شئنا أم أبينا.. شاء أعداؤه أو لم يشاءوا.. فسيبقى عادل إمام علامة فارقة فى تاريخ الفن المصرى وليس السينما فقط، ولا أعرف فى تاريخ السينما العالمية ممثل استطاع أن يستمر فى التمثيل طوال 60 سنة ودون توقف .
عاصر وشارك فى الأعمال الفنية مع عمالقة ورموز الفن المصرى فى المسرح والسينما والدراما، أمثال الأساتذة فؤاد المهندس وعبد المنعم مبدولى وعبد المنعم إبراهيم وحسين رياض وعمر الشريف ورشدى أباظة وفريد شوقى وعبد الحليم حافظ وأحمد ظهر وشادية وصلاح ذو الفقار وأمين الهنيدى ومارى منيب وشادية وأحمد مظهر.
لذلك وبدون مجاملة فهو جبرتى السينما والدراما والمسرح فى مصر فى الـ60 عاما الأخيرة وديوان حركة التطور والصعود والهبوط فى الحركة الفنية المصرية منذ الستينات وحتى الألفينات وشاهد من خلال فنه على الحراك الاجتماعى والسياسى والاقتصادى والثقافى فى مصر والوطن العربى، ورصد من خلال أعماله الكثيرة هذه التطورات وأعلن موقفه تجاه الظواهر الاجتماعية والسياسية والتحولات الثقافية التى مرت بمصر من خلال أفلامه ومسرحياته ومسلسلاته.
بدأ ممارسة شغفه وعشقه للفن والمسرح تحديدا منذ أن التحق بكلية الزراعة على مسرح جامعة القاهرة واشترك فى مسرحية " سرى جدا " مع الأستاذ فؤاد المهندس وشويكار وكان ذلك عام 60. والمفارقة الجميلة أن المهندس كان هو المشرف العام على المسرح الجامعى بجامعة القاهرة فى ذلك الوقت.
واستمر عادل إمام مع أستاذه فى عدة أعمال مسرحية وسينمائية منذ عام 60 والسنوات اللاحقة وربما كانت هذه الأعمال هى بداية النجومية والشهرة، فمرحلة الأبيض والأسود فى حياة عادل إمام من وجهة نظرى من أهم المراحل الفنية واستعان به كبار المخرجين الذين تنبأوا له بمستقبل واعد فى أعمالهم مثل فطين عبد الوهاب فى فيلم "نصف ساعة زواج" وكان عادل هو فاكهه هذا الفيلم بأداء غير التقليدى ومازالت إفيهاته باقية حتى الآن، وأيضا فى باقى أفلام الأبيض والأسود التى تستحوذ على إعجاب نسبة كبيرة من معجبى " الزعيم".
أمثال عادل إمام فى الغرب وبشكل خاص فى هوليوود الأميركية عاصمة السينما فى العالم لهم مكانة خاصة وتقدير يليق بهم وتكريم يستحقونه.. انظروا إلى آل باتشينو أو روبرت دى نيرو وغيرهما من أبناء هذا الجيل وكيف يتعامل معهم صناع السينما فى هوليود..
عموما عادل إمام ينال التكريم اللائق به على المستوى الشعبى فى مصر والعالم العربى، بل إنه وريث إسماعيل يس فى أنه أصبح مرادف لوطن كلما ذكر اسمه، فقد وعت له أجيال عربية منذ عصر التليفزيون فى أدوار النجم الثانى أو الثالث حتى أصبح نجم النجوم والأستاذ والزعيم وصانع البهجة وصانع السعادة، واستقبله الحكام العرب استقبال الرؤساء والملوك وتقربوا إليه كثيرا استغلالا لشعبيته الجارفة.
مشواره الفنى زاخر بالأعمال الفنية المتنوعة بين السياسة والرومانسية والتشابك مع القضايا الاجتماعية ولم يخف أو يتراجع فى اشهار سيفه الفنى فى وجه جماعات الظلام والإرهاب وتعرضت حياته وحياة أسرته للخطر، لكنه رأى أن هذه هو دور الفنان تجاه وطنه ومجتمعه فواجه التطرف الدينى وتقديمه أدوار عن الجماعات الإرهابية فى فيلم الإرهابى، وهجومه على ما يسمى الإسلام السياسى ويتهمه بالتحريض على العنف فى فيلم "طيور الظلام" وسافر إلى أسيوط فى ظل عنفوان الجماعة الإسلامية لعرض مسرحيته. وأيضا كان له موقفه الفنى تجاه قضية الفتنة الطائفية والوحدة الوطنية فى فيلم حسن ومرقص مع العالمى الراحل عمر الشريف وانتقده البعض بسبب استشارته البابا شنودة لكى يقوم بدور قسيس ولم يستشر الأزهر فى أعماله ضد الجماعات الإسلامية..!
هو أكثر الفنانين تعرضا للمشاكل والانتقادات والاعتراضات..ووصل الأمر إلى المحاكم مرتين أخرها عام 2012 باتهامه بازدراء الأديان فى أفلامه لكن تم تبرئته من محكمة الاستئناف.
نحن لا نحتفل فقط بعيد ميلاد عادل إمام الـ80 ولا نفتعل ضجة للاحتفاء به وإنما نحتفل بمسيرة فنية لزعيم الفن..الظاهرة التى لن تتكرر كثيرا فى حياتنا وفى تاريخ الفن المصرى والعربى وربما العالمى..ظاهرة اسمها عادل إمام.
وللحقيقة أقول إننا نحتاج إلى دراسات نقدية – وليس دراسة واحدة- تدرس لطلبة الفنون المسرحية والسينمائية لمجمل أعمال الزعيم منذ بدايته وحتى الآن – أطال الله فى عمره- فهو مازال قادرا على العطاء لسنوات أخرى قادمة ومازال هو "نمبر ون" الحقيقى برغبة شعبية غير مسبوقة.. تحياتى اليك يا صاحب وصانع السعادة والبهجة.. يا ملك الضحك.