هنا مدينة كرداسة شمال محافظة الجيزة، والتى شهدت على تسطير رجال الشرطة ملحة تاريخية للدفاع عن مركز شرطة كرداسة فى 14 أغسطس من عام 2013، بعدما قدموا 14 شهيدًا فى مقدمتهم اللواء محمد جبر مأمور المركز ونائبه العميد عامر عبد المقصود أرواحهم دفاعا عن مؤسسات الوطن.
فى 2 يونيو وبعد مرور 4 سنوات على الأحداث، قضت الدائرة 11 إرهاب برئاسة المستشار محمد شرين فهمى، وعضوية المستشارين عصام أبو العلا ورأفت زكى ومختار العشماوى، وسكرتارية حمدى الشناوى، والتى نظرت إعادة محاكمة المتهمين، والتى فصلت فى القضية بعد عام من نظرها أمامها، وقضت بالإعدام شنقا لـ20 متهما، والمؤبد لـ80 آخرين، والسجن المشدد 15 عاما لـ35 متهما، والسجن 10 سنوات لمتهم "حدث"، وبراءة 21 آخرين.
كلمة رئيس المحكمة خلال الحكم
وقبل النطق بالحكم على المتهمين استهل المستشار محمد شيرين فهمى بالآية القرآنية "وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا"، وتابعت المحكمة "أنها جريمة بشعة تقف العبارات عن وصفها إنها نموذج عن الأنفس المتربصة بالقتل، إن هؤلاء المتهمين ارتكبوا جرائم تضيق بسببها صدور ذوى المروءة، وقد ورطوا أنفسهم فى موبقات مهلكة، حرمة الدماء عظيمة وقتل الأبرياء بلا حق كبيرة من كبائر الذنوب، ففى صباح يوم الأربعاء 14 أغسطس 2013 أثيرت بعض الفتن بأن الشرطة قتلت الكثير، احتشد المتهمون وآخرون سبق الحكم عليم فى تجمهر غير مشروع من أهالى كرداسة وناهية وبدءوا يتجمعون أمام مركز شرطة كرداسة".
وجاء فى كلمة المحكمة: "حاولت قوات الشرطة صد المتجمهرين بإطلاق قنابل الغاز، وأطلق احد المتجمهرين قذيفتى أر بى جي، وأشعلوا النيران بالمنى، ولم تفلح محاولات رجال الشرطة بالذود عن أنفسهم، واقتحم مجموعة منهم المركز، وقبل رجال الشرطة تسليم أنفسهم للمتجمهرين، ونقض المتجمهرين عهدهم، وتعدوا عليهم بالضرب المبرح، وحتى تعدوا على نائب مأمور المركز حتى فارق الحياة وقتله احدهم بسيخ حديدى، وقاموا بتجميع المجنى عليهم وتصويرهم أمام مسجد الشاعر، وأخذوا يطلقون عليهم النيران حتى قتلوهم، وبلغ عدد القتلى 17 شهيدا".
وأضافت المحكمة: "لم تقف فعلتهم عند حد التعدى على رجال الشرطة وخربوا مبنى القسم، وألقوا عليه زجاجات المولتوف، وأشعلوا النيران بالسيارات المتواجدة بمحيط المركز، وبلغ إجمالى الخسائر 11 مليون و 295 ألف جنيه، ومكنوا المقبوض عليهم من داخل القسم من الهرب، واتخذ سلوكهم الإجرامى بقصد تنفيذ غرض إرهابى، واستمعت لجميع دفاع المتهمين لتقديم دفاعهم شفاهة، وبالعدالة المنصفة، وعدد جلسات بلغت 52 جلسة حققت المحكمة قواعد، وبلغ عدد صفحات محاضر الجلسات لأكثر من 800 ورقة".
حيثيات الحكم
وقالت المحكمة فى حيثيات حكمها :" شهود الواقعة تعرفوا على بعض المتهمين من خلال الصور الفوتوغرافية التى عُرضت عليهم، وحددوا فى شهاداتهم، الأفعال المادية التى ارتكبها كل منهم، وأن تقارير المعامل الجنائية أفادت بصحة المقاطع المصورة للمتهمين وهم يرتكبون جرائمهم، وخلو تلك المقاطع من أعمال التلاعب، أو تركيب الوجوه.
وجاء فى الحيثيات: شددت المحكمة أن المتجمهرين قاموا بتصوير وقائع التعدى بالهواتف المحمولة، إمعانا فى إذلال المجنى عليهم، إلى أن حضر محمد نصر الدين فرج الغزلاني، وبرفقته آخرون، وأطلقوا أعيرة نارية من أسلحتهم بالهواء لتفريق الأهالى المجتمعين، وأعيرة نارية صوب المجنى عليهم، وأن إرادة المتجمهرين قد انصرفت إلى التخريب العمدى لمبنى القسم ومحتوياته، فعاثوا فيه فسادا وإفسادا، كما سرقوا الأسلحة والمهمات الشرطية والمنقولات الخاصة بالمركز بنية تملكها، مع علمهم بأنها مملوكة لوزارة الداخلية".
واستكملت الحيثيات: الجناة اجتمعت إراداتهم على تنفيذ ما توافقوا عليه، لإخضاع رجال الشرطة ونشر الفوضى، وكثفوا من إطلاق الأعيرة النارية والقنابل الحارقة، مُصرين على اقتحام المركز وإضرام النيران به، ونفذت ذخيرة رجال الشرطة، واحتموا داخل المركز بالطابق العلوى، فاقتحمت مجموعة من المتجمهرين ديوان المركز شاهرين الأسلحة النارية والبيضاء، وطلبوا من رجاله تسليم أنفسهم وسلاحهم مقابل الخروج الآمن، فاضطروا للموافقة وقبول عرضهم بسبب محاصرتهم ونقص عتادهم، وعندما سلموا أنفسهم وسلاحهم، نقض المتجمهرون عهدهم واقتادوهم خارج المركز، وتعدوا عليهم بالضرب بالأيدى والأسلحة البيضاء، ثم توجهوا بهم لناحية مسجد سلامة الشاعر، وعندما حاول المجنى عليه اللواء مصطفى إبراهيم الخطيب الفرار، أطلق أحد المتجمهرين عيارين ناريين صوب رأسه وعنقه قاصدا قتله، فأحدث إصاباته الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية، والتى أودت بحياته".
محكمة النقض
فى صباح يوم 24 سبتمبر من عام 2018 أيدت محكمة النقض الأحكام الصادرة من الدائرة 11 إرهاب ليصبح الحكم بات نهائيا ضد المتهمين.
أهم التهم
يواجه المتهمون العديد من التهم ولعل أبرزها
القتل العمد: يواجه المتهمون فى القضية تهمة القتل العمد لمأمور مركز شرطة كرداسة ونائية و 12 ضابطًا وفرد شرطة آخرين، والتى تصل عقوبة القتل العمد للإعدام شنقًا طبقا لقانون العقوبات المصرى.
الانضمام لجماعة أسست على خلاف القانون : وجهت النيابة العامة لجميع المتهمين فى القضية تهمة الانضمام لجماعة أسست على خلاف القانون، والتى تصل عقوبتها للسجن المشدد.
تخريب الممتلكات العامة: يواجه المتهمون تهمة التخريب العمدى للممتلكات العامة والخاصة، ووضع المشرع نص المادة 90 من قانون العقوبات، التى تنص على أنه يعاقب بالسجن مدة لا تزيد عن 5 سنوات كل من خرب عمدًا مبانٍ أو ممتلكات عامة، مخصصة لمصلحة حكومية، أو مرافق ومؤسسات عامة.
كانت النيابة العامة قد أحالت 188 متهما لمحكمة الجنايات، لاشتراكهم مع آخرين، خلال شهر أغسطس 2013، فى التجمهر وارتكاب جرائم قتل عمد مع سبق الإصرار، فى قضية اتهامهم باقتحام مركز شرطة كرداسة، وقتل مأمور المركز ونائبه و12 ضابطا وفرد شرطة، فى أعقاب فض اعتصامى رابعة العدوية والنهضة، والمعروفة إعلاميا بـ"مذبحة كرداسة"، ثم صدر حكم من المحكمة الأولى فى 3 فبراير 2016 برئاسة المستشار ناجى شحاته بإعدام 183 متهما و10 سنوات سجن للمتهم على محمد فرحات "حدث" وبراءة 2 من المتهمين، وانقضاء الدعوى لمتهمين اثنين لوفاتهما وتم النقض بإلغاء ليعاد محاكمتهم أمام الدائرة 11 إرهاب.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة