دعوة خالصة من القلب لجموع الشعب المصري العظيم ، أذكره و نفسي بأننا شعب مؤمن بالفطرة و أن النظافة من الإيمان، فهل لنا أن نُفّعل هذا الجانب من الإيمان بعد أن تم تجاهله و التغاضي سهواً أو عمداً عن مدي أهميته لصحة و سلامة الإنسان بالمجتمع و خاصة الأطفال ؟
فقد تحدثت منذ فترة قريبة بمقال سابق عن تجربة رواندا الشهيرة بمسألة النظافة ، ذلك بعد تدميرها بالكامل خلال سنوات الحرب الأهلية و المذابح المروعة و مدي قوة إرادة و تصميم شعبها و فطنته إلي ضرورة إعادة البناء السريع و التحول الإرادي من دولة أنهكتها و دمرتها نيران العصبية و القبلية و التخلف إلي دولة يُضرب بها المثل في النظافة و مزار سياحي عالمي و معدلات تنمية اقتصادية عالية بشكل يرفع له القبعة .
و لكن رواندا و من مثلها من دول صغيرة الحجم قليلة السكان قد تصبح مثل هذه التجارب فيما يخص الإرادة و الثقافة الشعبية ناجحة فعالة لأنها داخل نطاق السيطرة و سهولة التطبيق .
و من رواندا و تونس إلي الإمارات العربية المتحدة التي تبلغ من العمر سبعة و أربعون عاماً تحولت خلالهم من صحراء بدوية إلي مدن عالمية تزينها ناطحات السحاب كأكبر و أهم المزارات السياحية العالمية ،
و في دولة كالإمارات نجد بها التجربة مختلفة ، حيث لعب دور الحكومة و الرقابة المشددة و القوانين الصارمة التي لا تستثني أحد و الغرامات الموجعة الدور الأكبر في التزام و احترام الجميع لكل أوجه و أسباب هذا التطور العظيم و علي رأسه النظافة التي لا تخطئها عين .
أما عن مصركدولة كبيرة مترامية الأطراف مكتظة بالسكان الذين تخطوا حاجز المائة مليون نسمة فالمسألة ليست بالسهولة التي قد تحققها الإرادة و الثقافة الشعبية أو القوانين و الرقابة و الغرامة و غيرها من الأساليب التي اتبعتها غيرها من الدول و نجحت بها.
و لكن :
هل ننتظر أن تخصص الدولة وزارة خاصة للنظافة أو قطاع جديد بوزارة الداخلية للرقابة علي النظافة و فرض الغرامات القاسية و التفرغ لمتابعتها ، أم نطالب الشرطة و الجيش بترك ملاحقة المجرمين و محاربة الإرهاب و إقرار النظام و توفير الأمان و التفرغ لملاحقة الخارجين علي قانون النظافة المزمع ؟فالحل الأمثل أن نترك الدولة للتفرغ بما يثقل كاهلها من مهام و مسؤوليات لا أول لها من آخر و إصلاح. ما أفسدته سنوات الثورة و توابعها التي لم تنته بعد ،و لنكن لوطننا عوناً لا معوقاً ، و ليبدأ كل منا بنفسه و نظافته الشخصية و بيته و حول منزله و هذا أضعف الإيمان .
فإن قام عدد من الأشخاص بشارعٍ ما بهذا السلوك ، حتماً سيصاب بعض الآخرين ممن يسكنون نفس الشارع بالخجل و البعض الآخر بالعدوي الإيجابية و الحماس الجمعي الذي له أكبر تأثير في مثل هذه الأمور التي تستلزم الحماس و الإقبال، ثم إن نجحت و فعلت هذه التجربة بأحد الشوارع سرعان ما ستنتقل لباقي شوارع المنطقة المعينة عن طريق العدوي أو الخجل سيان ، فكل ما يعنينا هنا هو التفعيل و الإنتشار الذي هو الحل الأمثل و ربما الأوحد في مجتمع كبير مترامي الأطراف متعدد الطبقات مختلف الثقافات مثل مجتمعنا ، تصعب به إحكام عمليات الرقابة و إقرار الغرامة كما يحدث بالإمارات ، لكن من السهل إيقاظ ضميره الجمعي و حسه الوطني و إيمانه الفطري .
فعندما أقر السيد محافظ القاهرة غرامة مالية تخص القاء القمامة و مخلفات المباني بالشوارع ، للأسف لم تفلح و لم تتفعل نظراً لأن صغار الموظفين هم من يفسدون جميع الأمور فمنهم الموالي و منهم المرتشي و منهم من لا يقوم بأداء واجبه مما أفسد الفكرة و حولها إلي مجرد حبر علي ورق .
أما إن كانت الرغبة نابعة من داخل المواطن نفسه و خالصة لوجه الله و الوطن ، فلن يحتاج آنذاك إلي رقيب سوي ضميره فحسب .
و آنذاك عندما تنتشر الفكرة و تدخل حيز التنفيذ الفعلي و تتناقلها الأخبار ، ربما يتوقف خجلاً قطاع أصحاب السيارات الفارهة الذين نراهم بأعيننا يفتحون النافذة هم أو أولادهم ليقذفوا بأكياس القمامة بالشوارع و الطرقات العامة كثقافة اعتادوها و علموها بطريق غير مباشر لذريتهم !
نهاية :
أتوجه بدعوة عامة لجميع المصريين المؤمنين بالحفاظ علي صحتهم و صحة أولادهم و اتقاء الأمراض و الأخطار و من قبلهم الله عز و جل بالنظافة ثم النظافة
كما أدعو كافة وسائل الإعلام المقروءة و المسموعة و المرئية بجانب وسائل التواصل الإجتماعي المختلفة لنشر تلك الدعوة بكثافة حتي نستطيع توصيلها لكل ربوع مصر و تغطيتها من باب التشجيع في البداية إلي أن تدور العجلة و تدفع نفسها بنفسها لتتحول فيما بعد إلي رغبة و إرادة و ثقافة شعب كبير عريق .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة