مشهد ملايين السوريين الذين هاجروا بلادهم، يدمى القلوب، ومشهد القتل والتفجيرات فى ليبيا، وتوقف الحياة الطبيعية، وفرار الليبيين، كارثى، أما المشهد اليمنى، وما صنعته توكل كرمان ورفاقها، ثم الحوثيون، يدعو للأسى والموت كمدا، ونفس المشهد، متوقع أن يتكرر فى دول حديثة العهد بعدوى الحراك الثورى القائم على وعى مزيف، وتقليد أعمى، وتفاعل مع شعارات حماسية بعيدة كل البعد عن الواقع..!!
وبعد مرور ثمانية سنوات كاملة على اندلاع ثورات الخراب العربى، من حقنا أن نوجه سؤالا منطقيا: ما هى النتائج العظيمة التى جلبتها هذه الثورات فى سوريا وليبيا واليمن وتونس ومصر..؟!
بعيدا عن شيفونية أدعياء الثورية، ودراويشهم، ومنشديها الذين يصدحون ليل نهار بتراتيل معجزات الثورات، تعالوا نؤكد على حقيقة واضحة وضوح الشمس فى كبد السماء، أن لكل عمل نتائج سواء كانت نتائج إيجابية أو سلبية، ونطرح السؤال الوجوبى: ما هى النتائج الإيجابية للثورات التى اندلعت فى البلاد العربية..؟!
الإجابة محزنة ومؤلمة، وواضحة للعيان، ولا تحتاج إلى جهد خارق فى البحث، والتنقيب، والتمتع بقريحة العباقرة فى استخلاص النتائج، فكل ما أفرزته هذه الثورات، خراب ودمار شامل، وقتل وذبح وتشريد وفوضى، ودول اقترب اسمها من الاندثار من فوق الخرائط الجغرافية، ورغم ذلك كله، تجد كهنة أدعياء الثورية، وأصحاب النضال المزيف، من المستفيدين من الخراب والفوضى، يؤكدون أن الثورة معجزة سماوية توازى معجزات نزول الوحى ومن قبله الرسالات السماوية على الأنبياء والرسل..!!
طبعا لهم الحق فى أن يروها كذلك، فالثورة نقلتهم من القاع إلى صدارة المشهد العام، وجعلوا منها دجاجة تبيض ذهبا، وأحيانا بقرة حلوبا تدر لهم الشهرة والسلطة والمال والسفر للخارج، والجلوس فى قصور السلطة فى الدول المختلفة..!!
هؤلاء لا يرون فى الثورات أنها دمرت سوريا وليبيا واليمن، ورفعت سقف المعاناة والألم والعذاب للمصريين، بعدما تسببت فى انهيار الاقتصاد، وزرعت البلاد بالإرهابيين، ومكنتهم من الوصول للحكم، وما يعانى منه المصريون حاليا، مضاعفات خطيرة ناجمة عن كارثة الثورة الينايرية، وإذا لم يعجبك هذا المنطق، فعليك بلغة الأرقام التى لا تكذب ولا تتجمل، من خلال القيام بعملية حصر دقيق للحصاد المر لنتائج الثورات، من خراب ودمار وقتل وتمكين الجماعات والتنظيمات الإرهابية من البلاد، سواء فى الداخل أو التهديدات الخارجية.
إذن طرح السؤال الملح عن نتائج ثورات الخراب العربى، يحتاج عند الإجابة عليه إلى الكثير من التدبر والتروى، والتفكير بالمنطق والعقل بعيدًا عن لغة التكفير، وإلصاق الأباطيل بكل من يعارض الثورات المخربة والمدمرة، وبعيدًا أيضًا عن المصطلحات الكبيرة والفضفاضة عن النقاء والطهارة الثورية، لا يجب أن نجنح إلى البحث والتنقيب عن «النوايا» وأن الأهداف نقية نقاء الثوب الأبيض من الدنس، لأننا بشر ولا نحكم إلا على التصرفات المنظورة، أما النوايا وما تخفيه الصدور فلا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى فقط..!!
ومن بين النتائج التى يمكن استخلاصها، هى أن معظم أدعياء الثورية فى ليبيا وسوريا واليمن وتونس، ومصر أيضا، تعلموا معانى الحرية والديمقراطية فى صربيا وقطر تركيا وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، وأنهم بعد سقوط بلادهم فى مستنقع الفوضى، قبضوا الثمن..!!
أما النتيجة الكارثية، والتى سيقف أمامها التاريخ طويلا، بالرصد والتحليل، هى هجرة الشعوب من أوطانها، فرارا من الموت والقتل والاغتصاب وبيع النساء فى سوق النخاسة، إلى دول أخرى، يبحثون فيها عن الأمن والاستقرار، حتى ولو فى مخيمات الإيواء، وما انتاب عمليات الهروب من أهوال تعرضوا لها، سواء تهديد الموت غرقا فى أعالى البحار، والمحيطات، أو ترصد رصاص حرس الحدود، أو الجوع والتجمد، والذل والهوان فى البلاد الغريبة، إلا ما ندر..!!
نعم، كل الدول التى اندلعت فيها ثورات الخراب العربى، هرب شعوبها، وفروا من الموت، إلا الشعب المصرى، ظل على أرضه، مدافعا عن مقدرات وطنه، فلديه جيش قوى تلقى الرصاص فى صدره، إنقاذا لشعبه، بينما الخونة، الذين نثروا بذور الشر والخراب والدمار والقتل، هم الذين هربوا، من عينة محمد البرادعى، ووائل غنيم، وأيمن نور، وعمرو حمزاوى، ومعظم قيادات وأعضاء جماعة الإخوان، وحلفائهم، والمتعاطفين معهم، من حركة 6 إبريل والاشتراكيين الثوريين، وبعض اليسار..!!
جميعهم، تركوا مصر وهاجروا لتركيا وقطر وبريطانيا والنمسا والولايات المتحدة الأمريكية، بينما ظل الشعب المصرى يسطر كعادته ملاحم تاريخية، فخرج فى 30 يونيو 2013 وتخلص من كل الخونة، وطردهم شر طردة خارج البلاد، لتظل مصر أرضا طاهرة، وكيف لا تكون طاهرة، والله سبحانه وتعالى تجلى على هذه الأرض، دون سائر الكرة الأرضية..؟! والأراضى الطاهرة تلفظ كل خائن، يحاول أن يدنس ولو قبضة من ترابها..!!
وتظل مصر.. تلقى عناية السماء.. ثم قدرة شعب على الكفاح والصبر.. وبسالة جيش قوى..!!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة