آلاعيب كثيرة مارستها جماعة الإخوان، خلال انتخابات المحليات التى أجريت فى تركيا، خاصة أن حزب الإخوان فى تركيا والذى يدعى "حزب السعادة" التركى، تحالفم ع معارضى أردوغان، فى الوقت الذى انكشفت فيه اتصالات سرية بين الجماعة وجماعة "فتح الله جولن" التى يعتبرها أردوغان جماعة إرهابية.
هذه التحركات كشفها عماد أبو هاشم، أحد حلفاء الإخوان المنشقين، والمقيم فى تركيا، والذى قال فى تصريحات مطولة له عبر صفحته الرسمية على "فيس بوك": يبدو أن الإخوان فى تركيا قد تواصلوا فقط مع "حزب العدالة و التمنية" الحاكم دون غيره من الأحزاب الأخرى ، كان ذلك باديًا أول الأمر و لا يزال الكثيرون يعتقدون ذلك و لاسيما أن الإخوان لم يكن لهم ثمة تواصلٍ ظاهرٍ للملأ مع أىٍّ من الأحزاب الأخرى فى تركيا بما فيها "حزب السعادة" ذو المرجعية الإسلامية الذى أسسه "نجم الدين أربكان" كما تعمدوا تسريب أحاديث أسروا بها لأنفسهم في نجواهم بأنهم يحاذرون الاتصال بالأحزاب السياسية الأخرى المنافسة لحزب أردوغان ـ و على رأسها "حزب السعادة"، خشية إغضاب أردوغان ، قال لى هذاـ يومًا ـ "عمرو دراج" فى محادثة تليفونيةٍ بينى و بينه .
وأضاف عماد أبو هاشم، والمقيم فى تركيا: كان الإخوان يدركون جيدًا ما يفعلونه فى تركيا وفق رؤيةٍ واضحةٍ لكل ما يجرى هناك فوقفوا على ناصية كل الطرق و أرضوا الجميع إن لم يكن علنًا ففي السر ، لم أكن أصدق أن الإخوان قد تخلوا عن أصدقائهم القدامى في "حزب السعادة" و هم المرجعية الدينية و الخلفية الإسلامية لحزب العدالة و التنمية ، كما أننى لم أصدق أن أصدقاء الإخوان فى "حزب السعادة" قد تخلوا هم ـ أيضًا ـ عنهم ، لكن لم يكن أمامى ـ وقتها ـ سوى الانتظار لما ستكشف عنه الأيام و الأحداث .
وتابع عماد أبو هاشم: دارت الأيام دورتها و لا جديد يطفو على السطح فى نمط العلاقات التركية الإخوانية المستقرة إلى أن وصل الشقاق ـ فجأةً ـ إلى منتهاه بين جناحى الإسلام السياسى فى تركيا "حزب السعادة" و "حزب العدالة و التنمية" ، حيث تحالف ـ و لأول مرة ـ الأول ضد الثانى مع أحزاب اليسار التى تضم أغلب أفراد الطائفة العلوية هناك فى الانتخابات الرئاسية البرلمانية الأخيرة في تركيا و تمكن من أن يكبده خسارةً ليست بالهينة فى عدد مقاعد البرلمان التركىِّ التى أحرزها فى الانتخابات السابقة .
واستطرد عماد أبو هاشم: لقد كانت هناك مساحة اختلافٍ بين جناحى الإسلام السياسىِّ في تركيا تتمثل فى اعتراضاتٍ من البعض و مطالب من البعض الآخر تجاه سياسة أردوغان إلا أن هذه المساحة لم تتسع لتصبح هوةً من الخلاف و الشقاق المؤثر في علاقة الحزبين الإسلاميين إلا في الفترة الراهنة ؛ الأمر الذى أثار دهشة الأتراك أنفسهم ، فيما بدا أعضاء حزب السعادة في حرجٍ من أمرهم لا يجدون ما يقولونه إلا التأكيد على أنهم لا يسعون لإسقاط أردوغان و إنما هم ـ فقط ـ يريدون تحقيق مطالبهم التى يتجاهلها أردوغان من خلال هذه التحالفات، و قال نفرٌ منهم إن الإخوان هم وراء كل هذا، لم أتفاجأ بما قال هذا الصديق و قد تصدرت صور "حسن البنا" ملصقات "حزب السعادة" ومطبوعاته الدعائية حتى صارت تملأ الشوارع و الميادين التركية .
وقال عماد أبو هاشم: في ذلك الوقت كان الله قد كشف لى هوية الإخوان الإجرامية و الطبيعة الشيطانية لتنظيمهم فبدأتُ أتأمل كل شىءٍ عنهم و أفكر فيه بحيادٍ من جديد ؛ و من ثّمَّ أخذتُ أشرح للأتراك بعض الذى خفى عنهم عن كهنوت الإخوان و شياطينه و استنكرتُ على أعضاء "حزب السعادة" اتخاذهم (العجل) صورة "حسن البنا" شعارًا لحملتهم الانتخابية إذ هو نكرةٌ لا أصل له في مصر حتى يثقوا ـ هم ـ فيه فيرفعوه إلى مصاف الصالحين و قد أضل الناس و تآمر عليهم ، حينها تأكدتُ أن الدعاية الانتخابية التى روجت لصور البنا في تركيا هى محض تمويلٍ إخوانىٍّ يشرف عليه خبراء الدعاية الإخوان .
واستطرد: لماذا انقلب الإخوان على أردوغان و تآمروا عليه فوسوسوا إلى من كانوا حلفاءه بالأمس القريب لينقلبوا بين عشيةٍ و ضحاها أعداءً له و قد فتح أردوغان بلاده للإخوان و عوضهم عن ذهب المعز ؟، فقد يرى البعض أن الإخوان جماعةٌ دينيةٌ يعيش أهلها في سلامٍ مع أنفسهم و مع الآخرين ، لكن الحقيقة غير ذلك تمامًا ، فهم متصدعون روحيًا فى داخلهم يحسبهم الناس جميعًا و قلوبهم شتى ، كما أنهم في عداءٍ مستدَامٍ مع المحيطِ الاجتماعىِّ الذى يعيشون فيه سواءٌ أكان في مصر أم فى تركيا أم فى أىِّ مكانٍ آخر ، لم يكن هذا الذى هم فيه طارئًا عليهم بسبب الظروف الراهنة التى يعانون فيها بما كسبت أيديهم بل هم كذلك منذ ابلتُينا بهم ، هكذا قال لى أحد كوادرهم حين هالنى ما لم أكن أعرفه عنهم من قبلُ بسبب عدم انتمائى لتنظيمهم ، قال لى : إن هذا دأبهم دائمًا و قد اعتاد ـ هو ـ عليه ، فشكرتُ الله ثم الظروف التى لم تفعل شيئًا سوى أنها كشفت عن معدنهم الردىء و مسلكهم الوضيع .
وأضاف أبو هاشم: صحيحٌ أن أردوغان قد أعطى للإخوان ما أغناهم عن ذهب المعز و وقاهم سيفه حيث آواهم و أكرمهم و آمنهم من خوفٍ و أطعمهم من جوعٍ ، إلا أنه ـ قطعًا ـ كسياسىٍ مخضرمٍ ـ يجيد فنون السياسة و يعرف قواعد السطوة ـ لم يعطهم كل شىءٍ يتطلعون إليه كى يستمر احتياجهم لعطائه لجامًا يبقيهم فى قبضته و تحت سيطرته ، و هم كانوا يدركون ذلك و يسألونه إلحافًا ما مُنِع عنهم ، و هذا يعنى أن الإخوان ـ وهم قومٌ لا يشبعون أبدًا كلما أعطوا طمعوا وطمحوا إلى المزيد ـ قد وجدوا عطاء أردوغان لهم لا يتناسب البتة مع أدنى تطلعاتهم ؛ الأمرالذى أحدث فجوةً بين مدخلاتهم المتاحة لهم فى تركيا و بين ما يتطلعون بشغفٍ إلى اقتناصه من الأتراك ، فكان لا مندوحة لهم عن السعى لسد هذه الفجوة من مَعينٍ آخر .
وأوضح أن التعامل مع المستويات العليا في الهرم التصاعدىِّ لتنظيم الإخوان يكشف بجلاء أن الكوادر العليا لهذا التنظيم لا تعبأ بخلقٍ و لا تتقيد بشرعٍ و لا تبحث عن دين ، فقط المصلحة و كرسىُّ الحكم أسمى أمانيهم ، فكل شىءٍ ـ حتى الدين ـ بالنسبة لهم يعتبر تجارةً تخضع لقوانين العرض و الطلب و أليات السوق ؛ لذلك فإنهم يتدربون على الدعوة ليس كدعاةٍ يسعون إلى الإصلاح و يأمرون الناس بالمعروف و ينهونهم عن المنكر بل كتجار يُسُوِّقون الدين بما يخدم مصالحهم طلبًا للمال أو جمعًا للأنصار فإن راق لهم شىءٌ يحقق ضالتهم أحلوه و إن خافوا من شىءٍ ينال من مصالحهم حرَّموه ، إذن مصلحة التنظيم هى المقياس العيارىُّ الإخوانىِّ في التحليل و التحريم و الداعية الإخوانىُّ التاجر ـ كأىِّ تاجرٍ آخرـ دائمًا ما يبحث عن الربح بأية و سيلةٍ كانت حيث لا يقتصر ربحه المنشود على المال فحسب بل يتعداه إلى جذب المريدين و كسب الأنصار ، و هم في هذه التجارة نخاسون بالدين لا يؤمنون بأية مبادئ و لا يسعون إلى خيرٍ .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة