عاد دير الأنبا مكاريوس بوادى الريان مرة أخرى إلى دائرة الضوء، بعد أن كان بطلًا لأزمات بينه وبين الكنيسة من ناحية، وبينه وبين وزارة البيئة من ناحية أخرى، وهو الأمر الذى انتهى بحبس الراهب بولس الريانى وإيداعه فى سجن الفيوم بتهمة التعدى على موظفى وزارة البيئة وقد أتم الراهب عقوبته وخرج من السجن.
بعد كل تلك السنوات من الشقاق التى بدأت عام 2014 وبلغت ذروتها عام 2016، أعلنت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية أن الأنبا إبرام مطران الفيوم والمشرف على منطقة وادى الريان قد دشن كنيسة القديس مكاريوس الإسكندرى بمنطقة وادى الريان فى الفيوم، وهو الأمر الذى يعنى اعتراف الكنيسة القبطية ضمنيا بهذا التجمع الرهبانى دون أن يتخذ المجمع المقدس قرارا رسميا حتى اليوم.
تدشين الكنيسة من قبل مطران الفيوم، يعنى وضع الدير تحت سلطة الكاتدرائية بعد أن كان مقرا للخارجين على طاعة البابا بل أن الأنبا إبرام منح الرهبان المقيمين فى الدير رتبا شماسية (رتب كنسية)، حيث تمت رسامة (تعيين) 15 شماسًا فى رتبة "إبصالتس" للخدمة فى هذه المنطقة، وتم منح مجموعة من الرهبان المقيمين بهذه المنطقة رتبة "أغنسطس"، ومجموعة أخرى رتبة "إيبذياكون"، وهو تطور جديد فى علاقة الدير بالكنيسة القبطية، إذ قال البابا تواضروس عن هذا التجمع الرهبانى عام 2014 "ليس ديرا وليسوا رهبان".
بينما تمت الصلوات التى جرت الأحد الماضى ، بمشاركة الأنبا مارتيروس الأسقف العام لكنائس قطاع شرق السكة الحديد بالقاهرة، والأنبا صليب أسقف ميت غمر ودقادوس، وعدد من الكهنة بإيبارشية الفيوم والرهبان بدير غبريال بجبل النقلون بالفيوم، والرهبان المقيمين بمنطقة وادى الريان وبعض الأقباط
التطور الزمنى لأزمة دير وادى الريان حتى تدشين كنيسته
تقع أرض دير وادى الريان تقع ضمن نطاق محمية وادى الريان الطبيعية بالفيوم، وقد كانت ضمن الأماكن التى خرج إليها القمص متى المسكين ليعيش حياة الرهبنة مع تلاميذه فى الستينات قبل أن يغادرها بسبب الفقر الشديد ويذهب لدير السريان بوادى النطرون حتى يستقر به المقام أخيرا فى دار الانبا مقار، ومن ثم فإن مؤسس هذا التجمع الرهبانى هو القمص إليشع المقارى أحد التلاميذ المقربين لمتى المسكين وقد توفى قبل شهور فى أحد مستشفيات العلاج بالخارج.
تتبع تلك المنطقة التى أقيم عليها الدير وزارة البيئة إذ تقع فى نطاق محمية وادى الريان الطبيعية، وبجهود مكثفة من هؤلاء الرهبان تمكن أحدهم من اكتشاف بعض الأوانى الرخامية وبعض القلايات الرهبانية التى تدل على وجود حياة رهبانية فى تلك المنطقة يعود تاريخها للقرن الرابع الميلادى، وهو ما مكن هؤلاء الرهبان المكتشفون من نيل اعتراف وزارة الآثار رسميًا بوجود دير قبطى يعود تاريخه إلى القرن الرابع فى نفس المنطقة الجبلية الصحراوية، وحصل رهبان الدير على وثائق ومستندات تفيد ذلك من وزارة الآثار، بعدما تمكن أحدهم وهو دارس لعلم الآثار من اكتشاف حفريات أثرية وأدوات فخارية ومقابر ومغارات تعود للقرن الرابع تدل على وجود حياة رهبانية بالمنطقة، قبل أن تتحول مع تطور الزمن لمحمية طبيعية.
فى عام 2014، قررت الدولة شق طريق دولى يمر بدير وادى الريان (الدير المنحوت) وهو ما يستلزم هدم بعض مبانيه، مما دفع الدولة إلى توسيط الكنيسة للبحث عن حل ودى مع الرهبان الذين انقسموا إلى فريقين تبادلا إطلاق النار.
وتجددت الأحداث مرة أخرى الأسبوع عام 2016، بعد مبادرة قادها الأنبا إرميا الأسقف العام، والمهندس إبراهيم محلب مستشار رئيس الجمهورية، لشق الطريق مع الحفاظ على مبانى الدير وبناء سور له، وهو الأمر الذى أعاد حالة الانقسام بين صفوف الرهبان مرة أخرى حتى انتهى الأمر بإلقاء و قوات الأمن القبض على الراهب بولس الريانى أحد المعارضين لشق الطريق، وتنفيذ حكم محكمة فيه بعد أن تعدى على موظفى وزارة البيئة وألحق أضرارا بمعداتهم.
بعد وساطات من جهات متعددة، انتهت الأزمة وشقت الدولة طريق الفيوم الدولى مارا بالدير بعد أن تم إعادة تقسيمه مرة أخرى وهدم جزء كبير من سوره العملاق، ثم قرر البابا تواضروس تقنين الأوضاع فى هذا الدير وأسند للأنبا مكاريوس أسقف عام المنيا مهمة الإشراف عليه تمهيدا لاعتراف الكنيسة به.
وبعد جهود واجتماعات وزيارات انتهت مهمة الأنبا مكاريوس فى تلك المرحلة وعاد الدير لإشراف الانبا إبرام مطران الفيوم أقرب الأساقفة جغرافيا لموقع الدير الذى يقع فى مركز يوسف الصديق بالفيوم وقد كان الأنبا آبرام مشرفا عليه قبل أن يتولى الأنبا مكاريوس تلك المهمة.
مصادر كنسية أكدت لليوم السابع، أن رسامة رهبان الدير ومنحهم رتب شماسية وتدشين كنيسة الدير الكبرى التى تحمل اسم القديس الأنبا مكاريوس تعنى أن الدير الأزمة فى طريقه لنيل اعتراف المجمع المقدس للكنيسة القبطية فى دورته القادمة التى تعقد فى مايو المقبل بعد عيد العنصرة لافتا إلى أن الكنيسة تمكنت من خلال لجان متعددة من توفيق أوضاع الدير ورهبانه المقيمين فيه حاليا.
شروط الاعتراف بالدير وفقا لإجراءات الكنيسة
من جانبه، قال القس بولس حليم المتحدث الرسمى باسم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، إن هناك خمسة شروط يجب توافرها للاعتراف كنسيًا بالدير، أولها أن يكون هناك تجمع رهبانى يسكن منطقة معينة، وأن تكون له أرض مملوكة قانونيًا للدير، وأن يكون هناك مدبر روحى وإدارى مشرف على المكان من قبل الكنيسة، وأن تكون هناك لجنة بابوية، أى لجنة مجمع المقدس، الخاصة بشؤون الأديرة والرهبة، وهى تختص بدراسة المكان، وتصرح بعدها هل المكان يصلح أن يكون ديرًا أو لا، وآخر شرط، عرض هذه الخطوات والمراحل على المجمع المقدس ليحصل على تصريح واعتراف بالدير من عدمه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة