كان الجو مشحونا فى المؤتمر الصحفى للرئيسين السيسي وترامب فى البيت الأبيض ، كبار محررى الصحف والتلفزيونات الأمريكية والأوربية ينتظرون اللحظة المناسبة لتوجيه "السؤال الماستر" ، الذى قد يسبب الإحراج لهذا الرئيس أو ذاك ، أو يدفع أحدهما للغضب والرد بانفعال ، كما حدث من قبل فى أكثر من مؤتمر صحفى للرئيس ترامب ، وساعتها ستكون اللقطة مادة ذهبية للصفحات الأولى فى الجرائد ومحور الحديث فى برامج التوك شو بالقنوات الأمريكية والأوربية، خاصة cnn العدو الإعلامى اللدود لترامب والشريك المخالف فى كل ما يفعله
اللقطة اليوم فى المؤتمر الصحفى للرئيسين السيسي وترامب ، عندما تقدمت إحدى الصحفيات وسألت ترامب عن موقفه من التعديلات الدستورية التى تجرى فى مصر ، وهنا طبعا لابد وأن نشير إلى حملات العلاقات العامة المدفوعة والمقالات الإعلانية وحملات السوشيال ميديا الإخوانية التى تحاول تقديم صورة مشوهة لكل ما يجرى فى الداخل المصرى بما فى ذلك التعديلات الدستورية التى مازال يناقشها البرلمان !
طبعا ، كانت الصحفية تقصد إحراج ترامب بسؤاله عن التعديلات الدستورية فى حضور الرئيس السيسي ، حتى يدلى بأى تصريح يفهم منه أو يتم تفسيره بأنه يتدخل فى الشئون الداخلية المصرية أو يبدى فيها رأيا ، لكن الرئيس ترامب بحصافة شديدة تجاهل سؤالها ورد قائلا " الرئيس السيسي يقوم بجهد عظيم " وأبدى احتفاءه الشديد باستقبال السيسي فى البيت الأبيض ، بل إنه تطرق إلى زيارة السيدة الأولى ميلانيا ترامب للقاهرة ليشيد بالحضارة المصرية وبحفاوة استقبالها فى مصر واللحظات الرائعة التى قضتها أمام الأهرامات
وبصرف النظر عن أن اللقطة انعكست ، وبدلا من إحراج ترامب أو ضيفه السيسي كما هو مخطط ، تحول السؤال إلى مناسبة للإشادة بجهود الرئيس المصرى وطبيعة العلاقات المصرية الأمريكية والحضارة المصرية ، فهناك مجموعة من الملاحظات السريعة يمكن استخلاصها من هذه اللقطة تحديدا .
واضح أن الإدارة الأمريكية تتسم بالعملية الشديدة ويهمهما فى العلاقة مع الدولة المصرية التركيز على المصالح الاستراتيجية العليا فى علاقات البلدين ، فمصر بموقعها وثقلها الجغرافى والسياسى والإقليمى الدولى ، تمثل رقما مهما فى العلاقات الثنائية مع واشنطن ، خاصة فى منطقة تموج بالاضطرابات السياسية والجغرافية وتنطلق منها دعاوى التطرف والإرهاب والهجرات غير الشرعية التى تقض مضاجع أوربا والغرب كله
وواضح أن الإدارة الأمريكية الحالية لا تتأثر بحملات العلاقات العامة الإخوانية ولا المقالات المدفوعة أو ساعات البث الموجهة ضد السياسات المصرية ، ولا تلتفت حتى لألاعيب صبيانية مثل تأجير قاعة بالكونجرس لعقد جلسة استماع يخرج فيها مصريون من عينة خالد أبو النجا وعمرو واكد ليناشدوا قوات البحرية الأمريكية إنقاذ مصر!
وواضح أيضا أن الإدارة الأمريكية تعى جيدا التغيرات الإيجابية فى مختلف أوجه الحياة بمصر من الإصلاح الاقتصادى ودعم الفئات الأكثر احتياجا إلى تمكين المرأة وإرساء أسس السلام الاجتماعى والتسامح ، وهو مادعا ترامب إلى شكر الرئيس السيسي نيابة عن الولايات المتحدة وكافة مؤسساتها على جهوده فى مجال التسامح الدينى وحرية العبادة
ومن الواضح أخيرا أن الإدارة الأمريكية وترامب يدركون جميعا ، أن التعديلات الدستورية المصرية شأن مصرى خالص ، وتجرى وفق الأسس الدستورية والقانونية المعمول بها فى مصر وأنها مازالت قيد التداول داخل جلسات البرلمان المصرى الذى يعتبر الجهة الوحيدة المعنية بإقرارها قبل عرضها على الشعب المصرى فى الاستفتاء العام ، ومن ثم لا يجوز المزايدة على برلمان مصر أو اختيارات المصريين ، بمعنى آخر : لا عزاء للإخوان وشركائهم الحمقى والموتورين والموجهين سياسيا
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة