خلال الأيام الماضية تساقطت أوهام وأكاذيب كثيرة تتعلق بما يجرى إقليميا ودوليا، كاشفة عن حجم التأثير الذى تصنعه السياسة الخارجية المصرية، وتحديات الأمن القومى، والقدرة على صياغة السياسات الإقليمية بناء على توازنات القوى، وتحدياتها، والهدف فى النهاية هو المصالح العربية والأفريقية وشعوبها.
أشرنا مرات إلى كرة اللهب التى تتدحرج شرقا وغربا، وجنوبا وشمالا، وكيف تؤثر مصر وتتأثر بهذه التحولات، وتسعى مصر طوال الوقت إلى التأكيد على أهمية أن تتخذ الدول الأفريقية والعربية قرارها بعيدا عن أى تأثيرات، فضلا عن أهمية الحفاظ على الدولة الوطنية ووحدة أراضيها ومؤسساتها، وإبعاد التدخلات التى تربك المشهد، وترمى السياسة المصرية والأفريقية الآن إلى أن على التكتلات الإقليمية أن تتخذ سياساتها بناء على مصالحها، وألا تنتظر من المنظمات الدولية أو الدول الكبرى التدخل، خاصة أن التجارب خلال العقود الأخيرة كشفت عن أن الدول الكبرى تجهل طبيعة مشكلات أفريقيا والعالم العربى، فضلا عن أن التدخلات تقود لفوضى إضافية واختلالات فى موازين القوة.
يضاف إلى ذلك أن السياسات الدولية تثبت التجارب المتتالية أنها ليست فقط مزدوجة، وإنما هى سياسات منحازة، وتؤدى لنتائج ضارة فى كثير من الأحيان.
من هنا تأتى أهمية التحركات التى يقودها الاتحاد الأفريقى برئاسة مصر، حيث تستضيف القاهرة اجتماعين على مستوى القمة للتباحث حول الشأنين السودانى والليبى، حيث يستضيف الرئيس عبدالفتاح السيسى رئيس الاتحاد الأفريقى، اليوم، قمة تشاورية للشركاء الإقليميين للسودان بمشاركة رؤساء تشاد، وجيبوتى، ورواندا، والكونجو، والصومال، وجنوب أفريقيا، فضلًا عن رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقى، ونائب رئيس الوزراء الإثيوبى، ومستشار رئيس جنوب السودان للشؤون الأمنية، ومبعوثين عن رؤساء كل من أوغندا وكينيا، ونيجيريا.
وتستهدف القمة مناقشة تطورات الأوضاع فى السودان، وبحث أنسب السُبل لدعم الاستقرار والسلام للشعب السودانى.
وتشهد القمة تمثيل عدد من المنظمات الإقليمية المنخرطة فى الشأن السودانى، حيث تشارك جمهورية الكونجو الرئيس الحالى للمؤتمر الدولى للبحيرات العظمى، وإثيوبيا الرئيس الحالى لتجمع الإيجاد، وترويكا الاتحاد الأفريقى التى تضم الرئيس السابق والحالى والقادم للاتحاد رواندا ومصر وجنوب أفريقيا، ودول جوار السودان.
كما يستضيف الرئيس السيسى اجتماع قمة الترويكا ورئاسة لجنة ليبيا بالاتحاد الأفريقى بمشاركة رؤساء رواندا وجنوب أفريقيا عضوى ترويكا الاتحاد الأفريقى ورئيس جمهورية الكونجو بصفته رئيسًا للجنة المعنية بليبيا فى الاتحاد الأفريقى، فضلًا عن رئيس المفوضية الأفريقية لمناقشة آخر التطورات على الساحة الليبية، وسُبل احتواء الأزمة الحالية وإحياء العملية السياسية فى ليبيا والقضاء على الإرهاب.
كل هذه التحركات تشير إلى أن القارة الأفريقية وزعماءها لم يعودوا ينتظرون تدخلات أو إشارات من الخارج ليرسموا سياسات ومصالح شعوبهم، بل إن هذه المبادرات، يمكن أن تساهم فى دعم استقرار هذه الدول، وتتيح لشعوبها أفضل الظروف للبناء السياسى، بعيدا عن أى تدخلات غير مرغوبة يمكن أن تضاعف من تعقيدات المشهد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة