السؤال يبدو طبيعيا الآن فى الشارع المصرى بعد أن واصل الدولار الأمريكى تراجعه وهبوطه خلال الأسابيع الماضية ليصل اليوم – الاثنين - إلى 16 جنيها و97 قرشا للمرة الأولى منذ شهر مارس 2017.
وخلال عام انخفض سعر الدولار أمام الجنيه حوالى 90 قرشا والتوقعات تشير الى استمرار ارتفاع سعر العملة المحلية أمام سيد عملات العالم، الدولار، فهل التراجع طبيعى؟
وفقا لنظرية العرض والطلب فى السوق المصرى فمن الطبيعى أن يتراجع الدولار مع ارتفاع المعروض الدولارى، وتراجع الطلب على العملة الأمريكية، ومع استمرار التراجع سيرتفع حجم عمليات التخلص من الدولار وبالتالى زيادة العرض عن الطلب خلال الفترة الطويلة المقبلة، وهو ما يدفع ببعض الخبراء إلى التفاؤل بمستقبل الجنيه أمام الدولار حتى نهاية العام الحالى، فقد يصل الى أقل من 16 جنيه وربما الى ما هو أقل بكثير.
حالة الثقة المتزايدة فى الاقتصاد المصرى منذ 2014 بشهادة المؤسسات النقدية الدولية، علاوة على زيادة الموارد الدولارية بالبنوك، وتنامى تحويلات المصريين العاملين بالخارج والتى من المتوقع أن ترتفع إلى أكثر من 26 مليار دولار خلال 2019، كلها أسباب وراء التوقعات باستمرار هبوط سعر الدولار أمام الجنيه تدريجيًا خلال الفترة المقبلة.
وحتى ندلل على ذلك فالبنك المركزى ذكر أن إجمالى تدفقات النقد الأجنبى منذ شهر يناير وحتى أبريل الماضى بلغ 24.7 مليار دولار، وهو رقم قياسى تاريخى بما يؤكد الثقة فى أداء الاقتصاد المصرى.
زيادة تدفقات العملة الصعبة إلى شرايين الاقتصاد المصرى تعد أبرز أسباب تراجع الدولار خلال الفترة الحالية وهو ما يتركز فى زيادة تدفق الاستثمارات الأجنبية والتحويلات الأجنبية، وارتفاع المداخيل الأساسية للنقد الأجنبى فى مصر، ومنها تعافى السياحة وارتفاع عائدات قناة السويس والتحسن فى الحصيلة الضريبية.
الجانب الآخر الذى يدعم التوقعات باستمرار ارتفاع العملة المحلية أمام الدولار هو الأحداث السياسية المعقدة والتوتر الحالى فى الأزمة الأمريكية الإيرانية، وما تنشره تقارير عالمية عن نزوح استثمارات من الخليج إلى مصر مع حالة الاستقرار الأمنى والاقتصادى وتطبيق مصر برنامج الإصلاح الاقتصادى على مدار السنوات الثلاثة الماضية.
ونجحت مصر – كما قال صندوق النقد يوم الجمعة قبل الماضى - فى تحقيق الاستقرار الاقتصادى الكلى، وإحداث تعافى فى النمو، وتحسين مناخ الأعمال، مما أدى الى زيادة النمو الاقتصادى وزيادة الاحتياطى النقدى الأجنبى لدى البنك المركزى المصرى وانخفاض معدلات البطالة وتوفير فرص العمل.
إذن الدولار فى طريقه لمزيد من الهبوط والجنيه يحقق قفزات كبيرة أمام العملة الأمريكية ليستعيد عرشه وليؤكد قوة الاقتصاد المصرى مع زيادة الصادرات وانخفاض نسب الواردات، والفترة القليلة المقبلة سوف تشهد ذلك.
ويبقى السؤال الأهم الذى أعرف أنه يشغل بال الناس.. ومتى ينعكس ذلك على الأسعار حتى ولو بنسب انخفاض الدولار أمام الجنيه خلال الشهور الماضية.
المفترض أن تشهد الأسعار مزيدا من الاستقرار والثبات مع انخفاض ملحوظ فى أسعار المواد المستوردة أو التى تتطلب مستلزمات ومكونات أجنبية، خاصة مع انخفاض سعر الدولار.. نظريا من المفترض أن تنخفض الأسعار.. لكن عمليات الأمر يحتاج الى آليات آخرى لرقابة الأسواق.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة