تزامنا مع مرور عام على الانسحاب الأمريكى من الاتفاق النووى فى 8 مايو 2018، تلك الصفقة المبرمة بين إيران و5+1 فى 2015، أعلن الرئيس الإيرانى قرارات جريئة فى إطار البنود 26 و36 قد تضع طهران فى مأزق مع باقى شركاء الصفقة النووية (فرنسا وبريطانيا وروسيا والصين بالاضافة إلى ألمانيا)، وذلك ردا على انسحاب الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، وانتهاجه استراتيجية تقويض نفوذ طهران الإقليمى، وخنقها بعقوبات مشددة طالت قطاعها النفطى والمصرفى، وفشل الاتحاد الأوروبى فى مواجهة هذه الضغوط، الأمر الذى فتح باب التساؤل حول تداعيات القرار الإيرانى على إيران والمنطقة برمتها؟.
أولا تتمثل القرارات الإيرانية فى، زيادة تخصيب اليورانيوم لأكثر من 3.67% وعدم الالتزام بالنسبة المحددة داخل الاتفاق، ووقف بيع اليورانيوم المخصب والماء الثقيل عن الـ130كلم، وإمهال الأطراف التى لا تزال موقعة على الاتفاق "60 يوما" لكى تجعل تعهداتها عملانية وخصوصا فى قطاعى النفط والمصارف التى باتت ترزح تحت وطأة العقوبات الأمريكية.
#در_تی_وی #حسن_روحانى : از امروز نه دیگر «آب سنگین مان» را می فروشیم و نه «اورانیم غنی شده امان» را. و این تا شصت روز ادامه دارد اگر مسئله نفت و بانک حل شد که به خانه اول بازمی گردیم ولی اگر در این شصت روز این مسائل حل نشود دو اقدام دیگر را آغاز می کنیم ...#برجام pic.twitter.com/bldzrUJuCQ
— TheReal DorrTV (@therealdorrtv) May 8, 2019
ثانيا استند روحانى فى قراراته على الانسحاب الأمريكى ورفض واشنطن، لقرار مجلس الأمن الدولى رقم 2231 للعام 2015 والذى كرس الاتفاق النووى بين إيران والدول الست الكبرى ورفع عنها العقوبات الاقتصادية، مقابل تقويض برنامجها النووى وضمان عدم التوصل للتقنية التى تتيح لها إنتاج سلاح نووى.
وفى الوقت نفسه أرسل روحانى رسائل متناقضة للعالم لاسيما واشنطن التى أرسلت منذ أيام حاملة طائراتها للخيلج، وغداة زيارة مفاجئة لوزير خارجيتها مايك بومبيو الى العراق قال إنها تهدف إلى التصدى "للتصعيد" الايرانى. قال روحانى: "كنا ومازلنا دعاة سلام واعتدال ولن نكون المبادرين بالحرب أبداً"، كما أنه أكد على أنه مستعد للتفاوض مجددا قائلا "مستعدون لبحث تنفيذ الاتفاق النووى بشكل أفضل فنحن لم نترك طاولة الحوار".
اجتماع مجلس الوزراء
ماذا يعنى تعليق إيران اتفاقها النووى وما هى التداعيات؟
القرار الإيرانى لم يكن مفاجأة فعلى مدار العام الماضى، كان يدفع الكثيرين من داخل المعسكر المتشدد فى إيران، وعلى رأسهم المرشد الأعلى آية الله على خامنئى، نحو تدمير الاتفاق النووى الذى رأى فيه كثيرين أنه لم تعد طهران بحاجة له بعد عودة العقوبات الأمريكية المشددة عليها التى أدت إلى إحداث شلل تام فى قطاع النفط وتردى اقتصادى وتهاوى قيمت العملة المحلية، ورأوا فيه أن طهران منحت فيه امتيازات ولم تحصل على شئ.
شركاء إيران فى الاتفاق النووى (صورة التقطت عام 2015)
إعادة الملف لمجلس الأمن والفصل السابع
لكن فى الوقت نفسه قد ينظر مجلس الأمن للقرارات كونها خرقا إيرانيا للقرار الأممى رقم 2231 ، والذى رفع عن كاهلها عقوبات أممية منذ 2015، مقابل تقييد برنامجها النووى، واليوم وبعد القرارات لم تعد هناك قيود على التخصيب وبعض التزاماتها، وبالتالى ينذر بعودة العقوبات الأممية عليها مجددا، وإحالة الملف النووى مجددا إلى مجلس الأمن الدولى وإعادته إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وهو الأمر الذى تتفهمه طهران جيدا، واستبق روحانى هذه التداعيات بتحذير حيث حذر من "رد صارم" إذا أحيل الملف مرة أخرى إلى مجلس الأمن الدولى.
عقوبات أوروبية
ثانيا يمكن القول بإن القرارات وضعت طهران فى مواجهة مع شركاء الاتفاق النووى البلدان التى مازالت موقعة عليه، والتى خرجت بعد ساعات قليلة من الإعلان لتلوح طهران بعودة العقوبات الأوروبية، ومن بين ردود الأفعال، قالت فلورانس بارلي، وزيرة الدفاع الفرنسية، اليوم الأربعاء، إن بلادها تريد الإبقاء على الاتفاق النووى وحذرتها من عدم احترام التزاماتها قائلة إن ذلك قد يجعل مسألة إعادة تفعيل آلية العقوبات مطروحة.
وقالت بارلى لتلفزيون بي.أف.أم الفرنسى، إن "ما من شيء أسوأ من انسحاب إيران، مضيفة أن فرنسا وبريطانيا وألمانيا تبذل قصارى جهدها لبقاء الاتفاق".
بدورها قالت وزارة الخارجية الصينية، إن الاتفاق النووى مع إيران الذي يجب تنفيذه بالكامل وكل الأطراف تتحمل مسئولية الحفاظ عليه. وقال الناطق باسم الخارجية الصينية غينج شوانج للصحافيين: "إن الالتزام بالاتفاق وتطبيقه من مسئولية كل الأطراف".
أما إسرائيل العدو اللدود لطهران، أصبحت تخشى من مساعى حصول طهران من الآن فصاعدا على السلاح النووى، وقال رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، اليوم الأربعاء، إن إسرائيل لن تسمح لإيران بالحصول على أسلحة نووية. مؤكدا موقفا قائما منذ فترة طويلة، وأضاف "سمعت صباح اليوم وأنا فى طريقى إلى هنا أن إيران تعتزم استئناف برنامجها النووى... لن نسمح لإيران بحيازة أسلحة نووية، وسنواصل قتال من يسعون لقتلنا".
ويبدو أن التصعيد الأمريكى الإيرانى، والقرارات الإيرانية تجاه الاتفاق النووى مرشحة للتصاعد فى المرحلة المقبلة، والتى لن تخلو من استفزازات إيرانية لحلفاء واشنطن فى المنطقة عبر وكلاءها فى لبنان والعراق وسوريا، فستسعى من خلال هذه الورقة تخفيف الضغوط الدولية عليها والعقوبات المحتملة.