شارع ملىء بالعنات، منزل يشكى من كثرة الألم والخوف، حب قاد للقتل، ودماء كانت للشيطان قرينا فأصبحت شرابا للحياة، وأب لا حيلة له ولا قوة، وابن عاقٍ لم تشفع له مشاعر الأب ودموعه، فكان للشيطان ولياً وصديقاً.
قصة مليئة بالحزن والدموع، لا تحدث من نفس بشرية، لكنها حدثت فى واقع مرير ملىء بالعنات وفقدان الرحمة، بعدما أقدم شاب على قتل والده وزوجة أبيه حرقاً بعد طعنهما فى حى السلام، القصة التى هزت أرجاء هذا الحى الهادىء لم تنته إلى هذا الحد فحوت الكثير والكثير من الألم والكراهية.
بدأت القصة فى شارع العشرين بحى السلام، بعمل الحاج " عبده" فى أحد العمارات السكنية منذ عام بصحبة زوجته، ساكناً فى بدروم العمارة، ظل الحال كما هو حتى ظهر "محمد" نجل الحاج "عبده" ليعمل على "التوك توك" الخاص بابيه ويعيش معه داخل حجرته الصغيرة أسفل العمارة السكنية بصحبة زوجته.
استمرت القصة كما هى دون أن يعلم أحد ماذا يدور خلف تلك الحجرة الصغيرة، لا أحد بماذ يفكر الشاب وكيف يخطط لذلك العمل الشيطانى، فالأب كما عرف لا يبخل على ابنه بشىء عمل أو مسكن أو حنان، لكنه أيضا عرف باستغلال زوجته فى التسول أمام المساجد بالمناسابات العامة، لكنه لم يستغل أبدا حاجة ولده بل كان مساندا وداعماً دائما.
أحد الشهود
وفى مساء الأربعاء الماضى عاد الأب بصحبة ابنه يجرون " التوك توك" الخاص بهم لتعطله، نام الجميع ولا أحد يعلم ماذا سيحدث غداً، ليستيقظوا على خبراً تشق له الصدور ألماً.. لقد قتل الولد أبيه.. استغل محمد نوم أبيه وزوجته نوم مطمئن فلا شىء يخاف منه فابنه مازال سنده وعماده الوحيد، لكن الشيطان كان ولياً للأبن فاستقر على التخلص من أبيه وزوجته لجنى بعض المال، فانقض على أبيه طعنا وضرباً حتى فقدوا الوعى لا من شدة الالم بل من هول ما رأوه الأب من خيانة فلذة كبده، لم يكتف الابن بهذا بل قام بإشعال النار فى المنزل الصغير لتنتهى معه أثار تلك الابوة وهذا الحنان دون رجعة، لا وجود اليوم لأب اليوم شيطان يقتل دون عقل.
الشارع الذى شهد الجريمة
بعد أن أشعل الأبن النار فى جسد أبيه وزوجته أغلق الباب الصغير بحكمة حتى لا يكون هناك بصيص من الأمل فى الحياة، وانطلق إلى الطريق وقفا شار العقل لا يتحدث مع أحد، ثم صاح يعلو بصوته " ألحقونا ألحقونا" ليحاول الجيران إنقاذ ما يمكن إنقاذه، لكن قد ولى وقت النجاة، فعثروا على جثة الأب وزوجته فى مكان نومهما دون أن يتحركا جثث متفحمة بعد أن أكلت النار جسدهما.
قوات الأمن انتقلت لمكان الحادث لكشف غموض الواقعة، البداية كانت بحادث حريق اعتيادى راح ضحيته شخصين، لكن الأدلة الجنائية اكتشفت المفاجأة بوجود طعنات بجدسد الضحايا، ليتم القبض على الأبن لكشف تفاصيل وأسرار الحادث، وتحرير محضر بالواقعة وإحالة الأبن للنيابة العامة.
الأبن انكر أمام سرايا النيابة الواقعة وعدم ارتكابه الواقعة، إلا أن تحريات المباحث أثبتت قيام الأبن بالجريمة كاملة وقتل أبيه وزوجته.
جانب من الشقة
من جانبها، تقول أم محمد، أحد سكان العمارة: "أنا كنت فى حالى ومعرفش عنهم حاجة، بس كل اللى أعرفه أن الراجل البواب كان بيخلى مراته تشحت قدام المساجد فى المناسابات"، فيما تقول سناء محمد أحد سكان العمارة، "الزوجة كانت فى منتهى الطيبة ومكنش بيصدر منها حاجة، وكانت بتجبلنا كل حاجة عايزينها وبنعطف عليها دايما، وعمرنا ما سمعنا عن أى مشاكل أو حاجة فى العيلة، لحد ما سمعنا عن الحادثة ولقينا الدخان بيطلع من الحجرة ومعرفناش إن حد مات إلا لما الناس دخلوا وكسروا الباب ولقوا عم عبده ومراته".
فيما يقول عمرو خالد أحد السكان: "إحنا كنا قاعدين فى الشارع، ومرة واحدة لقينا محمد خارج وقف فى الشارع شوية، الساعة 8 الصبح وبعدين قعد يصرخ يقول ألحقونا ألحقونا، دخلنا لقينا عم عبده ومراته فى مكان نومهم ميتين متحركوش من مكانهم، بلغنا الشرطة وجت وفرغت كاميرة المراقبة، وخدوا محمد معاهم وبعدها عرفنا إن محمد هو اللى عمل كده وقتل أبوه ومراته".
ومن جانبها، أمرت نيابة السلام، بحبس الشاب 4 أيام على ذمة التحقيقات.
وكان قسم أول السلام، تلقى بلاغًا بنشوب حريق بغرفة حارس عقار 62 سنة، نتج عنه مصرعه وزوجته ربة منزل، 55 سنة، وإصابة نجله، سائق توك توك، 30 سنة، بحروق بذراعه اليمنى.
وعلى الفور تم تشكيل فريق بحث من مفتشي قطاع الأمن العام بالتنسيق مع الإدارة العامة لمباحث القاهرة لكشف غموض الحادث، بعدما كشف تقرير الصفة التشريحية وجود كسر بقاع جمجمة الحارس وكسر بالعظم لزوجته، كما أشار تقرير فحص خبراء الإدارة العامة لتحقيق الأدلة الجنائية إلى أن الحريق متعمد.
وكشفت التحريات أن وراء ارتكاب الواقعة ابن حارس العقار، وبضبطه أقر بارتكاب الجريمة لوجود خلافات مادية بينه ووالده، فقرر الانتقام منه، حيث تعدى على الأب والزوجة باستخدام عصا خشبية، وقام بسكب سائل الكيروسين عليهما وفتح أسطوانة البوتاجاز وأضرم النيران بهما، وأكد أن إصابته حدثت أثناء ارتكابه الواقعة.
اثار الجريمة
اثار الحريق
حجرة الضحايا
مدخل الحجرة
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة