مشهد يدمى القلوب تناقلته وسائل الإعلام فى أنحاء العالم، فإذا كنت قد زرت باريس قبلا فبالتأكيد مررت على تلك الكاتدرائية التاريخية نوتردام التى تعود إلى العصور الوسطى وتحديدا القرن الثانى عشر الميلادى، والتى تضم مجموعة نادرة من المقتنيات الفنية فضلا عن الدينية والتى تمثل اهمية خاصة للمسيحيين، حيث إكليل الشوك وجزء من خشب صليب السيد المسيح، فضلا عن الأيقونات التارخية والنوافذ الوردية.
هذه الكاتدرائية لا تتعلق فقط بالفرنسيين أو الكاثوليك، لكنها جزء رئيسى من التراث الإنسانى العالمى، وهو ما أكد السفير الفرنسى لدى القاهرة ستيفان روماتييه، فى حديثه لـ"اليوم السابع"، قائلا "اود ان اؤكد على مدى تأثرنا الشديد نحن الفرنسيين جراء هذه المأساة ولم يتأثر فقط الفرنسيون بهذه المآساة وهذه الفاجعة ولكن التأثر جاء من جميع أنحاء العالم".
وأشار سفير فرنسا بالقاهرة، إلى أن المعلومات المتوفرة بشأن "فاجعة" حريق كاتدرائية نوتردام تشير إلى أنه حادث غير متعمد. موضحًا أنه تم فتح تحقيق قضائى منذ اندلاع الحريق، ووفقا للمؤشرات الأولية فإنه كانت هناك أعمال تجديد وترميم فى سقف الكاتدرائية.
وكشف عن أن التحقيق تم إطلاقه بعنوان "حريق غير متعمد"، ويقوم المحققون حاليا بدراسة الأسباب التى أدت للحريق والتى يبدو وفقا للمعلومات المتوفرة أنه حادثا وليس حريق متعمد.
وبشأن تلك المقتنيات الثمينة التى كانت داخل الكاتدرائية أشار إلى أن الأولوية كانت بالأمس لإخماد الحريق ولكن أيضا لإنقاذ المقتنيات التى لا تقدر بثمن، مشيدا بما وصفه العمل البطولى لرجال اللإطفاء حيث استطاعوا إنقاذ كافة التحف والمقتنيات فى الكاتدرائية سواء دينية أو فنية.
الأمر العاجل الذى ستقوم به السلطات الفرنسية الآن هو مباشرة إعادة بناء الكنيسة سريعا لإصلاح ما تم تدميره وتقوية الأساسات وأعمال إعادة البناء.
قال روماتييه، إن الفرنسيين جميعهم من كافة اطيافهم السياسية او الاجتماعية أعربوا عن تضامنهم مع السلطات الفرنسية من أجل أعمال إعادة بناء المكاتدرائية وهم على استعداد تام لبذل كافة الجهود المتعلقة.
وردا على سؤال بشأن حملة جميع التبرعات التى اطلقاها الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون لصالح جهود إعادة البناء، قال السفير الفرنسى، إن بلاده ترحب بأى مساهمة تأتى من جميع انحاء العالم ومن جميع محبى فرنسا ومحبى هذا الصرح الهام التابع للتراث العالمى. غير أنه أشار إلى أنه من المبكر التنبأ بتقديرات دقيقة للتكلفة المتوقعة لإعادة البناء والتى بالتأكيد ستبلغ مبالغ طائلة، متابعا: "مئات ومئات الملايين من اليوروها". وكرر أن الأمر العاجل هو تقييم حجم الأضرار والقيام بالأعمال العاجلة لتقوية الأساسات والأبنية المتعلقة بالكاتدرائية قبل انطلاق عملية إعادة البناء.
وقال روماتييه، إن فرنسا ومصر لديهم العديد من النقاط المشتركة وهو أنهما لديهما مسئولية جسيمة للحافظ على مقتنياتهم التاريخية والأثرية الثمينة التى هى ليست ملكا لهم فقط ولكن ملكا للإنسانية جمعاء، إذ أن الأبنية والمقتنيات التاريخية الأثرية هى محل تقدير من جانب العديد والعديد من محبى الثقافة فى فرنسا ومصر.
وأضاف السفير الفرنسى: "بالفعل لدينا مسئولية جسيمة ملقاة على عاتفنا لحماية وإبزا قيمة مقتيانتنا وهناك قواعد دقيقة وصارمة للغاية فى فرنسا من أجل حماية وإبراز قيمة هذه المقتنيات، ولا اعتقد أنه إذا ما أضفنا جديد إلى هذه القواعد سيتم حماية هذه الصروح بصورة أفضل، فهى بالفعل ومن قبل الحريق محل اهتمام وحماية قوية من جانب السلطات الفرنسية". وتابع أنه للاسف الشديد فإن مأساة "النوتردام" وقعت نتيجة لحريق غير متعمد نظرا لوجود ظروف يصعب التنبؤ بها ومواجهتها بصورة مسبقة.
وأعرب سفير فرنسا عن شكره وتقديره لرسائل التضامن والمساندة من قبل الرئاسة المصرية لفرنسا فى ذلك الحادث المأسوى الذى شهدته العاصمة الفرنسية باريس، مساء الاثنين، بحريق كاتدائية نوتردام التاريخية. وقال: "أود أن أشكر وأن أشيد بالرئيس عبد الفتاح السيسى الذى بادر بالإعراب عن تضامنه ومساندته لفرنسا عبر تدوينه على حسابه بموقع تويتر عقب اندلاع الحريق."
وأشار روماتييه، إلى سيل من رسائل التضامن مع فرنسا من قبل السلطات المصرية على أعلى مستوى، قائلا: "تلقينا اتصالات من وزير الخارجية سامح شكرى، ووزير الآثار خالد عنانى، ووزيرة الثقافة إيناس عبد الدايم، فضلا عن اتصال قداسة البابا تواضروس والإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب للإعراب عن تضامنهم فى هذه المأساة."
وأضاف السفير الفرنسى، أن الفرنسيين ليسوا وحدهم الذين تأثروا بهذه المآساة وهذه الفاجعة ولكن التأثر جاء من جميع أنحاء العالم ومن بينهم: "أصدقائنا المصريين، يتوافد علينا المئات والمئات من رسائل التضامن والتأثر من جانب أصدقاءنا المصريين المحبين لفرنسا."