وصل التصعيد بين إيران والولايات المتحدة قمته، والصراع ينمو طوال عامين على خلفية إلغاء الاتفاق النووى، وهو صراع اقتصادى ينعكس فى حصار اقتصادى، ومع هذا تظل الحرب الميدانية بعيدة، ووسط الصراع يسوق كل طرف مواقفه، ويسعى لجذب مؤيدين وحلفاء، وينتظر المبادرة من الطرف الآخر، لتبقى التصريحات الأمريكية والإيرانية، فى إطار حرب باردة وتهديدات بالردع، خاصة بعد أن حركت واشنطن حاملة طائرات، فى مواجهة تهديدات طهران.
أمريكا أرسلت حاملة الطائرات وقاذفات القنابل، بعد «تهديدات إيرانية» للقوات الأمريكية وحلفائها، مع تحذيرات بأن أى إجراءات لإغلاق مضيق هرمز أو تعطيل الملاحة فى الخليج سوف تعتبر إعلان حرب، ومع ذلك أعلن ترامب فى حوار مع قناة فوكس نيوز، أنه لا يريد الحرب.
وبالرغم من نفى طهران أى مسؤولية مباشرة عن هجمات منشآت نفطية سعودية أو نقلات النفط الإماراتية بالخليج، فإن هناك تقارير تشير لمسؤولية الحوثيين أو وكلاء إيران عن هذه الهجمات، وهو ما يضاعف من التوتر.
الوضع فى الشرق الأوسط والخليج ساخن، والصراع قائم قبل التصعيد الأخير، لم تنته الحرب فى سوريا ولا الصراع فى العراق واليمن، وهى صراعات تقف إيران طرفا مباشرة أو عن طريق الوكلاء، ضمن حالة من تشابك المصالح وتقاطعها تبدو أكثر تعقيدا مما هو ظاهر، وبقدر ما يبدو وكلاء إيران فى سوريا أو اليمن أو العراق عناصر تضيف لقوة إيران، فإنهم فى جانب آخر يشكلون «الأيدى المؤلمة» لطهران التى تشير إليها الأصابع الأمريكية ضمن التصعيد الدعائى.
فعليا.. لا أحد يريد الحرب المباشرة، والحشود الأمريكية متمثلة فى حاملة الطائرات أو قاذفات القنابل تكفى للتهديد فقط، لكنها لا تصلح لحرب أو غزو، وحسبما كتب خالد السليمان فى «عكاظ»، هذه الحشود ترسل الرسائل السياسية ولا تفتح المظاريف العسكرية.. استعراض القوة والردع هو الهدف.
وبقدر ما تبدو التصريحات عالية الصوت تبقى عروض التفاوض قائمة، وبعد تصاعد أخبار الحرب من وزارتى الدفاع والخارجية الأمريكيتين، ويؤكد الطرفان الأمريكى والايرانى أنهما لا يريدان الحرب، الرئيس الأمريكى دونالد ترامب نفى عبر «تويتر»، تقارير إعلامية حول محاولات الولايات المتحدة إطلاق مفاوضات مع إيران لتخفيف التوتر، وبالرغم من النفى يقول ترامب: «إيران ستتصل بنا عندما تصبح جاهزة، وقبل ذلك سيستمر الاقتصاد الإيرانى بالانهيار فى إشارة إلى الحصار الاقتصادى الذى تفرضه واشنطن على طهران، ومع ذلك أعلن ترامب لفوكس نيوز «إذا كان هناك غزو، فهو اقتصادى»، توضيحا بعد تغريدة هدد فيها ترامب إيران بأنها ستنتهى إن أرادت الحرب مع بلاده، تبعها بتحذير يقول «لا تهددوا الولايات المتحدة مرة أخرى».. وذلك فى أعقاب تصريحات إيرانية بأن طهران قادرة على إيذاء أمريكا.
فى المقابل يرفض الرئيس الإيرانى، حسن روحانى، التفاوض مع الولايات المتحدة فى الظروف الحالية، وقال خلال اجتماع مع مجموعة من رجال الدين الإيرانيين الاثنين، أنه من أنصار التفاوض والدبلوماسية، لكنه يرفض التفاوض فى ظل الضغوط الأمريكية، ويدعو إلى المقاومة والصمود.
الطرفان حريصان على عدم الاندفاع نحو حرب يعرفان أنها ستكون مدمرة وباهظة التكاليف، ومع هذا فإن إيران تطلق تهديدات وترد أمريكا بتهديدات، ويبدو كل طرف منتظرا أن يعلن الطرف الآخر المبادرة، واشنطن تراهن على تأثير الحصار، وطهران تتخذ الحصار دافعا لمزيد من الحشد العاطفى ضد أمريكا، وتبقى الحرب بعيدة نوعاً ما مع استمرار الصراع إلى مداه، ورهاناً على أن خيار «شفا الحرب» وعض الأصابع، قد يكون مقدمة لتفاوض على أنقاض التوتر.