شهدت أعمال المؤتمر العالمى "قيم الوسطية والاعتدال"، واللقاء التاريخى لإعلان وثيقة مكة المكرمة، برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، حالة زخم ودعم لخطاب المملكة الرافض للعنصرية.
المؤتمر تنظمه رابطة العالم الإسلامى، برعاية الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود حفظه الله، ومشاركة أكثر من 1000 من العلماء والمفتين وكبار المسؤولين فى العالم الإسلامى و80 رمزا وسطيا عالميا.
ألف عالم يحضرون المؤتمر
وقال الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف المصرى، إننا فى حاجة ملحة إلى قراءة تراثنا الفكرى قراءة واعية فاحصة فى ضوء الحفاظ على الثوابت، ولا بد للدين من دولة تحمله وتحميه، متابعا: "الجماعات المتطرفة خطر على الدين والدولة، والوسطية تعنى البعد عن الإفراط والتفريط، والفهم الصحيح الثاقب لمقاصد الشرع الشريف".
وزير الأوقاف المصرى مختار جمعة
ولخص الوزير حديثه فى ثلاث نقاط: الأولى تتعلق بمفهوم الوسطية وبيان أنها فاصل دقيق بين الإفراط والتفريط، فباسم الأحوط ذهب كثيرون فى اتجاه التشدد، وباسم التيسير ذهب آخرون فى اتجاه التسيّب، ويقول الإمام الأوزاعى (رحمه الله): ما من أمرٍ أمرَ الله (عز وجل) به إلاّ عارض الشَّيطان فيه بخصلتين، لا يبالى أيّهما أصاب: الغلوّ أو التَّقصير.
وأوضح أن الأمر الثانى يتعلق بفقه الدولة وفقه الجماعة، ففقه بناء الدول يتسم بالسعة والمرونة، وفقه الجماعات فى الغالب الأعم فقه نفعى مُغلق، مصلحة التنظيم فيه فوق الدولة، ومصلحة الجماعة فوق مصلحة الأمة، حيث حاولت الجماعات المتطرفة إحداث حالة من الانفصام والشقاق بين الشعوب وحكامها، فأخذت تسوق أنفسها على أنها حامية حمى الدين، وبما أنها فى عداء دائم أو شبه دائم مع الأنظمة الحاكمة، فإنها تصوّر الأنظمة على أنها ضد الدين، فمن كان مع النظام أو الدولة حتى لو كان النظام فى عدل عمر (رضى الله عنه) فهو ضدها وضد الدين، وهذه دعوات مشبوهة تُفكّك الدول من داخلها، وتحقق أهداف أعدائها المتربصين بها، فهذه الجماعات المتطرفة ترى أن كل ما يقوى الدولة يُضعف الجماعة، وكل ما يُضعف الدولة يُقوّى الجماعة، فهي لا تقوم ولا تتغذّى إلا على أنقاض الدول.
الحضور
الأمر الثالث هو حاجتنا الملحة لاستخدام المنهج النقدى العقلى فى إعادة قراءة المتغير من تراثنا، مع حفاظنا على ثوابتنا الشرعية، فإنزال الثابت منزلة المتغير هدم للثوابت، وإنزال المتغير منزلة الثابت عين الجمود والتحجر.
فيما قال المرجع الشيعى السيد محمد على الحسينى، أمين عام المجلس الإسلامى العربى فى لبنان، عندما تُيمّم الأمة الإسلامية وجهها صوب البيت الحرام فى مکة المکرمة وتعتبره البقعة الأکثر قدسية ومبارکة لديها، فإنها کأمة بما لديها من علماء أجلاء أفاضل، تثق کثيرا بالإدارة الأمينة والمخلصة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولى عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان والحکومة الرشيدة للمملکة فى الإشراف على هذه البقعة المبارکة من جهة، وإخلاصها وتفانيها غير المحدود فى خدمة الإسلام والمسلمين والدفاع والذود عنهما بکل ما هو غال ورخيص، والمميز بهذا الصدد فى المواقف المخلصة لقادة المملکة الميامين وعلى رأسهم الملك سلمان بن عبد العزيز هو أنه لا يُفرّق بين أبناء الأمة الإسلامية وطوائفهم ومذاهبهم، فالرب واحد والنبى محمد "ص" والإسلام هو نفسه والکتاب الکريم هو نفسه، کما أن القبلة هى ذاتها، مع كامل الاحترام والتقدير والوفاء والبر لأمهات المؤمنين والصحابة رضى الله عنهم وأرضاهم، ولذلك فقد کانت ثقة الأمة الإسلامية فى کل أرجاء العالم الإسلامى والدنيا کلها کبيرة وراسخة بالمملکة وقيادتها المخلصة والأمينة، ولا يمکن أن تتزعزع أبدًا.
المرجع اللبنانى السيد الحسينى
وقال الحسينى، إن الخدمات الجليلة التى دأبت المملکة العربية السعودية على تقديمها بکل تفانٍ وإخلاص للبيت العتيق والدين الحنيف، تُضرب بها الأمثال، خصوصا أنها تنجم کأعمال تفرض نفسها على الواقع، وتحفر دورها فى ذاکرة الزمن والتاريخ، وإن الحرص الأکبر للمملکة وقادتها الميامين هو على ضمان بقاء الإسلام على خطه الوسطى الاعتدالى، وعدم استغلاله من جانب الذين يريدون أن "يشتروا بآيات الله ثمنا قليلا"، وإن المٶتمرات والملتقيات والندوات والتجمعات المختلفة التى تُعقد بهذا الشأن لا يمکن أن تُعدّ وتحصى بما يثبت ويٶکد نظريا وعمليا مدى التزام المملکة بهذا الخط وحرصها وتفانيها فى بقائه نظيفا ناصعا لکل الأجيال وللتاريخ.
وتابع الحسينى، إن الدعوة الکريمة التي تلقيناها من جانب معالي أمين عام رابطة العالم الإسلامي د. محمد بن عبدالكريم العيسى، من أجل حضور مٶتمر بعنوان:"قيم الوسطية والاعتدال في نصوص الكتاب والسنة واعلان وثيقة مکة المکرمة"، له أهميته من حيث التوقيت والمكان فهو ينعقد في مكة المكرمة مهوى أفئدة العالمين وقلب الأمة وقبلتها ومنها انطلقت رسالة السماء رحمة للناس أجمعين، كما أنه ينعقد في شهر رمضان الذى دعينا فيه للمسارعة إلى الخيرات وهذا المؤتمر يعكس هذه القيمة الجوهرية التي تهدف إلى تجلية قيم الوسطية والاعتدال في الكتاب والسنة والفهم الصحيح لمبادئه وتعاليمه والتحذير من ظاهرة الغلو في الدين التي نخرت كثيرا في البيت الإسلامي وشوهت صورته.
وقال فضيلة الدكتور السيد عبدالله فدعق، عضو المكتب التنفيذي لمجلس حكماء المسلمين، أن المحاولات المغرضة التي تستهدف بتحاملها المكشوف الإساءة لها، هي بالنسبة لهم خط أحمر، بما تمثله من إساءة لأكثر من مليار وثمانمائة مليون مسلم يَجِدُون في المملكة المحضنَ الكبير لهم، من موقع تشرُّفها المستحق بخدمة مقدساتهم والسهر على راحتهم في أداء نسكهم وزيارتهم"؛ مؤكدا في نفس الوقت على الدور الكبير الذي يبذله معالي الشيخ الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى، الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، في إيضاح حقيقة الدعوة الإسلامية، ومد جسور التعاون الإسلامي والإنساني مع جميع الناس، وفي كل أنحاء المعمورة.
الدكتور عبدالله فدعق
واضاف فدعق، انه ما من شك في أن الفكر الإسلامي المعتدل، هو أساس الارتقاء بالأمة، بل ـــ كما ردد ويردد العقلاء ـــ إن الفكر الوسطي الرافض للغلو والتشدد والتزمُّت، في العقائد والمفاهيم والممارسات هو واجب الوقت في ظل الظروف الدقيقة المحيطة، وأنه لابد من الحرص على إخراج الصورة الإنسانية الإسلامية، إلى حياة متوازنة قادرة على إثبات وجودها، من خلال حوارها مع غيرها، بعقلية مستنيرة، ومتفتحة، وفاهمة ومتفهمة لحقيقة نظرة الإسلام إلى الاعتراف باختلاف الناس (عن) بعضهم، لا اختلاف الناس (مع) بعضهم.
مرفق موضوع=صور.. ألف عالم و80 رمز وسطى يدعمون وثيقة مكة المكرمة لنبذ العنصرية