"حينما يخبرك الجميع بأن الأمر قد انتهى، وحين يقولون لك لقد ألحقت بك المعارضة الأوروبية الهزيمة، وعليك الإقرار بذلك، إياك أن تفقد الأمل، فالاتحاد كفيل بأن يؤمن النجاح".. بهذه العبارات علقت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماى على الريمونتادا التاريخية التى أحرزها فريق ليفربول الانجليزى ضد برشلونة بعد تحقيق الفوز فى مباراة العودة بأربع أهداف مقابل لا شئ ، مشيرة إلى أنها يجب أن تكون مصدر إلهام للجميع، وأن تكون دافعاً لئلا تستسلم بريطانيا لتعقيدات مفاوضات بريكست (الخروج من عضوية الاتحاد الأوروبى).
تصريحات رئيسة الوزراء البريطانية والتى جاءت بعد ليلة من المباراة الكبيرة للفريق الإنجليزى الذى تأهل للجولة النهائية فى بطولة دورى أبطال أوروبا أمام غريمه المحلي توتنهام ، كانت رداً على جيرمى كوربن زعيم حزب العمال، والذى دعاها "للتعليم" من المدير الفنى لفريق الريدز الألمانى يورجن كلوب فى عدم الاستسلام.. إلا أن ما تعرضت له ماى كان أكبر كثيراً من أن تتحمله لما يزيد 3 أعوام داخل داوننج ستريت، لتعلن ظهر الجمعة اعتزامها التقدم باستقالتها بتاريخ 7 يونيو المقبل.
ثلاث سنوات هى عمر تريزا ماى داخل السلطة
فبعد أشهر من التوترات السياسية والصفعات البرلمانية، خضعت رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماى للضغوط الكثيفة التى واجهتها خلال الفترة الأخيرة من جانب حزبها المحافظين، وأعلنت عن موعد تقديم استقالتها فى السابع من يونيو المقبل، لتضع بذلك نهاية للفترة العاصفة التى تولت فيها رئاسة الحكومة والتى استمرت 3 سنوات.
وفى كلمة ألقتها فى مقر الحكومة بداوننج ستريت، قالت ماى إنه كان شرف حياتها أن تصبح ثانى امرأة تتولى رئاسة الحكومة، وبصوت مهتز وعينين تملأهما الدموع، قالت ماى إنها ستغادر ليس بحقد، ولكن بإمتنان مستمر وهائل لأنه أتيحت لها الفرصة لخدمة البلد التى تحبها.
وأدرجت ماى سلسلة مما قالت إنه إنجازات حكومية مثل معالجة العجز وخفض البطالة ودعم التمويل للصحة العقلية، لكنها اعترفت بأن عدم قدرتها على تحقيق بريكست سيظل دائما أمر يدعو للأسف العميق بالنسبة لها.
تريزا ماى فى أحد خطاباتها
وجاء إعلان ماى بعد أن التقت جراهام برادلى رئيس مجموعة 1922 المسئولة عن التنظيم فى حزب المحافظين، والتى كانت مستعدة لإجراء تصويت أخر لسحب الثقة من ماى لو رفضت الاستقالة.
وقد جاءت النهاية الحزينة لماى بعد إعلانها يوم الثلاثاء الماضى عن خطة بريكست جديدة مكونة من 10 نقاط أثارت غضب عدد كبير من نواب حزب المحافظين وبينهم أعضاء فى حكومتها، ولن تستطع إقناع حزب العمال المعار بها.
وبعد تنحى ماى يعد وزير الخارجية السابق بوريس جونسون هو الأقرب لخلافتها، لكن هناك أكثر من 10 شخصيات أخرى فى حزب المحافظين تسعى للمنافسة لتولى المنصب.
وجاء رحيل ماى بعد ثلاث سنوات من المواجهة مع مؤيدو البريكست من نواب حزبها بشان مستقبل العلاقة مع الاتحاد الأوروبي الذين سيكونون على استعداد لقبولها. وأصبح الأمر أكثر صعوبة عندما فقدت أغلبيتها فى الانتخابات العام عام 2017، بعد أن قادت ما وصفه البعض بحملة كارثية ووعدت بقيادة قوية ومستقرة فى المصلحة الوطنية.
وكانت ماى قد تولت الحكم عندما انهزم رئيس الوزراء السابق ديفيد كاميرون بنتيجة الاستفتاء الخاص بريكست عام 2016 بعد أن صوت أغلبية بسيطة على الخروج من الكتلة الأوروبية.
وفى أول خطاب لها كرئيسة للحكومة تعهدت بمحاربة المظالم المحرقة التى تعيق الناس ووعدت بدولة تعمل من أجل الجميع، لكنها وجدت نفسها تمضى أغلب الوقت فى التعامل مع بريكست.
وفى 18 يناير 2017، تصدرت صورة ماى المنتصرة الصفحة الأولى لصحيفة دايلىى ميل بجانب عنوان المرأة الحديدية الجديدة. وذلك بعد أن ألقت خطابا متحديا، قائلة لبروكسل أن عدم التوصل لاتفاق هو أفضل لبريطانيا من صفقة سيئة.
وفى يونيو 2017 خسرت ماى الأغلبية البرلمانية فى انتخابات عامة دعت لانعقادها مبكرا، ورغم الوعود المتكررة بحكومة قوية ومستقرة، إلا أن سلطتها كانت فى حالة يرثى لها.
تعرضت ماى لضربة قوية عندما رفض البرلمان خطتها للانسحاب من الاتحاد الأوروبى، والتى وافقت عليها بروكسل، مما اضطرها إلى التفاوض على خطة جديدة.
ومرة تلو الأخرى، صوت مجلس العموم البريطانى لرفض مقترحات ماى بشأن البريكست ، حيث رفض حزبها المحافظين شكل العلاقة التى تبقيها مع الاتخاد الأوروبى، مما أدى إلى تأجيل موعد الخروج حتى 31 أكتوبر المقبل لحين التوصل إلى اتفاق.
وتعرضت ماى طوال الأشهر الأخيرة لضغوط مستمرة من حزبها للاستقالة لإتاحة الفرصة لقائد جديد يطرح خطة بديلة، وواجهت ماى الضغوط بقوة، حتى أنها نجت فى ديسمبر الماضى من تصويت لسحب الثقة منها
ومع زيادة الاستقالات من حكومة ماى، والتى وصلت إلى 36 استقالة منها أكثر من 20 يتعلق بالبريكست، أعلنت رئيسة الحكومة عن موعد استقالتها فى السابع من يونيو المقبل. وهو ما دفع صحيفة الجارديان للتأكيد أن ملف بريكست سيكون مهيمناً على السباق على من يخلف ماى مع ضيق الوقت أمام تقديم الفريق الجديد لاتجاه جديد قبل الموعد النهائى لمغادرة بريطانيا الاتحاد الأوروبى فى 31 أكتوبر المقبل.