فى الوقت الذى يركز فيه العالم على إرهاب داعش، تواجه الولايات المتحدة ودول أخرى صعودا فى إرهاب من نوع أخر يرتكبها متطرفون من مواطنيها موجه ضد جماعات أخرى من المواطنيين، مما أدى إلى زيادة جرائم الكراهية فى السنوات الأخيرة فى هذه البلاد، وساعد على ذلك العنان الذى أطلقته مواقع التواصل الاجتماعى لهم.
وتقول صحيفة "واشنطن بوست" إن هؤلاء المتطرفين، الذين تأثروا بالتدمير الهائل الناتج عن أحداث هجمات سبتمبر الإرهابية، وتم تمكينهم بفضل الحريات غير المراقبة على السوشيال ميديا، أصبحوا يشنون سلسلة ثابتة من الهجمات على المؤسسات الدينية حول العالم، وكان آخرها فى معبد يهودى فى كاليفورنيا، أدى إلى سقوط قتيلة وإصابة ثلاثة آخرين.
هذا الهجوم ينضم إلى قائمة أماكن العبادة التى أصبحت رموزا لقدرة متزايدة للأطراف التى تعمل وحدها وأيضا للجماعات الصغيرة لقتل الناس وزرع الخوف وترك قوات إنفاذ القانون والحكومات وأيضا شركات التكنولجيا تبدو عاجزة
ففى أغلب الهجمات التى وقعت على مدار الأشهر الستة الماضية، استهدف المهاجمون اليهود مثلما حدث فى معبد شجرة الحياة فى بنسلفانيا فى نوفمبر الماضى، وأيضا فى كاليفورنيا أثناء احتفالهم بعيد الفصح، واستهدفوا المسيحيين أثناء احتفالهم بعيد القيامة فى سريلانكا، واستهدفوا المسلمين أثناء صلاة الجمعة فى مدينة كرايستشيرش فى نيوزيلندا.
وقد أثارت طبيعة ووتيرة هذه الهجمات أسئلة ملحة حول كيفية محاربة التطرف فى الوقت الذى يسود فيه الاستقطاب السياسى وتنتشر فيه مواقع السوشيال ميديا غير المنظمة بشكل كبير بينما تراجعت الثقة بين المنظمات الأهلية ومنها المؤسسات السياسية والدينية.
وفى الهجوم على المعبد اليهودى فى كاليفورنيا السبت الماضى، تم القبض على مرتكب الهجوم وهو طالب تمريض عمره 19 عاما، وقام بنشر بيان على الإنترنت فيما أصبح طريقة شائعة بين المهاجمين لنشر معتقداتهم وتقديم رؤيتهم لتفسير الأمور التى لا يمكن تفسيرها.
وكان بيانه المطول يشبه ما بثه منفذ هجوم نيوزيلندا الشهر الماضى الذى قتل 50 شخصا من المصلين المسلمين فى إطلاق نار عشوائى على مسجدين.
وتلفت واشنطن بوست على أن عمليات إطلاق النار والتفجيرات فى الأماكن التى يشعر فيها الناس بالراحة والوحدة والإلهام ليست بالأمر الجديد. فالدين، الذى يعد أحد أقوى قوى التوحيد فى التاريخ، سفكت باسمه دماء وكان مصدرا للخلاف بدءا من الحروب الصليبية وحتى الهولوكوست، حيث شنت دول وقادة وحركات حروبا على أشخاص بسبب ما يفعلون بع أو ما لا يؤمنون به.
لكن طبيعة العنف الذى تعرض له الناس بسبب إيمانهم قد تغيرت فى السنوات الأخيرة بشكل حاد، حيث تغير من دول تنشر جيوشا إلى أفراد أو جماعات صغيرة تشن هجمات عشوائية على أشخاص غير مقاتلين.
وجاء هذا فى الوقت الذى تراجعت فيه المواقف الشعبية تجاه أتباع الدينات الأخرى فى معظم أنحاء العالم، بحسب ما أثبتت العديد من استطلاعات الرأى.
ففى الولايات المتحدة على سبيل المثال، كان هناك تراجع كبير فى المواقف المعادية للسامية خلال نصف القرن الماضى، وهى النتيجة التى أثبتتها عدد من استطلاعات فى أوروبا أيضا.
ويشير بعض الخبراء إلى أن الهجمات على أتباع الديانات ما هو على كراهية قديمة أزيح عنها الغبار من خلال السيوشيال ميديا، فهى غير مكلفة. وفى الوقت الذى تصارع فيه الحكومات الوطنية فى العديد من أجزاء العالم للاحتفاظ بسلطتها وثقة شعوبها مع سماح الإنترنت لجماعة ببناء جماعات مصالح خاصة بهم، ازدادت قدرة المتطرفين على أن يعيثوا فى الأرض فسادا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة