محمود حمدون يكتب: الحصة الأولى

الأحد، 28 أبريل 2019 02:00 م
محمود حمدون يكتب: الحصة الأولى جثة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ينقسم يومه ما بين ليل يقضيه بحقل أسرة زوجته، يرعى قيراطين و بضعة أسهم، ينكفء حاملاً فأسه، يعزق الأرض طولاً وعرضاً، يُجدُّ فى عمله، لا يخشى بعد الله إلاّ طول لسانها، بأس إخوتها، فإذا أقبل منتصف الليل، عاد لبيته، سويعات يقضيها يتقلّب فى فراشه، حتى السادسة صباحاً، فيبدأ النصف الآخر، ينطلق لعمله، ساعياً بمدرسة حكومية .
عرفنا عنه انتظامه فى العمل، وداعته ورقة طبعه، عزوفه عن الحديث، نظرته الحالمة حين ينظر لبعيد يترقّبه و لا يأتي.
 
حتى صبيحة يوم بعيد جداً، أقبل يتعثّر فى خطوة، يطلب عمله المتواضع، يكلّم نفسه ويضرب كفاً بكف: لم أتأخر عن عملى من قبل حتى موعد الحصة الأول!، على جانبى الطريق تتراص سيارات نقل، تهجع مع سائقيها ساعة من ليل ثم تستأنف ببضاعتها رحلتها.
 
أسفل واحدة منها، عيون تترصّد الرجل، تراقب خطوة، تتحيّن وصوله لنقطة يضيق فيها الطريق، وصل إليها "عبد العال" غارقاً فى بؤسه، وقد ماجت بصدره شكوك عن حظه بالدنيا، عاب على أبويه أن أنجباه وألقيا به فى دوامة الحياة ثم غادراها .
 
أفاق من غيّه، استغفر فى سرّه ثم جهر بالرجاء للسماء، قبل أن يطمئن قلبه، كانت رصاصة تنطلق من بين عجلات سيارة تقف عن يساره، كانت تعرف طريقها جيداً لصدره، ثم أعقبتها أخريات من الجانبين، سقط "عبد العال" من فوره يتخبّط فى دمائه، ثأر طلبه أصحابه من أهل زوجته، لم يك أمامهم سواه .
 
 
 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة