يعتقد الكثير من أبناء دول بالقارة الأفريقية أن التجار قديما كانوا يرتحلون من المشرق للمغرب والعكس، ويؤمنون بالإسلام دينًا، وبالمساجد معبدًا، وهبوا ثرواتهم من أجل إنشاء بيوت لله فى صحراء أفريقيا، وقرروا إنشاء المساجد من الطين والقش، بزعم أن الملائكة أوحت إلى البنائين بضرورة تصميم المساجد على شكل أبراج للحمام، لتظل ثابتة لا تهويها الرياح لعقود من الزمان مستقبلا، وتلجأ حاليا إليها الشعوب الأفريقية، للصلاة والعبادة، بل ومن أجل عقد الاجتماعات، وترممها يدويًا بعد انتهاء كل شتاء، لتحافظ عليها دون انتظار لقرارات منظمات الآثار العالمية والمحلية.
وفى شهر رمضان المعظم وعقب المغرب، يجتمع المصلون فى ساحة المسجد لتناول الإفطار سويًا، بعدما يتفق الجميع على تقاسم الوجبات يوميًا، بالإضافة إلى الجلوس سويًا لتعزير الروح المجتمعية، وحتى أداء صلاة التراويح.
مسجد غانا
مسجد لابارنجا
وتروى الحكايات عن تاريخ بنائه، أنه بناه تاجر مسلم يدعى أيوب، من الطين الأبيض والقصب، وسقفه مخروطى الشكل كذلك مئذنته وأبراجه مثلثة الشكل إحداها مئذنة وأخرى تعلو المحراب الموجه نحو القبلة ودعمت بالأخشاب، وهو على غرار البيوت التقليدية الأفريقية من الطين والقصب لذا كان دائمًا معرّضًا للانهيار بسبب الرياح والأمطار الاستوائية، ورُمّم فى عام 1970 بخليط من الرمل والأسمنت إلّا أن الرطوبة امتدت إليه لتتآكل جدرانه من جديد، وأُعيد ترميمه فى عام 2002 م مما أثر على هيكله الخارجى ولكنه حافظ على معالمه الطرازية الأفريقية السودانية.
الجامع الأحمر فى كوت ديفوار
وفى دولة كوت ديفوار، يعد الجامع الأحمر منذ 30 عامًا مضت، مقرًا لتعزيز روح التعاون بين المسلمين وتحديدًا فى شهر رمضان، حيث تقوم الأسر بتوزيع أنفسها لإعداد وجبات للصائمين، ويتم تقسيمهم إلى 3 أنواع، عائلات لإحضار الفواكه وأخرى لجلب الأطعمة المالحة وثالثة لجلب الحلويات والعصيدة وما شابه ذلك.
وتعد أبرز أنواع الأطعمة التى تقدم هناك، هو "التشيب"، وهو السمك المشوى والأرز الأصفر والدجاج، و"الأتيكي"، وهو عبارة عن السمك المشوى مع البصل ومكونات أخرى، إضافةً إلى "الكعك المسطح" جنبًا إلى جنب مع التمور المستوردة والفاكهة المحلية.
مسجد جنى فى مالى
مسجد"جنى" فى مالى يتكون من 99 عمودا نسبة لأسماء الله الحسنى
وفى جمهورية مالى بغرب افريقيا بنى مسجد "جني" قبل نحو 1000 عام، ليكون أكبر مسجد مبنى من الطوب اللبن فى العالم، وهو مدرج على لائحة التراث الثقافى العالمى لليونسكو عام 1988.
ويقع المسجد فى إقليم "جنى" فى منطقة نائية فى مالى، ويعد أهم بناء أنشئ إبان المملكة المالية القديمة، ويحظى المسجد بمكانة مهمة لدى كل مسلمى القارة السمراء.
ويعود تاريخ بنائه إلى القرن الـ 13 مع وصول الإسلام للمنطقة، الواقعة على الطريق التجارى المؤدى إلى مدينة "تمبكتو"، والطريق القديم لقوافل الحجيج، إذ تم بناؤه من المواد المحلية، ويحمل الطراز المغربي.
وأعيد بناء المسجد عام 1907، بعد الاحتلال الفرنسى لمالى فى القرن الثامن عشر، ويتكون المسجد من 99 عمودًا نسبة إلى أسماء الله الحسنى، ويوجد فيه 114 فتحة نسبة إلى عدد سور القرآن الكريم، حيث تطلق على هذه الفتحات اسم "لاديس"، وتستخدم لتهوية المسجد خلال أغلب أشهر السنة التى تشهد جفافا.
مسجد "أجاديس" فى النيجر بنى على شكل برج مراقبة لمشاركته المدينة ضد الحصار
ويعد مسجد أجاديس هو الأبرز فى النيجر، وقد بنى من الطين عام 1515، ثم أعيد بناؤه فى عام 1844، وتمثل منارة ومئذنة المسجد المرتفعه فوق الصحراء بأكثر من 27 مترا علامة بارزة فى المدينة، والآن هيكل المسجد هو المعلم المهيمن فى هذه المدينة الصحراوية، فقوافل التجارة تقترب منه لترى هذه التحفة المعمارية.
ويقدم المسجد نفسه فى مدينة أجاديس على شكل برج طويل القامة كما برج مراقبة، وقد كانت مدينة أجاديس محصنة فى الماضى، وكان المسجد يقف مع المدينة ضد الحصار، المسجد الآن هو رمز لمدينة أجاديس وبطريقة أخرى هو رمزا الشمال كله فى النيجر.
مسجد دجينجودير
مسجد "دجينجودير" فى مالى بناه المهندس الأندلسى بمصر مقابل 200 كيلو دهب
فيما عرض التاجر مانسا موسى، على المهندس الأندلسى الأشهر والذى كان متواجدًا فى مصر، 200 كيلو جرام من الذهب، للتوجه إلى بلاد مالى فى قلب الصحراء الكبرى، وبناء مسجد "دجينجاريير" والذى يمثل إحدى تحفه الخالدة.
وتعتلى المسجد مئذنتان، ويحتوى فناء واسعا غير مسقوف، ومساحة مسقوفة تقوم على خمسة وعشرين صفا من السوارى الطينية الضخمة، أما سقف المسجد فقد تخللته عشرات من الفتحات الصغيرة لإنارة المسجد نهارا وتهويته، ويمكن إغلاق هذه الفتحات عند هطول المطر، والجو داخل المسجد باردا لطيفا رغم أن الحرارة خارجه حارقة. ويسع داخل المسجد لألفى مصلٍ، ويمكن أن يصلى 12 ألفا فى باحته.
وسجل مسجد دجينجودير ضمن قائمة اليونيسكو للتراث العالمى سنة 1988، وبعدها بسنتين أعلن أنه من المعالم المهددة بالخطر بسبب زحف الرمال، وبعدها بست سنوات خصصت له الأمم المتحدة ميزانية سنوية لترميمه من خلال المؤسسات الحكومية المالية، لكن بعد عشر سنوات، وجد أن تلك الميزانية لم تصرف كما ينبغى، فأسندت مهمة ترميمه لصندوق آغا خان الثقافى سنة 2006.
لكن المسجد لم يكن طوال سبعة قرون ينتظر المنظمات الدولية لترميمه، لأن سكان المدينة درجوا منذ قرون على الاجتماع مرة كل سنة، بعد انتهاء موسم الأمطار، والعمل على ترميمه طوال أسبوع كامل تطوعا. وبعدما دشن مشروع ترميم المسجد من طرف اليونيسكو استمر الناس على سنتهم السنوية، مبتغين بذلك الأجر، ومحيين ذكرى أسلافهم المهندسين والحرفيين والبنائين الذين جاؤوا من اليمن ومصر والمغرب وشيدوا معا المسجد قبل سبعة قرون.
مسجد داكار فى السنغال صممه الفرنسيون ليشبه الدار البيضاء فى المغرب
وفى السنغال ترتفع مئذنة مسجد دكار الكبير الذى صمم من قبل عدد من المهندسين المعماريين الفرنسيين والمغاربة، وافتتح عام 1964 من قبل الحسن الثانى بن محمد ملك المغرب والرئيس السنغالى ليوبولد سنغور .
والمسجد مزين ومزخرف من الداخل ومن الخارج، وهو فى تصميمه يشبه معماريا مسجد محمد الخامس فى الدار البيضاء فى المغرب، ترتفع مئذنته الوحيدة إلى 67 مترا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة