سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 12 مايو 1953..عبد الناصر يرد على فاطمة اليوسف: «نحن لا نريد أن يشترى الحرية غيرنا»

الأحد، 12 مايو 2019 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 12 مايو 1953..عبد الناصر يرد على فاطمة اليوسف: «نحن لا نريد أن يشترى الحرية غيرنا» فاطمة اليوسف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حين كتبت السيدة فاطمة اليوسف خطابها إلى جمال عبدالناصر ونشرته على صفحات مجلتها روزاليوسف يوم 11 مايو 1953.. «راجع–ذات يوم 11 مايو 2019»، كان عمرها 55 عاما «مواليد 1898»، ومضى 27 عاما على عملها فى مهنة «البحث عن المتاعب»، حيث أسست «مجلة روزاليوسف» عام 1925.. أما جمال عبدالناصر فكان فى الخامسة والثلاثين من العمر «مواليد 1918»، وكان قائدا لتنظيم الضباط الأحرار الذى قام بثورة 23 يوليو 1952، ونائبا لرئيس الوزراء.
 
يأخذنا خطاب «فاطمة اليوسف» إلى الأسابيع التى تلت 23 يوليو، حيث لم يكن معروفا لدى الشارع أن عبد الناصرهو قائد «الضباط الأحرار» وليس محمد نجيب.. ويرصد رشاد كامل فى كتابه «صحافة الثورة» المراحل التى مرت حتى تظهر هذه الحقيقة، وهو ما يفسر لماذا توجهت «فاطمة» بخطابها إلى عبد الناصر وليس إلى نجيب.. يقول كامل إنه ابتداء من 11 أكتوبر 1952 بدأ إحسان عبد القدوس رئيس تحرير روزاليوسف فى كتابة سلسلة مقالات تحت عنوان «كيف نريد أن تحكم مصر؟» وفى المقالة الرابعة قال: «ظهر محمد نجيب وظهر جمال عبدالناصر وغيرهما».. يعلق كامل: «لم يتصور أحد دلالة إشارة إحسان ومغزى ذكره لاسم جمال عبدالناصر»، وبعد أسبوعين اثنين فقط كتب إحسان بروزا بعنوان «الرجل الثانى» عن جمال عبدالناصر، قال فيه: «أصبح معروفا أن الرجل الثانى فى الدولة بعد الرئيس نجيب هو البكباشى جمال عبدالناصر، وهو رئيس جماعة الضباط الأحرار التى قامت بحركة الجيش، وإن كان هو لا يعترف بهذه الرئاسة، وقد عرف- رغم شبابه- بالهدوء الشديد وطول البال وعمق التفكير والذكاء المفرط».
 
هكذا كان الحال الذى كتبت فيه «فاطمة اليوسف» خطابها إلى عبدالناصر بوصفه القائد الفعلى للثورة ونشرته فى مجلة «روزا»، «راجع ذات يوم ١١ مايو 9102» ورد عبدالناصر عليه، وحسب «كامل»، فإنه جاء فى وسط الخطاب المنشور برواز بداخله كلمات قليلة تقول: «اطلع البكباشى جمال عبدالناصر، على هذا المقال وكتب عليه ردا ننشره فى الصفحة التالية»..يذكر «كامل»: «كلمات البرواز، كانت تشير إلى أن عبدالناصر قرأ الخطاب قبل نشره، وكتب الرد الذى نشر فى نفس العدد».
 
قال عبدالناصر فى رده: «أما تحيتك فإنى أشكرك عليها، وأما تجربتك فإنى واثق أنها تستند على درس الحياة، وأما تقديرك لما أبذله من جهد فإنى أشعر بالعرفان لإحساسك به، وأما رأيك فى أنى لا أستطيع أن أفعل وحدى كل شىء، فإن هذا رأيى أيضا ورأى كل زملائى من الضباط الأحرار الذين قامت حركتنا على تنظيم كامل عاشت فيه الفكرة وتوارت الأشخاص، وقام كل فرد فى ناحيته بأقصى ما يستطيع من جهد، وأما إنى فى حاجة إلى كل رأى فقد أعلنت هذا ولن أمل من تكرار إعلانه ليس من أجلى وإنما من أجل مصر، وأما حاجتنا إلى الخلاف فى التفاصيل قدر حاجتنا إلى الاتحاد فى الغايات فأنا مؤمن به، واثق أنه من أسس الحرية الصميمة بل من أسس النظام أيضا.
 
وأنا أكره بطبعى كل قيد على الحرية وأمقت بإحساسى كل حد على الفكر، على أن تكون الحرية للبناء وليس للهدم، وعلى أن يكون الفكر خالصا لله وللوطن.. ودعينى ألجأ إلى تجربتك كى تبقى الحرية للبناء ويبقى الفكر لله والوطن..لا تخرج بهما شهوات وأغراض ومطامع عن هذه المثل إلى انقلاب مدمر يصب فى مصالح الوطن المقدس بأبلغ الأضرار..لقد قلت أنت بنفسك إنك تعلمين أنى أخشى على موقف البلاد الصلب من إطلاق الحريات خشية أن يندس بين أمواجها دعاة الهزيمة والتفكك، لقد عبرت بهذا عن جزء مما أشعر.. واسمحى لى أن أضيف عليه شيئا آخر..هو أننى لا أخشى من إطلاق الحريات وإنما أخشى أن تصبح هذه الحريات كما كانت قبل 23 يوليو سلعا تباع وتشترى.
 
ونحن لا نريد أن يشترى الحرية غيرنا، ومن يدرى فقد يكون بينهم أعداء للوطن يفرقون هذا الشعب الطيب الوديع الذى استغلت طيبته، واستغلت وداعته، واستغل قلبه المفتوح وغرر به دونما أساس سليم، يصونه من التضليل- بما لا يجب- أن يفرق فيه فى هذه الظروف العصيبة التى تمر بالوطن.. ومع ذلك فأين هى الحرية التى قيدناها؟ أنت تعلمين أن النقد مباح، وأننا نطلب التوجيه والإرشاد، ونلح فى الطلب بل إننا نرحب بالهجوم حتى علينا إذا كان يقصد منه إلى صالح الوطن وإلى بناء مستقبله وليس إلى الهدم والتخريب ومجرد الإثارة، ذلك لأننى أعتقد أنه ليس بيننا من هو فوق مستوى النقد أومن هو منزه عن الخطأ،وبعد فإنى أملك أن أضع رأسى على كفى ولكننى لا أملك أن أضع مصالح الوطن ومقدساته هذا الوضع».
 
انتهى رد «عبدالناصر» على خطاب فاطمة اليوسف، ومر يوم 12 مايو «مثل هذا اليوم1953» وسط حالة ترقب لردود الفعل، وحدث ذلك فى اليوم التالى «13 مايو1953».









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة