أكرم القصاص

السيسى والتجربة المصرية فى لبنان.. النجاح الصعب الممكن

السبت، 04 مايو 2019 07:07 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كل شعب وكل دولة لها ظروفها الخاصة فيما يتعلق بالاقتصاد والمجتمع، وما يحتاجه الشعب، لكن هناك عوامل مشتركة تحكم تجارب التنمية فى العالم، فى ظل عولمة تفرض منافسة صعبة، وهو أمر ظاهر جدا فى الدول الكبرى، حروب تجارية بين الصين والولايات المتحدة وأوروبا وروسيا، كل دولة تريد أسوقا لمنتجاتها، وتريد استثمارات من الخارج والداخل توسع من فرص التنمية والعمل. 
 
وخلال التسعينيات من القرن العشرين كان الحديث عن العولمة مجرد إشارات، ومع الوقت فرضت هذه التفاصيل نفسها على عالم يتسع، ويحتاج المزيد من الطاقة والبنية الأساسية، وظلت الكثير من الدول العربية خارج سياقات المنافسة حتى فرضت العولمة نفسها بشكل كبير.
 
الدول العربية بالطبع تعرضت لأحداث خفضت من قدراتها على إقامة تنمية مستديمة، ليس فقط بسبب صراعات وحروب أهلية وإرهاب، لكن بسبب تراكمات لسوء إدارة جعلها غير مستعدة للمنافسة، فى عصر تفرض فيه المنافسة نفسها على كل خطوة، الدول العربية بحاجة إلى تنمية واستثمارات وفرص عمل، وكما قال رئيس الوزراء مصطفى مدبولى فإن 60% من السكان تحت سن الثلاثين، وهو أمر إيجابى إذا ما أُحسن الاستعداد له بزيادة الاستثمارات فى مجالى التعليم والرعاية الصحية كمكونات رئيسية لرأس المال البشرى، وقال الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبوالغيط: إن الدول العربية بحاجة إلى 50 فرصة عمل سنويا فى منتصف القرن.
 
كان على مصر أن تكون مستعدة لهذا الواقع، وهو ما ظهر خلال السنوات الأخيرة، لم تكن الطاقة الكهربائية متوفرة أو كافية لبناء صناعة والتوسع فى الاستثمار الصناعى، واتخذت مصر أول خطوة لبناء محطات وشبكات كهربائية، تكفى للتوسع، وفى نفس الوقت شبكة طرق تسمح بسهولة انتقال الخامات والبضائع والبشر، وتصل لمناطق صناعية وزراعية جديدة، محطات تنقية مياه، مناطق صناعية وأنفاق تربط مصر شرقا وغربا، وكانت هذه الخطوات عندما بدأها الرئيس عبد الفتاح السيسى، تبدو صعبة، خاصة مع وضع اقتصادى صعب، لكن مع الوقت اتضحت ملامح نجاح الخطة، مصر دولة كثيفة السكان، وهو ما يرتب المزيد من التوسع وبناء مجتمعات جديدة.
 
بشهادة الداخل والخارج نجحت مصر فى تأسيس بنية أساسية تسمح ببناء واقع جديد، مع إصلاحات مالية واقتصادية كانت إجراءات صعبة ومؤلمة، لكنها ضرورية لتخطى حالة الفشل، والآن تبدو التفاصيل قابلة للفهم، وينتظر المصريون أن يجنوا ثمار كل هذا، فى صورة تنمية وفرص عمل، وعوائد للتنمية تسمح بسداد الالتزامات، وتضيف للدخل القومى.
 
فى البداية كانت هناك تساؤلات عن شكل التجربة المصرية، واحتمالات نجاحها، اليوم أصبحت هذه التجربة تمثل نموذج نجاح يمكن للآخرين اتخاذه مسارا، وقد بدا هذا فى رد فعل رئيس وزراء لبنان سعد الحريرى، وقوله بوضوح» أمام لبنان خيارين.. أن تفشل الدولة أو تتبع النموذج المصرى فى التنمية»، كما تحدث عن تجربة مصر فى قطاع الكهرباء، ورغبة لبنان فى الاستفادة منها، واتجاه لأن تقدم الشركات المصرية دعما للكهرباء والطاقة فى لبنان. 
 
الحديث عن النجاح المصرى ليس مجرد كلام بروتوكولى، وقد أعلن الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس الوزراء، خلال لقائه بالرئيس اللبنانى ميشال عون على هامش منتدى الاقتصاد العربى، فى دورته السابعة والعشرين، أن مصر تدعم قطاع الطاقة فى لبنان، وأن شركات الكهرباء المصرية مستعدة للدخول فى المناقصات التى ستطرحها لبنان، أى أن الشركات المصرية لديها خبرات، فضلا عن أنها تنافس فى مناقصات كبرى. 
 
تجربة مصر أصبحت قابلة للنقل والتكرار، وهو ما يرتب المزيد من الجهد للتدريب والجودة والتطوير الإدارى، بشكل يجعل للشركات المصرية فرص للعمل إقليميا عربيا وأفريقيا، وهناك بالفعل مشاركة للشركات المصرية فى أفريقيا حيث تبنى شركة المقاولون العرب، سد «ستيجلر جورج» أكبر سد فى تنزانيا على نهر «روفيجى»، واليوم تتحدث لبنان عن الاستفادة من التجربة المصرية فى الكهرباء والتنمية، وهو أمر يرتب المزيد من المسؤوليات، والحركة لضمان استمرار هذا العمل.
 
الشاهد من هذا أن كل دولة لها إمكاناتها وظروفها، وأن النجاح والمنافسة فى عالم اليوم صعب، لكنه ممكن.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة