لم تأت المشاهد التى احتلت صفحات السوشيال ميديا، ووسائل الإعلام من تهافت المصريين فى الداخل والخارج على لجان الاستفتاء للتصويت على التعديلات الدستورية من فراغ، فلم يحول العجوز القعيد فى البحرين الذهاب إلى مقر السفارة المصرية جالسًا على كرسى متحرك إلا وفى داخله جميل لوطنه قرر أن يرده، ولم تقاوم السيدة البالغة من العمر أرذله ضعفها فى السنغال إلا رغبتها فى شهادة حق فى آخر سنوات عمرها، فالجميع اختار بإرادة حرة أن يلبى النداء، وأن يمنح الدولة المصرية تفويضًا جديدًا لاستكمال مسيرة العمل والبناء.
المشاركة الحاشدة التى ترجمتها نتائج الاستفتاء بمشاركة 27 مليون و193 ألفا و593 ناخبًا، تأتى انعكاسًا لسلسلة الانجازات التى تحققت على الأرض، وباتت قاب قوسين أو أدنى لتؤتى ثمارها، وبخلاف المشروعات التنموية وشبكة الطرق التى أعادت اتصال قلب مصر بأطرافها، تأتى العديد من الانجازات على صعيد السياسة الخارجية وعلاقات مصر الدولية، وفى القلب من هذا الملف العودة القوية للقارة السمراء.
رحلة العودة إلى أفريقيا، والتى قادها الرئيس عبدالفتاح السيسى على مدار سنوات مضت لم تكن وليدة صدفة، ولم تكن إلا إيماناً بأهمية حماية أمن مصر القومى وصيانته، وقبل ذلك كله الوصول إلى صوت أفريقى واحد فى القضايا الدولية المختلفة، وهى الرحلة التى تكللت برئاسة مصر للاتحاد الأفريقى لعام 2019، وتخللتها تطورات إيجابية ملموسة فى العلاقات مع دول القارة، وشهدت نشاطًا دبلوماسيًا مكثفا بالمنطقة لتسوية النزاعات، والقضاء على الحروب.
وفى مشهد الاستفتاء، لم يغب عن أذهان المصريين كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسى فى افتتاحه القمة الأفريقية الأخيرة، حين قال إن مشاكل أفريقيا يجب أن يتم حلها برجال أفريقيا، لأنهم الأكثر إلماماً بمشكلاتها، فى دعوة منه لتعزيز روابط الدول الأفريقية، وأن يكون تمويلها ذاتيًا وكافيًا لسد احتياجاتها، بالإضافة إلى الكثير من المناقشات فى القضايا الهامة فى الدولة، وكان حريصًا على اتفاقية للتجارة البينية الافريقية لتحقيق التكامل الاقتصادى، وتجهيز البنية التحتية بشكل جمعى وبرؤية شاملة.
ولم يغب عن أذهان الناخبين خلال الاستفتاء، كيف استطاعت الدولة المصرية على مدار السنوات القليلة الماضية حسم العديد من الملفات الشائكة، ومن بينها ملف سد النهضة وأمن مصر المائى، وذلك من خلال تفاهمات واتفاقيات تمت على مستويات عليا بين قيادات كلاً من مصر وإثيوبيا والسودان وكافة الدول ذات الصلة.
ومع المشاركة الكثيفة فى الاستفتاء، واختيار استكمال مسيرة الريادة الإقليمية والدولية، كان حاضراً فى الأذهان كذلك كيف تصدت مصر بقوة لملف الإرهاب، خاصة فى القارة السمراء، بعدما أعلن الرئيس السيسى التحدى وبقوة لمواجهة هذا الخطر الداهم الذى هدد على مدار السنوات الماضية العديد من الدول وروع آلاف المدنيين حول العالم.
ومن بين الملفات التى كانت بمثابة مفاتيح العودة المصرية للقارة السمراء كذلك يأتى ملف الهجرة، والذى تصدت له مصر بأفكار وحلول مبتكرة، ودعوات للغرب لتحمل مسئولياته فضلاً عن العمل على حل تلك الأزمة من الجذور من خلال رفع إمكانيات الدول المصدرة للمهاجرين، تعزيز معدلات الأمن والاستقرار فى تلك الدول، وتوفير بيئة جيدة لشباب القارة السمراء كافة.
ولم يترك الرئيس عبد الفتاح السيسى، كبيرة أو صغيرة فى علاقته بأفريقيا إلا وأقامها، بداية من تحديده جدول مهام لمصر وأجندتها لحل وخدمة الدول الأفريقية القائمة على بناء وتدشين مجتمعات حديثة داعمة للمعرفة والابتكار وجاذبة للاستثمارات الاجنبية المختلفة، من خلال توفير فرص عمل استنادًا إلى عوائد الابتكار والتجديد، وتحقيق طفرات على صعيد البنية التحتية الرقمية وتوطين التكنولوجيا، وذلك من خلال عدة مشروعات، وشبكة جديدة للطرق وموانٍ ومطارات ومدن جديدة، بأفضل المواصفات العالمية وتوافر بيئة تشريعية داعمة للاستثمار.
وحرص الرئيس السيسى على دعم جهود التنمية فى القارة الإفريقية وتطوير آليات التكامل والشراكة الأفريقية الاستراتيجية للارتقاء بمكانة قارة أفريقيا على خريطة الاقتصاد العالمى الأمر الذى يسهم فى ضمان تحقيق الرخاء الاقتصادى والاجتماعى لكافة دول وشعوب القارة، وتحقيق مزيد من التعاون فيما بينها وبذل كافة الجهود الممكنة لخلق وحدة أفريقية متكاملة على كافة الأصعدة وفى مختلف المجالات.
وكانت جولة الرئيس عبد الفتاح السيسى الأخيرة فى أفريقيا، بمثابة تاج وضعه على رؤوس المصريين فى الداخل، وفى الخارج على وجه التحديد، خاصة بعد أن ارتفعت الأعلام المصية واستعاد الأفارقة تاريخ علاقتهم بمصر، فأزاحوا الستار عن تمثال للرئيس جمال عبد الناصر داخل الجامعة التى سميت باسمه، نظرًا لنضال مصر من أجل استقلال افريقيا، كما تم افتتاح مبنى جديد حمل اسم الرئيس عبد الفتاح السيسى، بسبب الإنجازات التى يوقم بها حاليًا والشراكات الهامة التى وضعها مع غينيا بداية من إعداد الكوادر وأعضاء هيئة التدريس بالجامعة عن طريق تدريبهم فى كليات جامعة الاسكندرية بمصر، وزيادة أعداد المنح الدراسية للطلبة الغينين، ليتمكنوا من نشر العلم الذى يحصلون عليه فى جامعة الأزهر، أو جامعة القاهرة و الإسكندرية، لباقى لطلاب، ومساعدتهم فى إنشاء مركز للتنمية المستدامة.
كما كانت زيارة الرئيس السيسى لدولة السنغال عظيم الأثر لدى رئيسها ماكى سال الذى فاز لتوه بولاية رئاسية ثانية، ليبدأ مع نظيره المصرى، سلسلة اتفاقيات تعاون جديدة، تحرص على مصلحة الأفارقة.
مسيرة الانجازات التى أحرزتها الدبلوماسية المصرية بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى فى ملف مصر وأفريقيا كانت حاضرة بقوة فى الاستفتاء على تعديلات الدستور، وظهرت واضحة فى مدى التعاون الودى الذى وفرته دول القارة السمراء مع السفارات المصرية فى تلك الدول من تنسيق تام وتأمين شامل لعملية التصويت لأبناء المصريين فى الخارج.. كما كانت تلك المسيرة حاضرة وبقوة فى عقل وذهن المواطن المصرى الذى اختار بإرادة حرة أن يمنح الثقة مجدداً للنظام المصرى وقيادته السياسية مع يقين بأن القادم أفضل وأن قطار التنمية لن يعود أبداً إلى الوراء.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة