صدّقت النيابة العامة على الحكم الصادر لأول مرة فى تاريخ المحاكم المصرية الصادر من الدائرة 12 أسرة بمحكمة القاهرة الجديدة، بخلع السيدة «ف.ش»، أمريكية الجنسية من «أ. ف .ح» ليبى الجنسية، وذلك إستنادا للقانون الدولى الخاص ولنص لمادة 13 والمادة 22 من القانون المدنى وليس قانون الأحوال الشخصية، بهدف اعتماده للخارجية المصرية كونه أول حكم فى مصر صادر ضد طرف أجنبى.
المحكمة فى حيثيات الحكم المُقيدة برقم 46 لسنة 2019 أسرة القاهرة الجديدة الدائرة 12 صدر لصالح عبد الحميد رحيم المحامى برئاسة المستشار محمد فرج، قالت أنه بجلسة 26 فبراير 2019 حكمت المحكمة بندب حكمين فى الدعوى وأودعا تقريرهما والذى انتهيا فيه إلى أن تمكن الزوجة من طلبها والنيابة العامة فوضت الرأى للمحكمة، وقررت المحكمة حجز الدعوى للحكم.
ووفقا لـ«المحكمة» - فإنه عن قواعد الاختصاص وجميع المسائل المتعلقة بالإجراءات فيسرى عليها القانون المصرى وحده بحسبانه قانون البلد الذى أقيمت به الدعوى عملاَ بنص المادة رقم 22 من القانون المدنى وحيث أنه عن الاختصاص القضائى الدولى فلما كان من الثابت للمحكمة أن المدعية أجنبية الجنسية «أمريكية» ولها محل إقامة بالبلاد فإن محاكم الجمهورية وتمثلها المحكمة الراهنة تختص بنظر الدعوى الماثلة عملاَ بنص المادة 29 من قانون المرافعات المصرى.
وبحسب «المحكمة» - فإنه من حيث القانون الواجب التطبيق فلما كانت المادة 14 من القانون المدنى المصرى تنص على أن فى الأحوال المنصوص عليها فى المادتين السابقتين إذا كان أحد الزوجين مصرياً وقت انعقاد الزواج، يسرى القانون المصرى وحده، فيما عدا شرط الأهلية للزواج.
وعلى ما جرى به نص المادة 20 من القانون 1 لسنة 2000 والخاص بتنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضى فى مسائل الأحوال الشخصية أنه: «للزوجين أن يتراضيا فيما بينهما على الخلع، فإن لم يتراضيا عليه وأقامت الزوجة دعواها بطلبه وافتدت نفسها وخالعت زوجها بالتنازل عن جميع حقوقها المالية الشرعية وردت عليه الصداق الذى أعطاه لها، حكمت المحكمة بتطليقها عليه».
ويقع الخلع فى جميع الأحوال طلاق بائناَ والخلع عند الأحناف إزالة ملك النكاح المتوقفة على قبول الزوجة يلفظ الخلع أو ما معناها وهو أيضاَ يعرف عندهم بإزالة ملك النكاح ببدل الخلع، والأصل فى الخلع أن يتم بالتراضى بين الزوجين فإن لم يتفقا عليه – لم يكن أمام الزوجة بد من أن تلجأ للقضاء للحكم به، وقد رأى المشرع تقنينه لأنه يؤدى على تطليق يسترد به الزوج ما دفعه ويرفع عن كاهله عبء أداء أى من الحقوق المالية الشرعية للزوجة من بعد ذلك مما يجعل إمساكه للزوجة بعد أن تقرر مخالعته إضراراَ خالصاَ بها وهو ما يتنافى مع القاعدة الشرعية أنه لا ضرر ولا ضرار – هكذا تقول «المحكمة».
ولما كان كما تقدم وكانت المدعية أقامت دعواها بطلب التطليق على المدعى عليه للخلع، فكانت المحكمة قد استدعتها للمثول أمامها فقررت ببغض الحياة مع زوجها وأنه لا سبيل لإستمرار العشرة أو تخشى ألا تقيم حدود الله بسبب هذا البغض وهو ما أثبته الحكمين المنتدبين وأن المحكمة تدخلت ببذل الجهد للأزم لمحاولة الإصلاح بيد أنها لم تنجح فى مساعيها، وهو ما آل إليه الحكمين أيضاَ ومن ثم فقد سلكت المحكمة إجراءاتها طبقاَ لنص المادة 20 السالفة الذكر وتقضى معه المحكمة بتطليق المدعية على المدعى عليه طلقة بائنة للخلع .
اللافت للنظر فى هذه القضية أنها جاءت بين زوجين أجانب الزوجة أمريكية بينما الزوج ليبى الجنسية، وقسيمة الزواج أجنبية، ما كشف معه وجود ثغرة للمشرع المصرى لابد من تفاديها فى التشريع الجديد لقانون الأحوال الشخصية، كما كشف عن أن الأجانب يلجأون للقضاء المصرى لإنصافهم حين لا تنصفهم قوانين بلادهم.
ومن المعلوم أن قانون الأحوال الشخصية نظم الخلع بين الزوجان المصريين وبين الزوجة المصرية والأجنبى والزوج المصرى والأجنبية ولم يتطرق إطلاقا للزوجة والزوج الأجنبيين المنعقد زواجهم فى بلد أجنبى المقيمين اقامة عابرة فى القطر المصرى.
وكان المحامى عبدالحميد رحيم أقام الدعوى رقم 46 لسنة 2019 أسرة القاهرة الجديدة المنظورة أمام الدائرة 12 أسرة برئاسة السيد المستشار محمد فرج استنادا للمادة 13 من القانون المدنى وليس قانون الأحوال الشخصية حيث آثار الدعوى بتنازع القوانين الدولية بإعتبار أن المسألة المعروضة أمام القضاء تتنازع فيها القوانيين.
لجأ للقانون الأصل الواجب التطبيق فى حالة تنازع القوانين وهو القانون المدنى المصرى ومستند لمعنى كلمة الموطن وتحديد مفهومه طبقا لنصوص المواد 40 و 42 43 من القانون المدنى وبجلسة 30/4/2019 حكمت المحكمة بخلع السيدة «ف.ش» أمريكية الجنسية من «أ. ف. ح» ليبى الجنسية ليكون هو الحكم الأول من نوعه فى المحاكم المصرية.
وطبقا لنص المادة 22 من القانون المدنى التى تنص على يسرى على قواعد الاختصاص وجميع المسائل الخاصة باجراءات قانون البلد الذى تقام فيه الدعوى أو تباشر فيه الإجراءات، فالقاعدة العامة بالنسبة للأشخاص الأجنبية هى أن قواعد الإختصاص تخضع لقانون بلد القاضي.
ومستنداَ لحكم نقض من الأحكام النادرة بأن جميع المسائل الخاصة بإجراءات التطليق والإنفصال خاضعة للقانون المصرى إذا هو أقيمت فيه الدعوى وبوشرت فيه الإجراءات وفقا لنص المادة 22 من القانون المدنى، مستغلا حكم النقض بأنه لم يحدد مصريين من أجانب فى هذا الحكم وبالتالى ينطبق على الجميع.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة