ولماذا ينتاب المشرع البرلمانى الخجل ولا يعلن متحديا أن مصر دولة مدنية هكذا على رؤوس الأشهاد وينص عليها صراحة وقطعيًا، لماذا يتدارى من مدنية الدولة وكأنها رجس من عمل الشيطان؟!
لماذا يخضع المشرع البرلمانى فى كل مرة لابتزاز حزب النور ممثلا للدولة الدينية، ويتلعثم أمامه، وكأنه يدافع عن باطل، فلا يبدى حماسا أو حمية أو حتى دفاعا مجيدا عن مدنية الدولة، ويفزع فى وجه القائلين برفض المدنية فزعة صاحب حق أن تقف دولته على قواعد المدنية الصلبة فى تحقيف العدالة والإخاء والمساواة، وحلمها فى «المواطنة» الحقة، التى هى عنوان الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة؟!
الباطل هو ما أتاه ويأتيه حزب النور أثناء مناقشة التعديلات الدستورية تحفظا على دور القوات المسلحة حفاظا على مدنية الدولة، هكذا بمناسبة ومن غير مناسبة، وفى كل مناسبة يعلن الحزب الملتحى بعين جامدة جاحدة رفضه للدولة المدنية، ولا يعنيه إجماع الشعب فى ثورة 30 يونيو على مدنية الدولة.
الحزب الدينى يهتبلنا ولا يتدارى من هويته، ويستحل فسحة سياسية لظروف تمر بها البلاد، ليعلن سلفيته دون معقب يفحمه، ويفرض أجندته دون مواجهة حاسمة، فى ظل اتفاق عام على بقاء الحزب ممثلا للتيار الدينى باعتباره حزبا مسالما، فيهتبلنا بالوقوف أمام التحديد الدقيق لهوية الدولة المصرية، ويشارك بسهم الدولة الدينية فى مناقشة دستور دولة مدنية.
حزب النور أجندته واضحة وضوح الشمس فى رابعة النهار، ولا يتخفى، ولا يبذل جهدا فى موالسة الدولة المصرية، يخزق العيون بأصابعه فى المناسبات الوطنية جميعًا، حزب دينى بجلد أملس، يرتدى «جلابية» التيار الدينى تحت «البدل الأفرنجية».
أخشى أن حزب النور أوضح فى طرحه وبرنامجه وأفكاره من كثير، وحماس نوابه وأعضائه لأجندتهم أخلص من كثير، للأسف بعض المنتسبين للدولة المدنية يخشون الاتهام بمعاداة الدين، ولا يزالون مترددين فى الخطو نحو تأسيس دولة مدنية بصحيح القانون، ويقدسون المادة الثانية من الدستور التى تعنى دولة دينية بكل ما تعنيه الكلمة وشروحاتها، ربما أكثر من قدسيتها لدى حزب النور.
الدولة المدنية، ليست بيت القصيد، حزب النور يتحسب للدولة العلمانية، هناك مقاربات نظرية تزاوج بين الدولة المدنية، والدولة العلمانية، من زاوية فصل الدين عن الدولة، وهو ما يحاربه حزب النور، بدون الغطاء الدينى لمشروعه ينكشف تمامًا، ما قام حزب النور إلا على استحلال العاطفة الدينية للشعب المصرى، ولكن الشعب استفاق تمامًا.
الحزب السلفى يلعب على وتر حساس، ويزيد بتخويفنا من الدولة العلمانية، باعتبار الدولة المدنية والدولة العلمانية سواء، وأن اللجوء إلى تعبير «الدولة المدنية» هو تدثر من العلمانيين، وليست أصل الأشياء، وهو سافر سادر فى غيه، ولا يخشى قانونا، ولا يتحسب لرفض، ويستحل قانون البقاء ليبقى على حلم الدولة الدينية حيًا.
حزب النور يكسب أرضًا من تحت أقدامنا، يرث الإخوان، لأنه يتحدث حديثا دينيا مخاتلا، ويفزع فى وجوهنا باعتبارنا من دعاة العلمانية، ونحن نتخفى منهم فى الطرقات، ونصيغ على خجل الدولة المدنية تحت سيف الاتهام بالعلمانية، فعلا اللى اختشوا ماتوا، متهمين بالعلمانية.
تكلم حتى أراك جيدا، إنى سمعت بك، وسمعت منك، وعكفت على أجندتك، ولم يعد لدى ذرة شك فى توجهاتك، حزب النور مثل الحرباء، ويتمتع بخاصية المماتنة، يتلون بلون الأجواء المحيطة، ويعض على أجندته الدينية بالنواجذ، واضح فى توجهاته، وأهدافه، ويستهدف تحقيق أجندته على الأرض المصرية فى مرحلة تالية، التمكين فى الأرض.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة