على الطريق الدائرى، وفى مساحة تصل إلى نحو عشرة كيلو مترات أو يزيد، تم بناء سور جديد على الجانبين أنشأته الدولة بجانب أحد الطرق الحديثة التى أوجدتها، لكن ما لاحظته هو أنه على طول هذه المسافة لا يوجد سوى إعلان وحيد متكرر لـ«راقى شرعى».
ذكرنى ذلك بما قرأته منذ أيام قليلة على مواقع التواصل الاجتماعى، كتب رجل خليجى، لا يحضرنى الاسم الآن، لكننى أظنه كاتبا، المهم أنه كتب يقول ما معناه أنه التقى أحد مواطنيه فى دولة عربية مجاورة وسأله عما يفعله هنا، فأخبره بأنه جاء من بلده من أجل راق شرعي، ولما سأله عن أجره كان خمس مرات أكثر من أجر طبيب القلب الذى جاء الرجل الأول كى يستشيره.
وفى قرى مصر ومدنها، لايزال الراقى الشرعى مطروحا للعلاج، والبعض يقدمونه قبل الطب والعلم، وكنت أظن أن ذلك مر وانقضى لكنه أبدا، لايزال يحدث فى السر والعلن.
أعرف دور الدين عند الناس، وعن قناعة شخصية أؤمن بدوره فى بث الطمأنينة فى أرواح المؤمنين به، ومنحهم القدرة على مواجهة الظروف الصعبة التى يواجهونها فى حياتهم، لكن ذلك أمر شخصى تماما، يعتمد على مدى التأثر النفسى ومستوى الإيمان الشخصى، لا علاقة له براق شخصى ولا غيره.
وأؤمن أيضا بأن الراقى الشرعى هذا لا يمنح العاقر طفلا، ولا ينهى جلطة أصيب بها مريض، أو يعيد العقل إلى فاقده، بل العلم هو الأقرب لفعل ذلك، والله سبحانه وتعالى أوجده فى الأرض وأرشد الناس إليه لأن فيه منفعتهم.
أما الرقية وغيرها فهى نوع من البركة، كانت أمهاتنا الطيبات ونحن صغار تطلب من رجال الدين المسلمين والمسيحيين أن يدعوا لنا ويمسحوا على رؤوسنا إذا ما مروا بنا فى الشوارع، وكان البعض يكتب الأحجبة المانعة من الحسد أو المنقذة من الكوابيس والخوف أو المدرة للبن فى ضروع الحيوانات، ومع مرور الوقت عرفت الأمهات أن ذلك لا علاقة له بالعلاج الفعلى، فكن يذهبن إلى الأطباء لعلاجنا، وبالتالى ظننت أن الزمن يتحرك إلى الأمام، وأنه بعد سنوات سوف ينقرض هؤلاء المعالجون بالنصوص «المقدسة وغير المقدسة» مفسحين طريقا للعلم، لكن ذلك لم يحدث، بل صاروا يملكون جرأة كتابة أسمائهم وأرقام هواتفهم على المبانى العامة داعين الناس للوقوع فى براثنهم.