تلتهب الأوضاع فى الشرق الأوسط يوما تلو الآخر، فمع تزايد الأعمال العدائية التى يقوم بها النظام الإيرانى وميليشياته فى الشرق الأوسط، والتى أخرها ما قامت به مليشيات الحوثى الإرهابية المدعومة من إيران من الهجوم على محطتى ضخ نفطية بالمملكة ، ولما لذلك من تداعيات خطيرة على السلم والأمن الإقليمى والدولى وعلى إمدادات واستقرار أسواق النفط العالمية، فليأتى السؤال الأن ، هل سيقف العالم أمام تلك الانتهاكات والتجاوزات أم لا ؟؟؟
وبدأت السعودية بخطوة، حيث دعا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود إلى قمة عربية وخليجية طارئة للتشاور والتنسيق مع الدول الشقيقة فى مجلس التعاون لدول الخليج العربية وجامعة الدول العربية فى كل ما من شأنه تعزيز الأمن والاستقرار فى المنطقة.
وفى نفس السياق ، أكد وزير الدولة للشؤون الخارجية عضو مجلس الوزراء الأستاذ عادل بن أحمد الجبير، أن المملكة العربية السعودية لا تريد حرباً فى المنطقة ولا تسعى إلى ذلك وستفعل ما فى وسعها لمنع قيام هذه الحرب, وفى الوقت ذاته تشدد على أنه فى حال اختار الطرف الآخر الحرب فإن المملكة سترد على ذلك وبكل قوة وحزم وستدافع عن نفسها ومصالحها.
وأوضح أن المملكة تتمنى من النظام الإيرانى التحلى بالحكمة وأن يبتعد ووكلائه عن التهور والتصرفات الخرقاء وتجنيب المنطقة المخاطر, وأن لا يدفع النظام الإيرانى المنطقة إلى ما لا تحمد عقباها, مطالبةً المجتمع الدولى بتحمل مسؤوليته باتخاذ موقف حازم من هذا النظام لإيقافه عند حده ومنعه من نشر الدمار والفوضى فى العالم أجمع.
وزير الدولة للشئون الخارجية السعودى، عادل الجبير
جاء ذلك خلال المؤتمر الصحفى الذى عقده بمقر وزارة الخارجية بالرياض اليوم الذى استهله قائلاً: "تتابع المملكة العربية السعودية بقلق شديد تطورات الأوضاع على الصعيد الإقليمى والدولى والتى تتصاعد نتيجة تصرفات النظام الإيرانى ووكلائه العدوانية فى المنطقة, مبيناً أن المملكة العربية السعودية تؤكد على أن يديها دائماً ممتدة للسلم وتسعى لتحقيقه وترى أن من حق شعوب المنطقة بما فيها الشعب الإيرانى أن تعيش فى أمن واستقرار وأن تنصرف إلى تحقيق التنمية.
وأضاف: "فى هذا الإطار استجابت المملكة لنداء استغاثى من سفينة نفط إيرانية فى عرض البحر الأحمر وطلب رسمى من الحكومة الإيرانية بهذا الخصوص, وقدمت على الفور المساعدات اللازمة للسفينة وأفراد طاقمها ولا يزالون يتلقون الرعاية اللازمة التزاماً من المملكة بمسؤولياتها الدولية والإنسانية والبيئية, فى الوقت الذى تعرضت فيه ناقلتى نفط سعوديتين فى الخليج العربى إلى هجوم تخريبى وكذلك تم استهداف محطة ضخ لخط الأنابيب شرق غرب الذى ينقل النفط السعودى من حقل نفط فى المنطقة الشرقية إلى ميناء التصدير على ساحل البحر الأحمر.
وتابع: "فى المقابل فإن النظام الإيرانى لا يبحث عن الأمن والاستقرار فى المنطقة بل إن المشاكل فى المنطقة بدأت منذ وصول هذا النظام للحكم فى إيران فى عام 1979م, الذى يقوم دستوره على تصدير الثورة والتدخل فى الشؤون الداخلية للدول الأخرى, وأكد قادته على ذلك مراراً كما سعى مباشرة ومن خلال وكلائه إلى إثارة القلاقل ودعم المنظمات والجماعات الإرهابية والمتطرفة.
عادل الجبير خلال المؤتمر الصحفى
وبين أن دول المنطقة عانت من جرائم النظام الإيرانى ومن تدخلاته على مدى العقود الماضية وهى جرائم أكثر من أن تحصى, مستشهداً باستغلال موسمى الحج عام 1986 و 1987م بإرسال متفجرات مع الحجاج وتحريض حجاجها على القيام بأعمال شغب فى موسم الحج, كذلك الاعتداء على سفارة المملكة فى طهران واغتيال أحد دبلوماسيى المملكة هناك والاعتداء على دبلوماسيين آخرين, إضافة إلى قيام عناصر إرهابية من حزب الله الحجاز المدعومة من النظام الإيرانى بهجمات على المجمع النفطى فى رأس تنورة وشركة صدف كل ذلك عام 1987م, واغتيال الدبلوماسيين السعوديين فى تايلند عام 1990 و 1991م , بالإضافة إلى حوادث التفجيرات التى وقعت فى المملكة التى كان النظام الإيرانى ورائها كتفجير أبراج الخبر عام 1996م وتفجيرات الرياض عام 2003م التى تمت بأوامر مباشرة من زعامات تنظيم القاعدة الإرهابية المتواجدين فى إيران وتحت رعاية وحماية النظام الإيرانى وبالتأكيد هو سيف العدل قائد العمليات فى تنظيم القاعدة.
وأضاف: "هناك أيضاً محاولة اغتيال سفير المملكة فى واشنطن والتورط فى اغتيال دبلوماسى سعودى فى كراتشى باكستان عام 2011م والقيام بهجمات الكترونية ضد شركات النفط والغاز فى المملكة عام 2012م والاعتداء على سفارة المملكة فى طهران وقنصليتها فى مشهد عام 2016م, إضافة إلى الخلايا الإرهابية والتجسسية التى أنشأها النظام الإيرانى فى المملكة التى تم اكتشافها فضلاً عن شن حرب على المملكة بالوكالة عن طريق دعم وتبنى الميليشيات الإرهابية التى تسعى للتخريب وتهديد أمن المملكة كالميليشيات الحوثية الإرهابية التى أطلقت على المملكة ما يزيد عن 225 صاروخاً باليستياً وما يزيد عن 145 طائرة مسيرة وبعضها كان موجهاً لقبلة المسلمين مكة المكرمة والهجوم على منشآت حيوية.
أمير قطر تميم بن حمد
وأشار الوزير الجبير إلى أن المسؤولين فى النظام الإيرانى ابتهجوا فى الإعلان صراحةً عن تأييدهم لهذه الميليشيات الإرهابية والاعتراف بأنهم ورائها والداعمين لها وتهديد أمن واستقرار الممرات البحرية التى تمر بها بعض من الإمدادات النفطية بما يهدد المصالح الاقتصادية للعالم أجمع.
وقال: "إن المشكلة هى فى النظام الإيرانى الذى بإمكانه تجنيب المنطقة مخاطر الحروب بالتزامه بالقوانين والمواثيق الدولية والتوقف عن التدخل فى الشؤون الداخلية لدول المنطقة وعن دعم الجماعات والميليشيات الإرهابية, كذلك التوقف عن تطوير أسلحته الصاروخية وبرنامجه النووى وتهديد أمن الممرات البحرية.
وحول استهداف المليشيات الحوثية لمنشآت النفط فى المملكة أوضح معالى وزير الدولة للشؤون الخارجية عضو مجلس الوزراء الأستاذ عادل بن أحمد الجبير أن المليشيات الحوثية تدار من قبل إيران وهدفهم واضح وهو زعزعة الأمن والاستقرار فى المنطقة ومن الواضح أن الطائرات المسيرة طائرات حوثية, حيث أعلنوا عن أنهم أطلقوا هذه الطائرات ضد منشآت فى المملكة, مبيناً أن المملكة قامت بأعمال لمعاقبة الحوثيين على هذا الاستهداف, مشدداً على أن المملكة لن تسمح لأحد أن يسيء لأمنها واستقرارها الذى تعده خطاً أحمر لن تسمح بتجاوزه.
وعن القمتين الخليجية والعربية الطارئة فى مكة المكرمة التى ستعقد الخميس 25 رمضان 1440 هـ الموافق 30 مايو 2019 م , أوضح الوزير الجبير أنه سيتم خلال هاتين القمتين بحث العدوان الإيرانى فى المنطقة لما لذلك من تداعيات خطيرة على السلم والأمن الإقليمى والدولي, مبدياً أمله فى الخروج بموقف موحد, وحث إيران على الكف عن تبنى مثل هذه السياسات.
وحول مايتعلق بموافقة المملكة ودول خليجية على نشر قوات أميركية فى الخليج قال: "إن دول مجلس التعاون لديها اتفاقيات مع الولايات المتحدة, والولايات المتحدة دولة صديقة ودولة حليفة, مؤكداً أهمية الحفاظ على أمن واستقرار هذه المنطقة الحساسة جداً والمهمة جداً فيما يتعلق بأمن واستقرار الاقتصاد الدولي, لاسيما وأنها المصدر الأساسى بالنسبة للنفط, وأن ما يحدث فى الخليج يؤثر على العالم بأجمعه لذلك يحرص العالم على أمن واستقرار هذه المنطقة.
وعن الموقف الروسى من هذا التصعيد, أوضح أن الموقف الروسى يدعو لضبط النفس وعدم التصعيد, حيث أن روسيا لديها مصالح فى المنطقة ولا تريد عدم الاستقرار فيها, وتدعو لتبنى سياسات تتماشى مع القوانين الدولية والأعراف الدولية والتخلى عن السياسات التخريبية أو العدوانية أو التدخلات فى شؤون الدول الأخرى.
بدورها، رحبت دولة الإمارات العربية المتحدة بدعوة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، لأشقائه قادة دول مجلس التعاون الخليجى والدول العربية لعقد قمتين خليجية وعربية طارئتين بمكة المكرمة يوم الخميس 30 مايو 2019 م، للتشاور والتنسيق حول الظروف الدقيقة التى تمر بها المنطقة وتداعياتها على الأمن والاستقرار.
وقالت وزارة الخارجية والتعاون الدولى الإماراتية فى بيان لها " إن هذه المبادرة ليست بالغريبة من القيادة السعودية التى طالما حرصت وعملت على ترسيخ الأمن والسلام فى المنطقة"، مشيدةً فى هذا السياق بالدور القيادى لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود فى كل ما يجمع الكلمة ويوحد الصف وينسق المواقف.
وأضافت الوزارة " إن الظروف الدقيقة الحالية تتطلب موقفًا خليجيًا وعربيًا موحدًا فى ظل التحديات والأخطار المحيطة وإن وحدة الصف ضرورية وإن الدعوة الكريمة التى بادر بها خادم الحرمين الشريفين تمثل فرصة مهمة لدول المنطقة لتحقيق ما تصبو إليه من تعزيز فرص الاستقرار والسلام والتصدى للتحديات والأخطار المحيطة عبر موقف خليجى وعربى جماعى يحرص على أمننا المشترك وسيادتنا وإنجازاتنا " .
وفى نفس السياق ، رحبت مملكة البحرين بدعوة خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، لعقد قمتين طارئتين لقادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ولقادة الدول العربية بمكة المكرمة.
وجاء فى بيان وزارة الخارجية نشرته وكالة الأنباء البحرينية "ترحب مملكة البحرين بدعوة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود عاهل المملكة العربية السعودية، لعقد قمتين طارئتين لقادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ولقادة الدول العربية بمكة المكرمة".
العاهل البحرينى
وأضاف البيان "تثمن مملكة البحرين عالياً هذه الدعوة من خادم الحرمين الشريفين، مؤكدة دعمها التام لكافة الخطوات التى تتخذها المملكة العربية السعودية الشقيقة، وتضامنها الدائم مع ما تبذله من جهود مضنية، وما تقوم به من مساعى حثيثة لأجل الحفاظ على أمن واستقرار المنطقة وتعزيز المصالح العربية".
وأكد البيان على الدور الريادى للملكة العربية السعودية فى قيادة العمل العربى المشترك قائلاً "وتشدد مملكة البحرين على أن الدعوة الحكيمة من خادم الحرمين الشريفين تؤكد الدور الريادى للمملكة العربية السعودية فى قيادة العمل العربى المشترك والحرص على تعزيز قدرته على تجاوز الظروف بالغة الدقة التى تمر بها منطقة الخليج العربى من خلال التشاور والتنسيق المشترك بين دول مجلس التعاون والدول العربية للتوصل إلى موقف جماعى موحد يضمن لدول المنطقة وشعوبها الأمن والاستقرار واستمرار التنمية والتقدم، ويسهم فى الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين".
كما قال سفير جيبوتى وعميد السلك الدبلوماسى فى المملكة ضياء الدين بامخرمة: "إن جمهورية جيبوتى ترحب بدعوة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود لعقد القمة العربية الطارئة فى مكة المكرمة يوم الخميس 30 مايو 2019 م.
وأضاف السفير الجيبوتى : " إن هذا القرار المسؤول من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود يأتى لتدارس التطورات الإقليمية فى إطار عربى موحد لبحث هذه الاعتداءات وتداعياتها على المنطقة " .
فيما تلقى الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولى العهد نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع اتصالاً هاتفياً من وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية مايك بومبيو.
وجرى خلال الاتصال بحث تطورات الأحداث في المنطقة والجهود الرامية لتعزيز أمن واستقرار المنطقة.