سافر الدكتور رفعت المحجوب على رأس وفد رفيع المستوى فى أبريل 1990 إلى بغداد بتكليف من الرئيس الأسبق مبارك، لمقابلة الرئيس العراقى صدام حسين، والذى كان تلميذ المحجوب فى جامعة القاهرة، وذلك لمناقشة المشكلة العراقية الكويتية، وإيجاد حل سلمى بدل من التدخل العسكرى العراقى فى الكويت.
وبعد الزيارة التى جمعت أكثر من 20 شخصًا من الوزراء وأعضاء مجلس الشعب ورؤساء تحرير الصحف، قرر الرئيس صدام حسين إهداء الوفد المصرى سيارات مرسيدس لكل عضو فى الوفد المصرى، وطبعا واحدة للدكتور رفعت المحجوب أستاذ صدام حسين بالجامعة.
وتوقع الوفد المصرى أن المحجوب سوف يرفض الهدية كعادته فى كل رحلة، فلم يكن لقبل أى هدايا من أى شخص أو جهة على مدار سبع سنوات (فترة رأسته لمجلس الشعب من عام 1984 وحتى استشهاده عام 1990).
والغريب أيضًا فى تلك المناسبة أن المحجوب قبل الهدية وأمر بشحن السيارات إلى مصر باسم مجلس الشعب، وقد علم الرئيس الأسبق مبارك، وكل وسائل الإعلام هذا الأمر، وبدى الكل متنمرا، كيف يقبل رفعت المحجوب مثل هذه الهدية؟، وممن.. صدام حسين، والذى كانت علاقة متوترة مع الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك فى ذلك الوقت، وهل يتحدى القيادة المصرية، أم تغيرت مبادئ المحجوب وتنازل عن قناعاته؟.
وبعد عودة الوفد المصرى، وفى الجلسة المسائية لمجلس الشعب المصرى، وقبل وصول السيارات إلى مصر، كان أعضاء لمعارضة قد أعدوا مجموعة من الاستجوابات حول هذا الموضوع وصاغوا اتهامات كثيرة للمحجوب وأعضاء الحكومة وأعضاء الوفد المصرى الذى قبلوا السيارات من صدام حسين لكسر عينهم.
وما أن استهل الدكتور رفعت المحجوب افتتاحية الجلسة وعرض تقرير الزيارة على أعضاء المجلس الموقر، وأعلن على الملا أن الرئيس صدام حسين قد أهدئ مصر عددا كبيرا من السيارات المرسيدس، وأن كل أعضاء الوفد قد تنازلوا عنهم لمصر، وأنه تم بالفعل تسليم أوراق هذه السيارات إلى وزارة المالية المصرية للإفراج عنها والتصرف فيها كممتلكات للشعب المصري.
وفى حديث المحجوب مع الزعيم ياسر عرفات فى القمه العربية قبل غزو العراق للكويت، والذى كان أيضا تلميذه، سأل القائد أبو عمار؛ ما الذى فعلته يا دكتور صدام غاضب منك؟، رد المحجوب وقال: "صدام عنيد، وعدم قبول الهدية إهانة له، فقبلت هديته وتنازلت عنها لبلادى وهذا حقى (من حكم فى مالة فما ظلم)، فنحن يا أبو عمار دولة آخذة فى النمو، ومصر أولا بهم".
ثم سأل أبو عمار؛ وهل كان الرئيس مبارك على علم بالموضوع؟، فرد المحجوب: "لا والله ولا هو ولا أعضاء الوفد نفسهم فقد علموا بالتنازل عن السيارات منى فى الجلسة عند إعلانى مثلما علم السيد رئيس الجمهورية والذى لامنى بعد ذلك لعدم إخطاره أولا، لكن الأمور عدت.
من مذكرات الدكتور رفعت المحجوب 1990.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة