس المال، بفاتورة لا تتجاوز 5% من تكلفة المصانع الوطنية. وفى حقيقة الأمر فإن مصانع الدرفلة ليست مصانع بالمعنى الحقيقى، وإنما هى أقرب إلى ورش تشكيل المعادن، بخطوط إنتاج ضخمة نسبيًا لا تتجاوز تكلفتها 20 مليون دولار للطاقة الإنتاجية البالغة مليون طن سنويًا، تقابلها 10 مليارات جنيه تكلفة المصنع المتكامل لإنتاج الكمية نفسها، وبشكل إجمالى فإن حجم استثمارات الدرفلة فى مصر لا تتجاوز 5 مليارات جنيه موزعة على عشرات المصانع والورش، يتزعمها أحد المصنعين السابقين، بعمالة إجمالية 4 آلاف عامل، فى مقابل 30 ألفًا يعملون فى المصانع المتكاملة باستثمارات تتجاوز 100 مليار جنيه.
 
مرحلة التحايل التى انتهجها السماسرة وأصحاب ورش الدرفلة باتت مهددة بقوة بعد قرار وزير الصناعة عمرو نصار الصادر السبت الماضى، وبينما كان متوقعا أن يتحرك هذا الفريق لمواجهة القرار مع بدء ظهور آثاره، وانتهاء شحناتهم الجديدة والمخزون الضخم فى مصانعهم ومخازنهم، كانت خطوة المواجهة أسرع مما توقع الجميع، فبدأ الهجوم فى يوم صدور القرار مباشرة، وتوسعت التحركات فى اليوم التالى عبر تنظيم مؤتمرات وندوات ولقاءات ثنائية وموسعة بين كبار اللاعبين فى سوق سمسرة الصلب، وإصدار بيانات تتضمن هجوما مباشرا على الوزير، وتلاعبا واضحا فى الأرقام الإجمالية للاستثمارات والأعمال، أبرزها ادعاء تسجيل استثمارات الدرفلة 50 مليار جنيه فى وقت لا تتجاوز فيه الـ5 مليارات، مع تضخيم حجم العمالة وتقليص أرقام الإنتاج والحصة السوقية، للإيحاء بأن تلك الأنشطة الشرهة والمحاطة بشبهات التربح غير الشرعى لا تشكل خطرا حقيقيا أو إضرارا مباشرا بالصناعة الوطنية.
 
طارق-قابيل-تصوير-حسين-طلال
طارق قابيل
 

«التجارة العالمية» تدين السماسرة

 
ادعاءات سماسرة الصلب والمضاربين على رواكد الحديد العالمى لا تتصادم مع البيانات والمؤشرات الرسمية، واستخلاصات التحقيقات ولجان الفحص الفنية التى شكلتها وزارة الصناعة فقط، وإنما تجافى الحقائق التى تضمنها تقرير منظمة التجارة العالمية حول القرار. إذ قالت المنظمة عبر موقعها، إن الزيادة الحادة فى تدفقات الصلب على مصر مثلت ضغطا على الصناعة المحلية وأصابتها بأضرار جسيمة، بدت واضحة فى انخفاض حجم المبيعات وتراجع حصة المنتجات المحلية تامة السوق قياسا على إجمالى الاستهلاك، مقابل زيادة حصص الواردات المنتجة من خلال الحلقات الوسيطة فى مصانع الدرفلة وتشكيل المنتج، وهو ما تسبب فى زيادة مخزون المصانع المحلية غير المنصرف 400% خلال الشهور الأخيرة قياسًا على مستوياته فى العام 2017، بما يصل إلى مئات الآلاف من الأطنان.
 
وأوضح التقرير أن المؤشرات والأرقام الثابتة من واقع خريطة السوق وحجم التعاملات، وإجمالى الاستهلاك المحلى والحصص السوقية، تؤكد تسبب الزيادة الحادة فى تدفقات الصلب المستورد فى إلحاق أضرار مباشرة بالصناعة المحلية، مستشهدًا بنتائج التحقيقات التى أجرتها وزارة الصناعة ولجانها الفنية للتأكد من العلاقة السببية بين تضرر القطاع الصناعى وزيادة التدفقات الخارجية، وعدم ارتباط الأمر بتراجع الاستهلاك أو انكماش النمو وأعمال الإنشاءات وتغير عادات الاستهلاك، وخلصت كل عمليات الفحص عن إثبات مرجعية الضرر إلى أنشطة الإغراق والتوسع فى الاستيراد، وليس إلى تبدلات السوق المحلية وتحولات سوق الصرف وحجم التصدير أو المنافسة بين المصنعين المحليين.
 
على الجانب المقابل، فإن تحولات السوق العالمية تمثل قرينة مضافة ضمن القرائن المتوفرة لإدانة السماسرة والمضاربين وأصحاب الحلقات الوسيطة فى سوق صناعة الصلب. فمع دخول قرارات الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بفرض رسوم حمائية على واردات الصلب بنسبة 25% حيز النفاذ فى مارس من العام الماضى، ودخول دول الاتحاد الأوروبى على الخط بقرار مشابه، ثم تركيا وعدد من دول العالم، شهدت السوق العالمية تراكم فوائض تتجاوز 190 مليون طن، تتجاوز 11% من إجمالى الناتج العالمى البالغ 1.6 مليار طن وفق أرقام ومؤشرات صادرة عن الاتحاد العالمى للصلب وعدد من الجهات والروابط المتصلة بالقطاع، ومع عجز دول المنشأ عن تكبد فاتورة الركود والعجز عن تصريف تلك الفوائض الضخمة، وسعيها لضمان استدامة دوران عجلة مصانعها والحفاظ على وتيرة النمو الاقتصادى المتحققة، عمدت إلى دعم مصنعى الصلب وتقديم مزايا وتسهيلات فى الضرائب والرسوم وتكاليف الشحن والنقل، بما سمح للمستوردين من أنحاء العالم بالحصول على الصلب بكُلفة أقل من القيمة السوقية وتكلفة الإنتاج الفعلية، وصلت فى بعض الأحيان إلى 40% بما لا يتجاوز 400 دولار للطن، ترتفع بعد إنجاز مرحلة الإنتاج الرابعة المتمثلة فى الدرفلة إلى 450 دولارا بمتوسط أقل من 8 آلاف جنيه تقريبا للطن، فى وقت تتجاوز فيه تكلفة الإنتاج محليا 11 ألف جنيه للطن بدون هامش الربح، وبينما يسجل سعر المستهلك فى السوق المحلية 11 ألفا و650 جنيها للطن، فإن سماسرة الدرفلة يمكنهم حرق الأسعار والبيع بـ11 ألفا أو أقل، وتحقيق أكثر من 3 آلاف جنيه ربحا صافيا فى كل طن، وهو ما لا تقدر عليه المصانع المحلية فتتراجع مبيعاتها وتتضخم رواكدها، بل يصل الأمر إلى تعطيل طاقة بعض خطوط الإنتاج أو وقفها بشكل كامل، وبالفعل أوقفت إحدى الشركات الكبرى نشاطها خلال الفترة الأخيرة تأثرًا بالخسائر الفادحة التى سجلت 120% فى النصف الثانى من 2018 قياسا على الفترة نفسها من 2017، بحسب بيانات وزارة الصناعة ونتائج تحقيقاتها التى شملت الفترة من مطلع 2017 حتى نهاية 2018.
 
عمرو-نصار-تصوير-محمد-الحصرى
عمرو نصار
 

صفقات مشبوهة مع تركيا

 
إبان أزمة الولايات المتحدة مع تركيا فى صيف العام الماضى، على خلفية محاكمة الأخيرة للقس الأمريكى أندرو برونسون، فرضت الإدارة الأمريكية رسومًا جمركية وضرائب إضافية على وارداتها من أنقرة، شملت حديد التسليح ومنتجات الصلب، وقتها تدخل بعض السماسرة والمضاربين المحليين وأبرموا صفقات ضخمة مع جمعية مصدرى الحديد التركى، وتواصل أحد كبار اللاعبين المحليين الذى يتزعم الهجوم على وزير الصناعة وقراره الأخير، مع رئيس الجمعية التركية ناميك إكينسى، لتسهيل إبرام عدد من الصفقات، بلغت بحسب مصادر مطلعة فى سوق الصلب المصرية قرابة مليونى طن، إضافة إلى كميات مماثلة أو أكثر استقطبها أصحاب عدد من مصانع الدرفلة من الصين وأوكرانيا والهند. وأشارت المصادر إلى أن بعض الصفقات لم تتجاوز 350 دولارا للطن فى وقت تتجاوز فيه الأسعار العالمية 700 دولار للطن، وكان سبب موافقة المصدرين فى بلدان المنشأ على التعاقد بتلك الأسعار المتدنية صدمتهم بالقرارات الأمريكية فى ربيع 2018 بينما كانت السفن تشق البحر فى طريقها إلى وجهاتها النهائية التى أُغلقت أمامها بشكل مفاجئ، ولم يكن ممكنا تقليص فاتورة الخسائر الفادحة إلا بالتخلص من تلك الشحنات بأسرع وقت وأفضل تعاقد متاح، وهو ما يسّر للمضاربين فرض عروضهم المتدنية والفوز بملايين الأطنان بأقل من كلفتها الإنتاجية.
 
المصادر نفسها تؤكد أن حجم التدفقات الدولارية التى أنفقها تحالف مصانع الدرفلة وسماسرة الصلب والحلقات الوسيطة فى القطاع، تجاوز مليارى دولار فى آخر سنتين فقط، ورغم أنه لم يتسن لنا التأكد من صحة تلك الأرقام، فإن خريطة تجارة الصلب وحجم الحصص السوقية الحالية تشير إلى أن الرقم ربما يتجاوز تلك القيمة. فبحسب المعلومات الموثقة التى تضمنها تقرير وزارة الصناعة من واقع التحقيقات الجارية فى عمليات الإغراق، زادت واردات الصلب 30% خلال النصف الأول من 2018، ثم 30% أخرى فى النصف الثانى من العام نفسه، وارتفعت الحصة السوقية للواردات 20% مقابل تراجع حصة المصانع الوطنية 10%، وبشكل تقريبى فإن حجم الزيادة البالغ 60% خلال 2018 وحده يتجاوز 6 ملايين طن ساهمت فى تراجع مبيعات المصانع المحلية أكثر من 700 ألف طن سنويا، وزيادة مبيعات المستوردين والسماسرة إلى قرابة مليون طن تُضاف إلى أكثر من 3 ملايين طن قائمة بالفعل.
 
من المفهوم والمنطقى أن يسعى المستوردون وأصحاب الحلقات الوسيطة فى سوق الصلب لتعظيم مكاسبهم، لكن من غير المفهوم أن يكون ذلك على حساب الصناعة المحلية والاقتصاد الوطنى، وبتربيح مباشر لبعض البلدان المعادية مثل تركيا، مع سبق الإصرار والترصد وبقدر واضح من التعمد والإصرار. بالتأكيد لا يرتبط الأمر بأبعاد سياسية ولا يحتمل تخوين المستوردين والتجار وأصحاب «ورش الدرفلة»، لكنه يفتح الباب لعشرات من علامات الاستفهام والتعجب، خاصة أن عددا منهم كانوا من اللاعبين المهمين فى سوق الحديد المصرية، لكنهم اختاروا فجأة وبشكل غامض ومريب أن يعتصموا بأنشطة السمسرة والمضاربة، وقرروا تصفية أنشطتهم الصناعية، وحرمان سوق الصلب من 75% من القيمة المضافة باختصار أنشطتهم فى مرحلة واحدة من إجمالى 4 مراحل إنتاجية، والاكتفاء بأقل من 15% من العمالة، مع تقليص استثماراتهم بما يقارب 95%، والاستحواذ على 50% من السوق بمتوسط أرباح 70% وصلت فى بعض الأحيان إلى ما بين 120 و150% فى فترات المضاربة واستغلال الأزمات الدولية.
 

ضربات ممنهجة للاقتصاد الوطنى

 
المشهد الراهن أننا إزاء أزمة حقيقية تعيشها سوق الصلب المصرية، بين تغول المستوردين والسماسرة من جانب، وركود مخزون المصانع الوطنية وتراجع حصصها السوقية، وفى القلب من هذا الاشتباك حاول قرار وزير الصناعة تنظيم الأجواء بما لا يحرم ورش الدرفلة من العمل بما يتناسب مع استثماراتها وحجم عمالتها المتواضع، ولا يجور على المصانع الوطنية كثيفة العمالة والاستثمار، وبينما رحب المصنعون بالقرار بدأ المضاربون هجوما حادا للضغط على الحكومة وإثنائها عنه، وحتى الآن لا يمكن التنبؤ بما ستسفر عنه تلك الضغوط بما تشتمل عليه من معلومات مغلوطة ومحاولات لاستعداء منظمة التجارة العالمية والمؤسسات الدولية والدول الصديقة، لكن أخطر ما فيها حتى لو فشلت فى ابتزاز الوزير، أنها ترهن الصناعة المصرية والاقتصاد الوطنى بكامله لمغامرات خطرة قد تكبد الدولة فاتورة ضخمة وبالغة الفداحة.
 
استمرار العمل وفق الصيغة القائمة قبل القرار من المؤكد أنه سيقود إلى حصار المصانع الوطنية وتجفيف قدرتها على الصمود والاستمرار، وهذا الاحتمال يُعنى إحراق 100 مليار جنيه قيمة استثمارات مصانع الصلب الوطنية، وتسريح 30 ألف عامل إضافة إلى أضعاف هذا العدد من العمالة غير المباشرة والحلقات الوسيطة والتجار، وعلى الجانب المقابل ستنجح دوائر السماسرة والمضاربين فى الاستحواذ على الحصة السوقية بكاملها، لترهن اقتصاد الدولة ومشروعاتها لتحولات السوق العالمية وكُلفة تدبير 7.5 مليون طن من الصلب سنويا تتجاوز قيمتها 42 مليار جنيه «2.5 مليار دولار» تُمثل ضغطا على موارد الدولة من النقد الأجنبى، وزيادة 42% فى عجز الحساب الجارى. وبينما لا يشعر السماسرة ورجال الدرفلة بأية غضاضة فى هذا الأمر، تقع المسؤولية على عاتق الحكومة ووزارة الصناعة فى إنقاذ 100 مليار جنيه من الضياع و30 ألف عامل من التشريد، وعدم السماح لتحالف المضاربين بإلقاء 2.5 مليار دولار من موارد الدولة، بما يوازى نصف إيرادات قناة السويس، تحت أقدام تركيا بما تحمله من عداء تجاه مصر، وفوق رؤوس كبار منتجى الصلب العالميين الذين يعانون ركودا ضخما فى تصريف منتجاتهم.. فهل تكون مصر أهم عند المصريين من الأتراك وتراكم الأرباح، أم يواصل السماسرة وأباطرة الأرباح السهلة حربهم على الجميع؟.. ننتظر لنرى ما ستسفر عنه معركة المصالح الشخصية!
 
p.6
 

 









الموضوعات المتعلقة


مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة