شهدت محلات بيع الفسيخ والسردين والرنجة فى محافظات كفر الشيخ و البحيرة والغربية، إقبال كبير من المواطنين على شراء الأسماك المملحة احتفالاً بأعياد شم النسيم والربيع، وذلك رغم ارتفاع أسعار الأسماك المملحة هذا العام، وتراوحت الأسعار من 100 إلى 200 جنيه للكيلو الواحد من الفسيخ، ووصل سعر الرنجة 50 جنيهاً.
وفى كفر الشيخ، شهدت محلات بيع الأسماك، توافد الراغبين فى أكل الفسيخ من كافة محافظات مصر، بعدما قطعوا مئات الكيلو مترات لشراءه، ومنهم من ينتظر وصول الفسيخ عبر السيارات التى تنطلق من مدن فوة وسيدى سالم، ودسوق للقاهرة والإسكندرية ومحافظات الدلتا لتوصيله للحاجزين.
وتنتشر محال الفسيخ بمدن محافظة كفر الشيخ، والتى تشتهر بصناعته لعدة أسباب منها، توارث الأحفاد تلك الصناعة عن الأجداد وتواجد الآلاف من المزارع السمكية المنتشرة فى بلطيم والرياض وسيدى سالم، وغيرها من المدن والقرى، ووقوعها على البحر المتوسط وبحيرة البرلس، ما يجعل صناعة الفسيخ جزءً أساسيًا فى اقتصاديات المحافظة، ويتزايد الإقبال فى كفر الشيخ كغيرها من محافظات مصر، على شراء الفسيخ المملح والرنجة والسردين مع اقتراب الاحتفال بعيد شم النسيم.
وفى هذا الإطار، قال المهندس محمد القلماوى، صاحب أشهر محال الفسخانية بسيدى سالم وكفر الشيخ، إن محافظة كفر الشيخ تشتهر بصناعة الفسيخ، وأنه ورث المهنة من الأباء منذ عام 1934، ويتوافد على محله ومحال بيع الفسيخ أعداد كبير ة من أهالى المحافظة والمحافظات المجاورة، لشراء الفسيخ، مشيراً إلى أنه يتراوح ثمن الفسيخ مابين 100لـ 150 جنيه، والرنجة تبدأ من 35 لـ 50 جنيه، كما يبيع البطارخ سواء بطارخ الرنجة أو بطارخ الفسيخ بـ100 جنيه، والسردين بـ50 جنيه، والفسيخ المخلى بـ50جنيه.
وقال سعيد القلماوى، إن ارتفاع ثمن الفسيخ لم يمنع الأهالى من الاقبال عليه بكثرة لأنها عادة سنوية والأهم الجودة، مشيراً إلى أنه يصدر الفسيخ للدول العربية، بعد تغليفه تغليفاً جيداً، وتكون نسبة ملوحته قليلة حتى يتحمل أوقات السفر والتصدير، مؤكداً أن المصريين فى الخارج أيضًا يتناولونه فى شم النسيم ويعدون ولائم منه لأصدقائهم من العرب.
وقال محمد خميس، صاحب أشهر محلات الفسخانية فى مدينة فوة، إن هناك إقبال هذا العام على الفسيخ رغم ارتفاع أسعاره والمرتبطة بالمنتج من أسماك البوري، موضحاً أن أسعار الفسيخ هذا العام مرتفعة فالكيلو وصل 150جنيها، والأهم ليس الكم ولكن جودة السمكة، مؤكداً أنه يبدأ بيع الفسيخ من الساعة 12 ظهراً حتى الساعة 5 صباحاً، ويستقبل المئات من الأهالى من مدن محافظة كفر الشيخ والمحافظات المجاورة، أما المحافظات البعيدة، فإنه يرسل الفسيخ عبر سيارات لحاجزى الكميات سواء فى القاهرة أو الإسكندرية أو كافة المحافظات الأخرى، بالإضافة لإرساله للملكة العربية السعودية والعديد من الدول الأخرى.
وقالت زينب محمد اللمعى، حاصلة على دبلوم تجارة، وصاحبة محل فسيخ ورثته من والدها، إنها ورثت المهنة من والدها وأجدادها، وتحملت مسئولية المحل، عقب وفاة والدتها لحرصها على الحفاظ على تلك المهنة، مؤكدة أنها تحرص على جودة إنتاج الفسيخ، لذا تختار السمكة التى تتغذى على العليقة وليست الأسماك التى تتغذى على السبلة، ولابد من غسلها جيدًا وتمليحها من خياشيمه، بنوع معين من الملح يسمى "السكري"، وتعقبه مرحلة تبخير الأسماك ثم وضعها أمام التكييف لضمان قتل الميكروبات، مؤكدة أنها ترفض استخدام الطريقة القديمة بوضع الأسماك فى الشمس لضمان عدم إصابتها بالميكروبات، وأن البعض يتلاعب فى إنتاج الفسيخ.
وأكدت أمينة الهنداوى، أنها تفضل صناعة الفسيخ، فتشترى السمك البورى وتغسله جيداً وتبدأ فى تمليحه، موضحة أن صناعته بالمنازل تجنب التعرض لحالات تسمم، مشيرة إلى أنها تعرف ربات بيوت تصنع الفسيخ فى بيوتهن وتبيعه لجيرانهن أو فى الأسواق، كمصدر رزق لهن لتنفق على أبنائهن، مشيرة إلى أنهن يقمن بشراء كميات من البورى ووضعه فى أوانى نظيفة لمدة يوم حتى يسرد دماءه، وتضعن السمك فى برميل بلاستيكى لمدة من 10 لـ 20 يوماً، وعليه الملح والزيت وبعدها يبعنه للجيران وبالأسواق .
وفى الغربية، التقى "اليوم السابع"، حسنى الجناينى أحد أصحاب محال الأسماك المملحة، والتى ترجع تاريخ إنشائها منذ أكثر من 100 عام، اشتهر على مدار تاريخه داخل محافظة الغربية والمحافظات المجاورة، وامتلك مقومات خاصة لجذب زبائنه باتباعه الجودة والسلامة، ليصبح مقصدا لعاشقى ومحبى الأسماك المملحة.
وقال "حسنى"، إن صناعة الفسيخ تعتمد على النظافة والجودة، وأن أفضل الأنواع هى سمك البورى، كما أن السمك الطازج أفضل من المجمد، موضحا أن النظافة والأمانة أهم شئ، فهى ختم الجوده لأى تاجر، لأن الزبائن تفضل التعامل مع التاجر الموثوق به، ولابد من غسيل الأسماك جيدا وتنظيف خياشمها ثم تجفيفها ووضع الملح الخشن عليها وتخزينها فى براميل خشبية.
وأشار إلى أن "الفسيخ والرنجة" من الاكلات المفضله لدى الكثير من المصريين، توارثوها من طقوس أجدادنا الفراعنة منذ الآلاف السنوات، فيقبل على شرائها المواطنين طوال العام، خاصة فى أعياد الربيع وشم النسيم والتى تشهد إقبالا كبيرا، وأيضا فى الشتاء وفى الصيف يقل البيع قليلا نظرا لحرارة الجو، وينعدم البيع طوال شهر رمضان وعيد الأضحى المبارك.
وأضاف أن بالنسبة لـ"شم النسيم" فهو من أهم المواسم لبيع الأسماك المملحة، حيث يتضاعف البيع لأكثر من 6 أضعاف الأيام العادية، لذلك تزداد الرقابة وحملات التفتيش على محلات الأسماك المملحه فى هذه الأيام، لأنها متعلقه بالصحه المطلوبة دائما، موضحا أن الباعة الجائلين أفسدوا المهنه نظرا لبيعهم الفسيخ والرنجه الفاسدة.
وأشار إلى أن هذا العام يشهد تزايدا طفيفا فى أسعار الأسماك المملحة، فيصل سعر كيلو الفسيخ من 80 إلى 100 جنيه، بينما يستقر سعر كيلو الرنجة الهولندى إلى 25 جنيها، وسعر كيلو السردين البلدى إلى 20 جنيها.
أما فى محافظة البحيرة، فشهدت محلات بيع الفسيخ إقبال كبير رغم ارتفاع الأسعار بصورة غير مسبوقه ليصل إلى 170 جنيه للكيلو، إلا أن حركة الشراء فى ازدياد شديد من قبل المواطنين خاصة من الطبقات الاجتماعية المتوسطة .
وقال خميس الصعيدى -فسخانى- إن هناك إقبال الأهالى على شراء الفسيخ للاحتفال بشم النسيم، رغم ارتفاع اسعاره عن السنوات الماضية، مضيفا:" شراء الفسيخ من الأسواق هى عادة مصرية قديمة لا يمكن التخلى عنها مهما اختلفت الأعمار والثقافات وكأنها جزء من الاحتفال بشم النسيم لا يكتمل بدونه رغم أن طريقة تجهيز الفسيخ أصبحت معروفة للجميع عن طريق القنوات الفضائية ومواقع الانترنت".
وأوضح مصطفى الصعيدى أقدم الفسخانية بدمنهور، أن سبب ارتفاع أسعار الفسيخ هو زيادة أسعار أسماك البورى بصورة غير طبيعية، وبالتالى لابد أن يؤثر ذلك على ارتفاع أسعار الفسيخ، مضيفا" مهما ارتفعت أسعار الفسيخ الناس هتشتريه فى شم النسيم، وفى عيد الفطر لانه بيمثل حالة فرح وبهجة لكل الأسرة ".
وعن كيفية التعرف على الفسيخ الغير صالح للاستهلاك، والذى يؤدى إلى الإصابة بالتسمم، قال الصعيدى:" أهم شروط الفسيخ السليم هو تماسكه وعدم اهترائه وتجانسه "الفسيخ المعفن آى حد يعرفه من شكله بعكس السليم بيضوى كأنه صاحى ".
فيما قال أحمد حسونه، تاجر رنجة بسوق البندر بدمنهور، إن حركة بيع الرنجة شهدت ارتفاع بصورة غير مسبوقة، وذلك لثبات أسعارها وارتفاع أسعار الفسيخ، وتابع "الرنجة هى البريمو فى شم النسيم علشان أسعارها فى متناول الايد وأعلى نوع رنجه بيتباع بـ 40 جنيه، بعكس الفسيخ والسردين اللى بقى بيتباع بـ 100 جنيه".
ومن البائعين إلى المستهلكين، أكدت سامية المسيرى، موظفة، أن شراء الفسيخ فى شم النسيم أصبح عادة لا يمكن الاستغناء عنها، وأضافت أنه مع ارتفاع أسعار الفسيخ اغلب الناس تشترى الفسيخ الكبير وتقطعه علشان يكفى أفراد الأسرة.
وقالت فريال سلامة، ربة منزل، "الفسيخ لو بألف جنيه لازم الناس تشتريه فى شم النسيم لأنه هو الملك على السفرة، مضيفة:" جربت أعمل فسيخ فى البيت بس مش زى طعم المحلات يمكن علشان الناس ترزق من عند ربنا".
من جانبه أكد الدكتور يسرى بيومى وكيل وزارة الصحة بالبحيرة، تكثيف الجهود المبذولة لمواجهة أى أحداث طارئة خلال الاحتفال بشم النسيم، مضيفا أنه تم رفع درجة الاستعداد القصوى بكافة المستشفيات والوحدات الصحية وتوفير الأدوية الخاصة بالتسمم الغذائى مع وقف الإجازات للأطباء وأطقم التمريض.
وأوضح وكيل وزارة الصحة بالبحيرة، أنه تم تكثيف الحملات الرقابية على الأسواق ومحلات الأسماك المملحة بكافة مدن ومراكز المحافظة بالتنسيق مع مديرية التموين والأجهزة الأمنية لمنع بيع السلع الغذائية المنتهية الصلاحية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة