الموهبة والكاريزما والحضور وخفة الظل مهما كان حجم هذه المسميات لدى أى فنان لن تشفع له كى يظل أكثر من نصف قرن زعيما للفن، لذلك لا يجوز أن نطلق على عادل إمام فنانا أو نجما لأنه تخطى هذه المرحلة بكثير، فهناك توصيف أكثر تناسبا معه، ألا وهو الظاهرة الفنية التى لم ولن تتكرر.. فعلى مستوى دول العالم التى توجد ببلدانها الفنون والثقافة، وبالتحديد أكبر كيان فنى فى العالم وهو هوليود بالولايات المتحدة الأمريكية ومن بعده بوليود بالهند، لا يوجد عندهم فنان مهما كان حجم موهبته ومهما كان قدر نجوميته يستمر فى القمة كل هذه العقود.
الزعيم عادل إمام، والذى يحتفل بعد أيام قليلة بعيد ميلاده الـ 79 هو الفنان الوحيد على مستوى العالم الذى لم يسمح لنفسه أن ينزل لمرتبة الفنان المساعد أو صاحب الدور الثانى منذ أن اعتلى اسمه أفيشات السينما وأبواب المسارح، لذلك فهو بمثابة ظاهرة لا بد أن تُدرس فى أكاديميات الفنون فيما بعد..
ملك الترسو فريد شوقى والعمالقة محمود مرسى وإسماعيل ياسين ورشدى أباظة وغيرهم باختلاف الخطوط الفنية التى لعبوها على مدار مشوارهم الفنى مابين الأكشن والكوميدى والدراما، رغم بطولاتهم وأفلامهم وأعمالهم الدرامية إلا أنه جاء وقت من الزمان، لم يكن للقمة مكان لهم بحكم قانون الفن الذى يمنح المرتبة الأولى فيها للشباب، فاضطر هؤلاء العمالقة للقبول برتبة الرجل الثانى ..أو بشكل أكثر دقة أن يدعموا جيل الشباب لأنه ليس أمامهم سوى ذلك للاستمرار بحكم السيناريوهات الموجودة والتى دائما مايكون الشباب هو البطل فيها، فمثلا وقف العملاقان فريد شوقى ومحمود مرسى أمام أحمد زكى فى فيلم "سعد اليتيم"، وهو العمل المنسوب للفتى الأسمر، وتكررت هذه الأعمال كثيرا، لكن الزعيم دائما ماكان يجد لفنه ولموهبته وحضوره الاستئنائى مخرج، ليستمر فى بطولة جميع الأعمال التى قدمها.
محدش يقدر يقول للزعيم لأ
مهما كان حجم بطولاتك السابقة، وأيا كانت نجاحاتك الماضية كممثل، فمن المؤكد أنها ستزداد عندما تقف أمام الزعيم عادل إمام، نعم وجودك فى الدور الثانى مع عادل إمام بطلا يضيف لك كثيرا، ليس لحجم جماهيرية الزعيم بمختلف أنحاء الوطن العربى فحسب وانتظار الجميع لأعماله فى كل موسم درامى، وقبل ذلك فى المواسم السينمائية، ولكن أيضا لما يكتسبه الممثل الذى يقف أمامه سواء على مستوى الخبرة والموهبة أو القدرة على إدارة عقليته الفنية واستغلالها بشكل جيد.
هناك فنانون كثيرون عندما يقدمون بطولات بمفردهم يرفضون التواجد على الإطلاق فى مرتبة الدور الثانى، ولكن عندما يكون هذا العمل من بطولة عادل إمام يكون لهم رأى آخر، وهو ماحدث مع كثيرين للغاية وعلى سبيل المثال حسين فهمى فى مسلسل "العراف" وأشرف عبد الباقى فى فيلم "بوبوس" وأحمد عيد فى مسلسل "صاحب السعادة" وغادة عادل فى "عفاريت عدلى علام"، وغيرهم الكثير والكثير.
عادل إمام سخر فى أفلامه من الواقع
لم تكن أفلام عادل إمام مجرد أعمال للتسلية والترفيه وجذب الإيرادات فقط، صحيح كان يحرص الزعيم عليها لأنه أدرك مبكرا أن الأرقام هى المقياس العملى الذى من خلاله يتغير موقع النجوم بين القمة والقاع، ولكن كانت كل أعماله بها إسقاط على المجتمع ففى فيلم "الإرهاب والكباب" للكاتب الكبير وحيد حامد، سخر من الروتينيات والبيوقراطية التى كان يتبعها الموظفون فى مجمع التحرير، وفى أفلام مثل "رجب فوق سفيح ساخن"و"رمضان فوق البركان"و"شعبان تحت الصفر"و"عنتر شايل سيفه"و "زوج تحت الطلب" وغيرها من الأفلام التى حققت انتشار عربى واسع، تحدث فى بعضها عن البسطاء والموظفين الذين يتأخرون فى الزواج رغما عن أنفهم لعدم قدرتهم على تكاليف الزواج، وأفلام أخرى تحدث فيها عن الفلاحين البسطاء وتلقائيتهم التى تصل أحيانا إلى السذاجة وتورطهم فى مشاكل كبرى، وهذه الأفلام بالفعل حققت نجاحا جماهيريا كبيرا، حيث قدمها فى إطار كوميدى، ونجح من خلالها فى تحقيق المعادلة الصعبة مابين جمع الإيرادات وتقديم القيمة.
عادل إمام حارب الإرهاب وكشف أفكارهم التكفيرية
دخل الزعيم فى عام 1993 منطقة شائكة وخطيرة بالفعل، بعدما قدم فيلم "الإرهابى"، للكاتب لينين الرملى، والمخرج نادر جلال، والذى كشف من خلاله كيف تفكر الجماعات التكفيرية؟، وكيف ينظرون للآخرين؟، وكذلك نظرتهم الدنيئة للنساء، وكيف أنهم قد يقتلون طفلا لمجرد أنه مسيحي أو من ديانة أخرى رغم أن القرآن الكريم حرم ذلك، وكيف أنهم يقولون مالا يفعلون، ووقتها تعرض الزعيم عادل إمام بالفعل لمخاطر وتهديدات كانت من الممكن أن تنهى حياته، خاصة بعدما سافر إلى محافظة أسيوط حيث كان يُعشش الإرهاب هناك.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة