أكد أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية، أهمية الدور الذى تضطلع به الجامعة العربية فى تعزيز الجهود العربية الرامية لتحقيق التنمية المستدامة الشاملة، مشددا فى هذا الصدد على ضرورة العمل على اتخاذ خطوات دولية وإقليمية متقدمة نحو مكافحة التلوث وتغير المنُاخ والتصحر والجفاف.
جاء ذلك خلال مؤتمر المنتدى العربى للتنمية المستدامة لعام 2019 الذى عقد فى العاصمة اللبنانية بيروت تحت عنوان (تمكين الناس وضمان الشمول والمساواة فى المنطقة العربية) بمقر اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربى آسيا (الإسكوا) .
وشدد أبو الغيط على حق جميع الدول فى تنويع مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة، واللجوء إلى الاستخدامات السلمية للطاقة النووية فى تحقيق التنمية المستدامة، مشيرا إلى أن الجامعة العربية تظل المؤسسة العربية الحاضنة للنشاط العربى والوعاء الحاضن لكل الجهود والنشاطات التى تبذل للتنسيق بين المؤسسات العربية.
وقال إن استئناف انعقاد القمم العربية الاقتصادية، ينطوى على دلالة مهمة تتمثل فى أن الحكومات العربية أدركت أن التحديات التى تواجه العالم العربى هى تحديات مركبة ويتطلب مواجهتها حزمة سياسية تمزج بين الاستخدام الفعال للأدوات الاقتصادية والبرامج الاجتماعية جنبا إلى جنبا مع الإجراءات السياسية والأمنية.
وأضاف أن السنوات الماضية التى مرت بها المنطقة، كانت عصيبة، غير أنها استطاعت أن تستعيد توازنها إلى حد كبير، وأن انعقاد المنتدى يعد فرصة مهمة فى هذا الإطار يجب اغتنامها بالتفاعل الإيجابى مع القرارات المرتبطة بالعملية التنموية الصادرة عن القمم العربية، خاصة القمة العربية الاقتصادية الأخيرة، والتى تعاملت مع أهداف أجندة الأمم المتحدة 2030 للتنمية المستدامة فى العديد من أبعادها، حيث اعتمدت القمة الإطار الاستراتيجى العربى للقضاء على الفقر المتعدد الأبعاد لتعزيز الجهود العربية الرامية لتحقيق التنمية المستدامة الشاملة.
وأوضح أبو الغيط أن جامعة الدول العربية كانت هى المبادرة لتشكيل الفكر وتوجيه الدول الأعضاء لتبنى استراتيجية وأجندة التنمية المستدامة 2030، مشيرا فى هذا الصدد إلى أن رؤية الجامعة تقوم على إيلاء المزيد من الاهتمام لمعالجة التفاوت فى القدرات العلمية والمعرفة والتكنولوجيا والابتكار بين الدول المتقدمة والنامية.
ولفت إلى أن الجامعة العربية ترى أهمية كبيرة لتطوير قطاع الصناعة باعتباره أهم الوسائل للقضاء على الفقر، فى ضوء ما يوفره من فرص عمل بما ينقص من معدلات البطالة ويساعد على مواجهة التحديات الاجتماعية والاقتصادية، على نحو يتطلب تهيئة البيئة الملائمة لتطوير الصناعة على صعيد التشريعات للاندماج فى حركة التجارة الدولية والتمويل اللازم لبناء قاعدة صناعية صلبة وتعزيز الاستثمار.
وأكد على ضرورة احترام حقوق الإنسان المتفق عليها دوليا ومبادىء القانون الدولى المرتبطة بتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وفى مقدمتها الحق فى الغذاء ومياه الشرب الآمنة والصحة وغيرها، إلى جانب مبادىء سيادة القانون والحكم الرشيد والمساواة بين الجنسين، مع أهمية العمل على تحقيق الاحترام الكامل لمختلف القيم الدينية والأخلاقية.
وأكد أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية أهمية تفاعل المنتدى العربى للتنمية المستدامة، الذى انطلق اليوم الثلاثاء فى لبنان، مع القرارات المرتبطة بالعملية التنموية الصادرة عن القمم العربية خاصة قمة بيروت التنموية التى تعاملت مع أهداف أجندة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 2030 فى العديد من أبعادها.
وهنأ أبو الغيط، خلال كلمته فى المنتدى، الدكتورة رولا دشتى على توليها مهام منصبها كأمين تنفيذى للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربى آسيا"، معربا عن ثقته فى أن خبرتها الطويلة ورؤيتها الثاقبة ستسهم فى الارتقاء بعمل الاسكوا، وفى تعزيز المشاركة الهامة القائمة بين جامعة الدول العربية والاسكوا فى عدد من مجالات التعاون الحيوية.
وقال: "يسعدنى أن أشارك معكم اليوم فى افتتاح أعمال المنتدى العربى للتنمية المستدامة لهذا العام، والذى يعقد بعد أيام قليلة من انتهاء اجتماعات القمة العربية فى دورتها العادية الثلاثين بتونس، وبعد حوالى ثلاثة أشهر من انتهاء أعمال القمة العربية التنموية: الاقتصادية والاجتماعية فى دورتها الرابعة، والتى عقدت فى بيروت فى يناير الماضي".
وأشار إلى أن القمتين صدر عنهما حزمة من القرارات الاقتصادية والاجتماعية المحورية المرتبطة برفاه المواطن العربى وحياته اليومية بتأمين مستقبل أفضل للأجيال القادمة.
وشدد على أن الجامعة العربية تظل المؤسسة الحاضنة لمجمل النشاط العربى المرتبط بمختلف أوجه التنمية، بما يشمله ذلك من عمل فى مجالات الاقتصاد والشئون الاجتماعية والبيئة والإسكان والصحة والتعليم وغير ذلك من الموضوعات الحيوية ذات الاتصال الوثيق بحياة الإنسان العربي، وهى أيضاً الوعاء الحاضن لكل الجهود والنشاطات التى تُبذل للتنسيق بين المؤسسات العربية العاملة فى كافة هذه المجالات.
وأشار إلى أن القمة التنموية انعقدت فى بيروت خلال شهر يناير الماضى بعد غياب دام ست سنوات، مؤكدا أن استئناف عقد القمم التنموية فى إطار منظومة العمل العربى المشترك ينطوى على دلالة هامة لا تخفى مفادها أن الحكومات العربية أدركت أن التحديات التى تواجه العالم العربى ذات طبيعة مركبة ومتداخلة ولا يمكن مواجهتها سوى بحزمة سياسات تمزج بين الاستخدام الفعال للأدوات الاقتصادية والبرامج الاجتماعية، جنباً إلى جنب مع الإجراءات السياسية والأمنية.
واعتبر أن المنتدى العربى للتنمية المستدامة يشكل فرصة هامة فى هذا الإطار يجب اغتنامها للتفاعل بإيجابية مع القرارات المرتبطة بالعملية التنموية الصادرة عن القمم العربية، خاصة قمة بيروت التنموية والتى تعاملت مع أهداف أجندة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 2030 فى العديد من أبعادها.
وأشار إلى أن قمة بيروت اعتمدت على سبيل المثال الإطار الاستراتيجى العربى للقضاء على الفقر متعدد الأبعاد 2020 – 2030 كإطار يعزز من الجهود العربية الرامية لتحقيق التنمية المستدامة الشاملة فى المنطقة العربية، ويهدف إلى إنقاص مؤشر الفقر متعدد الأبعاد بنسبة 50% بحلول عام 2030.
كما وافقت القمة على مبادرة "المحفظة الوردية" كمبادرة إقليمية لصحة المرأة فى المنطقة العربية، وذلك فى إطار تنفيذ أهداف التنمية المستدامة 2030، من أجل ضمان تمتع الجميع بأنماط عيش صحية وبالرفاهية فى جميع الأعمار، فضلاً عن اعتماد وثيقة منهاج العمل للأسرة فى المنطقة العربية فى إطار تنفيذ أهداف التنمية المستدامة 2030 كأجندة التنمية للأسرة فى المنطقة العربية.
ولفت إلى أن انعقاد المنتدى العربى للتنمية المستدامة هذا العام يأتى بعد مرور أربعة أعوام تقريباً على اعتماد خطة 2030، وتحت شعار هام له دلالاته الكبيرة وهو "تمكين الناس وضمان الشمولية والمساواة فى المنطقة العربية".
ولفت إلى بعض الخطوات المحورية التى اتخذتها الجامعة العربية فى هذا المضمار منها اعتماد القمة العربية السابعة والعشرين بنواكشوط فى عام 2016 قراراً بإنشاء آلية عربية تقوم بمتابعة تنفيذ أهداف التنمية المستدامة 2030 فى الدول العربية تتضمن مهامها تعزيز التعاون مع الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة لتقديم الدعم للدول العربية فى تنفيذ خططها الوطنية.
ونوه كذلك بإنشاء "اللجنة العربية لمتابعة تنفيذ أهداف التنمية المستدامة" والتى شهدت منذ نشأتها تفاعلاً إيجابياً من جانب الدول العربية توج باعتماد "الإطار الاسترشادى العربى لدعم تنفيذ خطة التنمية المستدامة 2030"، وكذلك تشكيل "اللجنة الفرعية للقضاء على الجوع" لمتابعة تحقيق الهدف الثانى من أهداف أجندة التنمية المستدامة 2030 الخاص بـ "القضاء على الجوع" وما يتكامل معه من أهداف وغايات تمهيداً لإطلاق مبادرة للقضاء على الجوع بالمنطقة العربية.
ولفت إلى عدد من العناصر المحورية التى تشكل رؤية الجامعة تجاه الموضوعات المرتبطة بأهداف التنمية المستدامة التى يركز عليها المنتدى هذا العام.
وشدد فى هذا الصدد على أن الجامعة ترى محورية إيلاء المزيد من الاهتمام لمعالجة مسألة التفاوت فى القدرات العلمية ومستويات التنمية للعلوم والمعرفة والتكنولوجيا والابتكار بين الدول المتقدمة والنامية، حيث إن الابتكار هو العمود الفقرى فى النظام الاقتصادى الدولى الجديد.
وقال إن الجامعة تنظر إلى تطوير قطاع الصناعة وعمليات التصنيع باعتبارها من أهم الوسائل فعالية للمساهمة فى القضاء على الفقر، وذلك فى ضوء ما توفره من فرص عمل وباعتبارها بوابة لاستيعاب أكبر عدد من الأيدى العاملة بما ينقص من معدلات البطالة ويساعد على مواجهة التحديات الاجتماعية والاقتصادية.
وأضاف أن هذا الأمر يستلزم تهيئة بيئة ملائمة لتطوير الصناعة على المستويات الوطنية فى الدول النامية، سواء من خلال صياغة تشريعات أكثر فعالية فيما يتعلق بالاندماج فى حركة التجارة الدولية والتمويل اللازم لبناء قاعدة صناعية صلبة وبناء القدرات وتعزيز دور الاستثمار الأجنبي.
وأكد أهمية اتخاذ خطوات دولية وإقليمية متقدمة لمكافحة التلوث وتغير المناخ والتصحر والجفاف، مشددا على أهمية التفرقة بين تمويل أنشطة مواجهة تغير المناخ وتمويل عمليات التنمية بشكل عام، وضرورة تبنى مبدأ المسئولية المشتركة مع تباين الأعباء.
من جانبها، أكدت الدكتورة رولا دشتى الأمين التنفيذى للجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربى آسيا (الإسكوا) أن المراجعات الوطنية الطوعية التى اعتمدتها الدول العربية لخطط التنمية المستدامة، تبعث على التفاؤل، موضحة أن معظم البلاد اعتمدت خطط تنمية بعيدة المدى فى التعليم وعملت على ترسيخ حقوق الإنسان فى الدساتير.
وأشارت إلى أن المنطقة غنية بالشباب الذين هم قادرون على إحداث التحول والتنمية، لافتة إلى أن الطريق لايزال طويلا لتحقيق تنمية مستدامة شاملة وعادلة.
وقالت إن تغير المناخ والنقص فى المياه يهدد الاستقرار، وأن معدل البطالة فى المنطقة هو الأعلى فى العالم، فضلا عن التآكل الذى يطال الطبقة الوسطى التى هى عماد المجتمعات، إلى جانب الحروب والنزاعات والتهجير والنزوح.
وشددت على أن الإسكوا تعتمد رؤية تنموية تستمد قوتها من التعاون مع الجامعة العربية والهيئات الأممية والمنظمات الإقليمية والمجتمع المدنى والقطاع الخاص، وأكدت أن الشباب فى المنطقة العربية الطريق إلى التجديد، وأنه لا ازدهار لمجتمع بلا كرامة لأبنائه وبناته وبلا عدالة اجتماعية.
بدوره، قال وزير التخطيط العراقى نور الدليمي، إن التحديات السياسية والأمنية والبيئية أثرت بشدة على المنطقة، وهو ما يتطلب من الجميع إعادة تحديد الأولويات فى كافة الجوانب وتوفير بيئة أمنة وصولا إلى تنمية مستدامة، ولفت إلى أن أثر تغيرات المناخ يستدعى وقفة عاجلة للحد من أثاره خاصة فى ما يتعلق بنقص مياه الشرب.
وأضاف "نحن جادون فى العراق لتفعيل دور القطاع الخاص وتوفير ضمانات نجاحه، وخطة التنمية المستدامة لعام 2030 ذات أهمية بالغة لتحقيق أهداف التنمية فى بلادنا"، مشددا على أهمية المراجعات الطوعية بما يتناسب مع احتياجات الدول.
من ناحيتها، قالت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة أمينة محمد إن هذا العام يمثل سنة بالغة الأهمية لتطوير خطة التنمية المستدامة 2030 للمنطقة، مشيرة إلى اهتمام المنظمة الأممية لتجاوز المنطقة لأوضاعها وتعزيز أوضاعها وتحقيق التنمية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة