كان سيدنا أبوبكر الصديق صاحب فطرة حسنة، جعلته يعرف الصادق من الكاذب، وكان تاجرا، مما جعله يدرك الحقيقى من المزيف، وبالتالى فقد كان أول المؤمنين من الرجال، وأول المنفقين على الدين الجديد محبة وإدراكا لقيمته.
كان سيدنا أبوبكر الصديق الأقرب للنبى عليه الصلاة والسلام، يصدقه دائما، حتى إن المشركين عندما أخبروه بأن محمدا يقول إنه أسرى به فى الليل، وأنه صعد إلى السماء، ورغم غرابة الحكاية، فإن سيدنا أبوبكر قال: «إن كان قال فقد صدق» ويقصد سيدنا محمد، وهو لا يصدق محدثه، لكنه يصدق نبيه، ويعرف أن الحكاية لا يقبلها العقل البشرى بسهولة، لكن الله قادرعلى كل شىء.
وعن أهمية سيدنا أبوبكر الصديق ما روته السيدة عائشة، قالت: «لما اجتمع أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم، وكانوا قرابة تسع وثلاثين رجلاً ألحّ أبوبكر على رسول الله فى الظهور وعدم الاختفاء، فقال «يا أبو بكر إنا قليل»، فلم يزل أبوبكر يلحّ حتى وافقه وكان رسول الله والمسلمون تفرقوا فى نواحى المسجد، وقام أبوبكر خطيبًا فى الناس، فكان أول خطيب دعا إلى الله ورسوله، فثار عليه المشركون، وثاروا على المسلمين معه، فضربوا أبوبكر ضربًا شديدًا، حتى إن عتبة دنا منه وجعل يضرب وجهه بنعلين مخصوفتين، ثم نزوا على بطن أبى بكر حتى ما يعرف وجهه من أنفه، حتى جاء بنو تيم قوم أبى بكر وأجلوا عنه المشركين، ويحمل رضى الله عنه مغمى عليه إلى بيت أهله وقد سالت دماؤه، واشتكت أعضاؤه، ولم يفق من غشيته إلا آخر النهار، وأمه عند رأسه تبكى بيدها الطعام والماء، وتفتح عينى أبى بكر وهو يرى أمه وجراحه وآلامه، فأول ما قال: أماه ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فتغضب أمّه: والله ما أوقعك فيما أنت فيه إلا صاحبك، ما لى علم به، فيقول: أماه، اسألى لى عن خبره، فأرسلت إلى أم جميل فاطمة بنت الخطاب، فقدمت وبشرته بأنه سالم بحمد الله، فأقبلت عندها أمه بطعامها وشرابها عله يشرب أو يأكل، فقال: يا أماه، لله على أن لا أذوق طعامًا ولا شرابًا حتى آتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأراه.
كل الأمور العظيمة كى يكتب الله لها النجاح تحتاج إلى صديق مخلص إخلاص أبى بكر، لأن إخلاصه يعدى الآخرين، لذا كان الصحابة يتنافسون ليكونوا فى قيمة أبى بكر وصدقه، فيفلحون مرة ولا يحالفهم التوفيق مرة أخرى.
أما هو فلا يزال رغم مرور السنوات قدوة إنسانية عظيمة فى الإيمان ورمزا على قدر الصالحين فى الأرض.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة