أكرم القصاص

تخاريف افتراضية .. الغالى والرخيص والهيصة والدعاية والإعلان

الأحد، 12 مايو 2019 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كانوا يسمونها تخاريف صيام، ويقصدون بها كلاما يخلو من المعنى أو يتضمن كلاما متقطعا، أشبه بكلام المجانين أو غير العقلاء، لكن الواقع أن مواقع التواصل والرغبة فى احتلال مساحة اهتمام وجذب أكبر قدر من اللايكات والتعليقات والوصول إلى التريند كلها أهداف يمكن للبعض أن يقدموا من أجلها الغالى والرخيص والشخصى والنميمة. وعلى الذين يتابعون هذا العالم أن يأخذوا كل واحد على قد عقله إعمالا بالحكمة القائلة: إذا كان الافتراضى مجنونا فالمتابع أكثر منه جنونا.
 
أقول هذا بمناسبة أو غير مناسبة، المعارك والمشاجرات المندلعة على مواقع التواصل وأغلبها مصنوع من أجل الشهرة والكاركتر.
وخلال أكثر من شهرين، فرض المطرب وطليقته الفنانة قضيتهما على المتابعين، من خلال حرب التصريحات والتلقيح الافتراضى، قبلها  انشغل المتابعون بقصة طلاق المطرب من زوجته الأولى، وزواجه من النجمة الثانية، ثم شهر العسل والعمرة، وفجاة وقع الانفصال، لكن لم تتوقف حالة التشنيع والاتهامات، وكل منهما يريد كسب الجمهور إلى قضيته المصيرية. 
 
وهذه مجرد حالة، فالموضوع ليس فى وجود مشكلة، لكنه فى أن كل طرف يستأجر خبراء فى السوشيال ميديا لترويج أفكاره وخوض الحرب الدعائية الكبرى. و«رزق السوشياليين على المتخانقين». 
 
وقد أصبحت ظاهرة استئجار لجان دعاية أمرا رائجا، خاصة بين النجوم الكبار الذين يتنافسون على مواقع التواصل أكثر مما يتنافسون بالتمثيل والفن والإبداع، وبسبب التشابه الكبير بين الأعمال والأدوار، يلجأ كل فنان إلى لجان تمدح فيه وفى مسلسله ودوره وتطلع به السماء. 
 
طبعا، فإن أى عمل فنى له جمهور يعجب به أو يرفضه، لكن الأمر مع لجان المدح والذم مختلف، حيث تجد «خمسميت» حساب كلها جديدة تمدح العمل الفلانى والنجم العلانى وتعتبره ممثلا عالميا رهيبا، أو الفنانة العلانية ودورها الرهيب فى المسلسل الترتانى. لكن التشابه والتطابق بين التعليقات تكشف أن الموضوع كله مطبوخ وجاهز، وهو نوع من الدعاية لا تضر أحدا، ولا يمكن تجريمها لأن كل فنان أو منتج من حقه أن يقوم بتسويق بضاعته بما يضمن لها الانتشار، خاصة أنها تتم بنوع من خفة الدم وأحيانا تكون لتسلية رواد مواقع التواصل أكثر من الممثل والعمل.
 
ومثلما تنتشر لجان النجوم والأزواج السابقين تروج البوستات الإعلانية لمئات المطاعم والكافيهات التى تتنافس فى شهر رمضان لتقديم دعايتها بطريقة مبتكرة، لا تخلو من مسخرة، فأغلب الإعلانات على مواقع التواصل تتم بطريقة واحدة، واحد عامل نفسه زبون وبيتكلم عن حلاوة وطعامة الوجبات والأنواع والطريقة النادرة فى فنون الطبخ،  ويدخل معلقون يقومون بدور زبائن آخرين ليمدحوا فى المطعم صاحب الإعلان، وأنه نادر وغير مسبوق، وبالفعل تنجح بعض هذه الدعاية فى جذب أرجل زبائن هنا أو هناك، فى تأكيد على أن عالم الافتراضى أصبح واقعا أكثر من بعض الأشياء الواقعية، ومثل إعلانات المطاعم هناك دعايات للعيادات والجراحات والتجميل والتدبيس والليزك وخلافه، وهو أمر يروج بفضل عالم التواصل، لكنه يتم غالبا بلا ضوابط، وإذا كان ضحية دعاية لمطعم هو فرد أو أفراد، فإن ضحايا العيادات الافتراضية أكثر وأخطر. 
 
واللافت أن كل هذا يتم فى وقت واحد وزمن واحد، وكل مستخدم يختار ما يناسبه، إن كان يتفرج أو يترك كل هذا ليتفرغ لنوع آخر من «تخاريف الصيام».          

 







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة