وكان وزير الخارجية رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، قد أعلن قبل يومين أنه يجب أن يتم تنفيذ خفض مؤقت في رواتب ومعاشات الموظفين والمتقاعدين في الدولة "وإلا لن يبقى معاش لأحد" على حد تعبيره، وذلك في ضوء الأزمة الاقتصادية والمالية الخانقة التي يمر بها لبنان.
وتسببت التكهنات حول إمكانية خفض الرواتب والمعاشات في حالة من الغضب الشعبي، حيث نفذ المدرسون المتقاعدون بالأمس اعتصاما في ساحة رياض الصلح (وسط بيروت بالقرب من مقر الحكومة) في حين نفذ العسكريون المتقاعدون صباح اليوم اعتصامات على نطاق أوسع انطوت على أعمال تجمهر وقطع للطرق الرئيسية والحيوية باستخدام الإطارات المشتعلة، كما أعلن موظفون حكوميون في دوائر أخرى تنفيذ اعتصامات في الغد، وذلك استباقا لأية قرارات بتخفيض الرواتب والمعاشات.
من جانبه، أكد رئيس لجنة الإدارة والعدل بمجلس النواب جورج عدوان، أن اجتماع اللجنة اليوم حضره وزير المالية علي حسن خليل، والذي أكد أمام اللجنة أن الحديث المنتشر حول تقليص رواتب القطاع العام والمتقاعدين بنسبة 15 % ، هو أمر غير صحيح وليس دقيقا.
وأكد النائب عدوان أنه لا يمكن أن يتم التطرق إلى خفض في رواتب موظفي الدولة والمعاشات، قبل أن يتم إيقاف التهرب في دفع الضرائب وكذلك التهريب الجمركي وإيقاف مواضع إهدار المال العام.
وكانت الحكومة السابقة قد أصدرت قرارا بإيقاف التوظيف العام في إدارات الدولة، غير أنه تبين في الأسابيع القليلة الماضية تعيين نحو 10 آلاف موظف بالوزارات وإدارات الدولة قبيل فترة الانتخابات النيابية بالمخالفة لهذا القرار، فضلا عما تسببت فيه سلسلة الرتب والرواتب (زيادات وحوافز مالية في مرتبات موظفي الدولة تم إقرارها منتصف عام 2017) من ضغط على الموازنة وارتفاع العجز بشكل كبير.
وكان رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري قد حذر قبل نحو أسبوع من تبعات اقتصادية جراء استمرار التدهور المالي والاقتصادي، قد تؤدي بلبنان إلى سيناريو مماثل للانهيار الذي وقع في اليونان قبل عدة سنوات.
ويشهد لبنان أزمة اقتصادية حادة، حيث يعاني من تباطؤ في معدلات النمو الذي لم يتجاوز 1 % ، كما تبلغ نسبة الدين العام اللبناني إلى الناتج المحلي الإجمالي نحو 150 % ، فضلا عن تراجع كبير في كفاءة وقدرات البنى التحتية للبلاد والأداء الاقتصادي.
وسبق وتعهدت الحكومة اللبنانية أمام مجموعة الدول المانحة والداعمة للبنان، وفي بيانها الوزاري أمام المجلس النيابي، بخفض عجز الموازنة الذي وصل إلى خلال عام 2018 إلى ما يزيد عن 6 مليارات دولار، بنسبة 1 % سنويا على الأقل لمدة 5 سنوات، وسط مخاوف من تدهور مالي واقتصادي شديد حال عدم اتخاذ إجراءات تصحيحية سريعة.
ويؤكد المسئولون الدوليون والوفود الاقتصادية الدولية التي تزور لبنان، خاصة من الدول والمؤسسات المانحة في مؤتمر (سيدر) أن إقرار موازنة العام الجديد مصحوبة بإجراءات تقشف وخفض الإنفاق، يمثل أحد أوجه الإصلاحات الجوهرية التي يطالب بها المجتمع الدولي حتى يمكن له مساعدة لبنان ودعمه.
ويعول الاقتصاديون على الحكومة الجديدة برئاسة سعد الحريري، للبدء في إجراء حزمة من الإصلاحات الحاسمة في الاقتصاد والهيكل المالي والإداري للدولة، حتى يتسنى للبنان الحصول على المقررات المالية التي تعهدت بها مجموعة الدول والمؤسسات العربية والدولية المانحة خلال مؤتمر سيدر.
واستضافت العاصمة الفرنسية باريس في شهر أبريل 2018 ، مؤتمر سيدر الذي أسفر عن منح وقروض ميسرة بقيمة تقارب 12 مليار دولار لصالح لبنان لدعم اقتصاده والبنى التحتية به، شريطة إجراء إصلاحات اقتصادية وإدارية وهيكلية.