ما فعله فريق ليفربول أمام برشلونة فى مباراة العودة بنصف نهائى دورى أبطال أوروبا، درس بليغ لنا فى الكرة والحياة عموما، بالورقة والقلم كان الخبراء والمحللون يستبعدون فوز ليفربول على برشلونة أصلا، خاصة فى ظل غياب عدد من أعمدته الأساسية فى مقدمتهم محمد صلاح الأسطورة، والمهاجم الخطير فيرمينيو، حتى إن برشلونة نفسه أبدى تعاطفه مع خصمه قبل المباراة، وعلق على موقعه بأنه كان يتمنى ملاقاة ليفربول فى ظروف أحسن ومع وجود نجمه صلاح، لأن المباريات الكبيرة يزيدها إثارة النجوم الكبار.
الجميع تقريبا كانوا يقولون إن ليفربول بلا حظوظ فى المباراة أمام منافس شرس مدجج بالنجوم الكبار وعلى رأسهم الأسطورة ميسى، الذى يستطيع أن يسجل فى أى وقت من المباراة، مع أن برشلونة كان يكفيه أن يسجل هدفا وحيدا ليقتل كل أحلام ليفربول بالعودة إلى المنافسة، وتحقيق أى انتصار ولو معنويا يحفظ له كبرياءه كفريق عريق ينافس على درع البريميرليج حتى الأمتار الأخيرة من الماراثون، ووصل إلى نهائى دورى الأبطال العام الماضى، ويطمح إلى تحقيق أى لقب خلال الموسم الحالى.
هذا كان الموقف تقريبا، فريق فى موقف ضعف وينقصه الكثير من أسلحته أمام خصم شرس وقادر على الفوز، بل ويعتاد على لغة الانتصارات خارج ملعبه، فما الذى حدث؟ أظن أنه الإيمان، أظن أن الألمانى يورجن كلوب استطاع أن يكتشف السر الذى يمنحه للاعبيه قبل هذه المباراة الصعبة التى جاءت بعد 72 ساعة فقط من موقعة شرسة للغاية أمام فريق نيوكاسل فى الدورى الإنجليزى وفاز فيها الحمر بفارق هدف واحد وتكبدوا خسارة صلاح، كما أصيبوا بالإجهاد جراء الشراسة البدنية واللعب الخشن الذى اعتمده نيوكاسل لإيقاف مفاتيح لعب الحمر.
نعم استطاع يورجن كلوب، أن يكتشف مناطق القوة فى فريقه، حتى مع غياب النجوم الكبار، وأولها روح الفريق، لا أعذار، لا انهيارات نفسية، لا أنانية، لا خوف من المنافس، لا استسلام أبدا رغم الهزيمة الثقيلة فى مباراة الذهاب ورغم التقارير الصحفية التى اعتبرت برشلونة حسم الموقف لصالحه، نعم يمكننا أن نحقق المستحيل، أو أن المستحيل كلمة لا وجود لها مع امتلاكنا القدرة على اكتشاف قوة كل واحد فى الفريق وتوظيفها لخدمة المجموع، نعم نستطيع أن نحلم وأن نخلف كل التوقعات وأن نبذل أقصى ما فى وسعنا لتحويل حلمنا إلى واقع.
كم منا فى موقف ليفربول قبل مباراة برشلونة؟ كم منا يمتلك عناصر قوة وقدرة غير مستغلة؟ كم منا يمتلك أحلاما عريضة ولكنه لم يحولها بعد إلى واقع، لأنه لم يقاتل بشراسة من أجل هدفه؟ كم منا يستقبل الروح الانهزامية من الآخرين ويعتبرها مسلمات فلا يحقق ما يصبو إليه؟ كم منا يستسلم لحسابات الورقة والقلم فيعطل القدرات الخاصة التى حباه بها الله ولم يكتشفها بعد فى نفسه؟
مباراة ليفربول وبرشلونة أو ريمونتادا الريدز أمام البارسا يجب أن تكون لدى كل منا أكبر من مباراة كرة قدم، يجب أن تكون سؤالا مفتوحا على الحياة، متى يحقق كل منا الريمونتادا الخاصة به؟ متى يكتشف كل منا قدراته الكامنة؟ متى نعرف أرواحنا الحقيقية؟ متى نبذل حدنا الأقصى من أجل أنفسنا أولا؟
مجرد أسئلة من وحى ريمونتادا ليفربول..
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة