كنا نظن أنه بسقوط الإخوان فى مصر وانهيار تنظيم الدواعش فى العراق وسوريا أن نعيد الرؤية فى كل الأسباب التى أفرزت تنظيم الإخوان الذى خرج من عباءته كل التنظيمات الإرهابية بداية من تنظيم التكفير والهجرة مرورا بالجهاد وحتى القاعدة، وأخير تنظيم داعش آخر مولود فى قائمة التنظيمات الإرهابية وهو التنظيم الذى أساء للإسلام أكثر من أعداء الإسلام، والسبب أنه ارتكب كل الجرائم وهو يرتدى العمامة وممسكا بالسبحة والمسواك، الدواعش أصبحوا جزءا من أدبيات هدم الأديان ويكفيهم أنهم لم يقرأوا قول الله تعالى: «لاَ يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِى الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الـمُقْسِطِينَ»، «سورة الممتحنة: الآية 8»، هذا هو إسلامنا الذى نسيه كل إرهابى ينتمى للإخوان أو للدواعش لم يأمر ديننا الحنيف بتهجير مسيحى أو حرق يهودى، وإنما أمر ألا نعتدى على أحد ولا نقاتل إلا من قاتلنا، هذا ما جاء به نبى الإسلام- صلى الله عليه وسلم- ويعرفه الجميع، أما داعش وخليفته فلهم دين آخر ليس له صلة بدين الإسلام، سوى الاسم فقط وهو ما يجعلنى أطالب الأزهر بضرورة إصدار فتوى بأن كل من ينتمى للدواعش ويمارس جرائمهم يكون خارجًا عن الإسلام، واعتباره غير مسلم.
لم تكن الدعوة الإسلامية، دعوة عنف أو قتل أو ذبح أو حرق، بل دعوة سلام ومحبة وتعايش وتعاون وبر وعدل. يقول الله سبحانه وتعالى فى التعارف المفضى إلى التعاون والتآلف والسماحة والمحبة: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا»، «سورة الحجرات الآية 13».
والحقيقة أننى كتبت منذ فترة عن استمرار العربدة الداعشية فى مفهوم التسامح الإسلامى وقلت كلما قرأت عن الإسلام وتسامحه أكتشف أننا مازلنا نمارس كل السلوكيات الخاطئة التى تشوه صورة الإسلام، وهو ما يؤكده الكاتب الإسلامى الشهير، الدكتور عبد الرحمن عميرة، والذى يرى أنه من مقتضيات علاقة التسامح تبادل المصالح، وإطراد المنافع، وتقوية الصلات الإنسانية، والمعاشرة الجميلة، والمعاملة بالحسنى والتعاون على البر والتقوى، وهذا مما دعا ويدعو إليه الإسلام البشرية قاطبة.
ومن سماحة الإسلام، كفالة الحرية الدينية لغير المسلمين، ولهذا قرر الإسلام المساواة بين المسلمين وأهل الديانات الأخرى، فلهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم، وكفل لهم حريتهم الدينية فيما يأتى: أولًا: عدم إكراه أحد منهم على ترك دينه أو إكراهه على عقيدة معينة، يقول الله تعالى: «لاَ إِكْرَاهَ فِى الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَىِ» «سورة البقرة الآية256»، وفى هذا المبدأ من مبادئ الإسلام يتجلى تكريم الله للإنسان، واحترام إرادته وفكره ومشاعره، وترك أمره لنفسه فيما يختص بالهدى والضلال فى الاعتقاد وتحميله تبعة عمله وحساب نفسه، والتعبير هنا فى هذه الآية يرد فى صورة النهى المطلق «لاَ إِكْرَاهَ فِى الدِّينِ». صدق الله العظيم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة