سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 23 مايو 1941.. «أسمهان» تكشف لمحمد التابعى عن تجنيدها لصالح المخابرات البريطانية وتطلب قسمه على المصحف ليحافظ على سرها

الخميس، 23 مايو 2019 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 23 مايو 1941.. «أسمهان» تكشف لمحمد التابعى عن تجنيدها لصالح المخابرات البريطانية وتطلب قسمه على المصحف ليحافظ على سرها أسمهان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تلقى الكاتب الصحفى محمد التابعى اتصالا من المطربة أسمهان تسأله عن إمكانية مقابلته فى المساء لأمر هام، وفى الساعة الثامنة من يوم الجمعة 23 مايو مثل هذا اليوم -  1941، جلست أمامه لتحدثه فى أخطر مهمة ستقوم بها، ولم تفصح لأحد بها.
 
كان التابعى «1896-1976»، وقتئذ نجما صحفيا ورئيسا ومالكا لمجلة آخر ساعة التى أسسها عام 1941، وكانت أسمهان مطربة صوتها فيه حزب يستعصى على الوصف، وإن استراحت له الأذن بوصف التابعى فى كتابه «أسمهان تروى قصتها»، وجمع بين الاثنين علاقة حب وغرام وخطوبة لم تتوج بالزواج، يؤكد أن صلته بها توثقت عام 1939، ويصفها: «كانت فيها أنوثة، ولكنها لم تكن جميلة فى حكم مقاييس الجمال، وجهها المستطيل، وأنفها الذى كان مرهفا أكثر بقليل مما يجب، وطويلا أكثر بقليل مما يجب، وفمها الذى كان أوسع بقليل مما يجب، وذقنها الثائر أو البارز إلى الأمام أكثر بقليل مما يجب، عيناها كانت كل شىء.. فى عينيها السر والسحر والعجب، تعرف كيف تستعمل سحر عينيها عند اللزوم».. يضيف: «كانت تسرف الشراب على نحو لم يعهده فى امرأة سواها، حتى أنها لخصت نفسها بالقول إنها لا تستطيع أن ترى الكأس ملانة ولا تستطيع أن تراها فارغة».
 
يكشف «التابعى»، عن أنها حين جلست أمامه يوم 23 مايو، فتحت حقيبة يدها، وأخرجت مصحف صغير كانت تحمله معها دائما، ومدت إليه الكتاب الكريم وقالت له: «أقسم على القرآن الشريف ألا تبوح لأحد بكلمة واحدة مما سأقصه عليك الآن إلى أن تنتهى مهمتى، رد وهو يبتسم: هذه ميلودراما، إيه الحكاية؟، قالت أسمهان: أقسم أولا، فقال: وإذا رفضت، ردت: فى هذه الحالة لن تعرف سبب سفرى، فسألها: سفرك فين؟. أجابت: إلى الشام، يوم الاثنين».
 
تناول «التابعى» من يدها المصحف وأقسم، وبدأت تتكلم، وتبوح بالسر..يعلق: «عجبت ودهشت فى ذلك المساء، كيف أن بريطانيا التى كانت تجتاز وقتئذ أحلك فترة من فترات الحرب لجأت إلى المطربة أسمهان، لتستعين بها على دخول سوريا ولبنان، لكن بريطانيا لم تلجأ أو تستعين بالمطربة أسمهان، وإنما لجأت أو استعانت بأسمهان «الأميرة الدرزية»، مطلقة أمير جبل الدروز، ابن عمها حسن الأطرش»، يضيف التابعى: «بدأت أسمهان تروى القصة وأنا فى شبه حلم، فقد عرفت بسر خطير من أسرار الحرب، سر يوشك أن يغير الأوضاع العربية فى الشرق الأوسط، ويبدل الموقف فى الركن الشرقى فى حوض البحر الأبيض المتوسط».
 
قالت أسمهان، إنها كانت تتناول العشاء على سطح «الكونتننتال» مع بعض الأصدقاء، وكان يجلس إلى مائدة قريبة «مستر نابيير» مدير قسم الدعاية والنشر فى السفارة البريطانية، ونهض من مكانه وتقدم نحوها وحياها، مؤكدا أنه يعرفها جيدا، لأنه شغل منصب قنصل بريطانيا فى دمشق سنوات عديدة وعرف هناك أسرة الأطرش «أسرة أسمهان»، وقال لها: إن المصادفة الطيبة هى التى ساقته ذلك المساء، لأنه يود مقابلتها منذ يومين لأمر مهم فيه نفع لها ولبلادها.
 
اتفق الاثنان على اللقاء، وزارها «نابيير» مساء الخميس، ثم اصطحبها إلى بيت مستشار شؤون الشرق الأوسط فى السفارة البريطانية «مستر سمارت»، وكان «روبرت بلوم كلايتون» قائد المخابرات البريطانية فى الشرق الأوسط موجودا، وقالت أسمهان: «اتفق الاثنان معى على أن أسافر بالطائرة إلى القدس يوم الاثنين، وسوف أقيم ثلاثة أيام فى فندق الملك داود، وهناك سيقابلنى رجل إنجليزى لم يذكر لى اسمه، ولكنه سيعطينى التعليمات، وبعد ذلك سأذهب إلى عمان، ومن حدود شرق الأردن أدخل سوريا».
 
أضافت: «سيدفعون لى جميع نفقاتى، كما أنهم سيضعون تحت تصرفى فى فلسطين وعمان أربعين ألف جنيه لأوزعها على رؤساء قبائل البادية، وأنا على موعد غدا الساعة الثانية مع الجنرال «كلايتون» فى مسكنه بشقة رقم 54 بشارع قصر النيل رقم 8».
 
يوضح «التابعى» رد فعله لأسمهان، إذ قال ساخرا: «يعنى عايزة تعملى «ماتا هارى» بتاعة الحرب دى»، فردت: «ماتا هارى، كانت جاسوسة تعمل للمال، وتخون بلادها من أجله، أما أنا فأريد أن أخدم بلدى»، ثم هزت كتفيها بضجر وهى تتحدث عن أحوالها فى مصر قائلة: «قل لى أقعد فى مصر أعمل إيه؟.. أعيش منين ؟.. سمعت أنت نفسك كلام الناس عنى بالحق وبالباطل، والحبة عملوها قبة، وأجرى فى محطة الإذاعة لا يكفينى وأنا أمقت الغناء فى الأفراح والحفلات العامة، وكنت أرجو بعد نجاح فيلم «انتصار الشباب»، أن يقتصر عملى على السينما للتسجيلات يمنعنى من العمل فى أى فيلم آخر لمدة عامين، ومضى منهما عام واحد، يعنى على أن أدبر عيشى لمدة عام عن غير طريق السينما، فماذا أفعل».
 
كررت أسمهان سؤالها: «قل لى، هل تريد أن أبقى فى مصر وأرفض عرض الإنجليز؟ فأجاب التابعى: «سافرى إذن ولكن»، قاطعته قائلة: «هل لا تزال تنصحنى بالعودة إلى زوجى الأمير حسن؟»، فقال لها: «نعم»..ربطت أسمهان بين هذه النصيحة وصوتها، متسائلة، ما إذا كان التابعى يعتبر صوتها قبيحا، لكنه رد: «صوتك جميل جدا وأنت تعرفين ذلك، ولكن هذا شىء واحتراف الغناء شىء آخر، وأنت تكرهين الاحتراف».
 






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة