تشتهر محافظة الوادى الجديد بكثرة أعداد أشجار النخيل التى تقارب مليونى نخلة من أجود الأنواع، ومنذ قديم الزمن يعتمد سكان واحات المحافظة على أشجار النخيل فى صناعة أغلب أدوات المعيشة التى تستخدم فى الحياة اليومية والمنزلية والتى يتم صناعتها من خوص النخيل حيث كبار السن من أهالى المحافظة يحتفطون بأجمل ذكرياتهم مع تلك الأدوات التى يعتبرونها منبع الخير والبركة التى لن يتم تعويضها أبدا.
ومن هذه الأدوات التى يتم صناعتها من خوص النخيل "العلاقة" وهو وعاء له أذنين يُحمل منها بدون غطاء ويصنع من الخوص ويستخدم فى حمل أى شئ من الاحتياجات الخاصة بالفرد أو الأسرة وكذلك "الشادوف" وهو أكبر من العلاقة قليلاً ويصنع أيضاً من الخوص ويستخدم لنقل البلح، و"الفِرد" وهو وعاء من الخوص بشكل مثلث يكبس فيه البلح و"الشمسية الخوص" والتى يستخدمها المزارعون للحماية من حرارة الشمس المرتفعة وتنتشر أكثر فى قرى الداخلة.
وكانت "الحصر المزينة" التى تصنع من خوص النخيل هى الأكثر استخداما وتقوم النساء بصناعتها لاستخدامها كسجاد يتم فرشه فى المنزل وتدريجيا مع تطور الحياة فى الواحات بدأت تلك الأدوات فى الاندثار تدريجيا وأصبحت غير معروفة سوى عند الحديث عن القديم والتراث الواحاتى.
ومع تزايد التطور الحضارى والابتعاد عن الصناعات التقليدية أصبحت الحرف القديمة مهددة بالاندثار حيث لا تمارسها سوى سيدات معدودة من كبار السن واللاتى أصبحن معلمات قديرات بالممارسة الطويلة على مدار عقود طويلة وخاصة فى قرية القصر بالداخلة فجميعهن هناك تبدعن فى استخدام خوص النخيل بمنتجات مبهرة وتبرز بينهن السيدة أم شاكر وهى أقدم سيدة تمتهن صناعة الخوص كذلك أم عماد، حيث تعملان باجتهاد رغم الظروف المتغيرة للسوق وضعف القوة الشرائية للمنتجات التى يتم صناعتها يدويا.
وقالت "أم شاكر" فى تصريح لـ"اليوم السابع"، إن صناعة الخوص هى العشق الأول بالنسبة لها، ولكل من يعمل معها، فهن يعشقن صناعة تراث الواحات من جديد ويعشن مع كل قطعة حكايات وقصص لها بالغ الأثر فى نفوسهن ومع تغير ملامح الحياة أصبحت القطع التى يتم صناعتها تستخدم للزينة والديكور والاستخدام الشخصى للسيدات الأجنبيات كنوع من التغيير بأن تحمل شنطة يد مصنوعة من خوص النخيل يدويا فى قلب الصحراء الغربية بمصر وكذلك حصير من الخوص الملون أو "برنيطة" يتم استخدامها فى الزى غير التقليدى أما باقى المنتجات التى كانت تمثل أهمية بالغة فى حياة أهل الواحات فأصبحت لا تتعدى قطعا يتم وضعها للديكور الفنى فى المنازل والمكاتب.
وأضافت "أم شاكر"، أنها تعانى من ضعف التسويق بعد تقلص حركة السياحة فى المحافظة، مما أدى لضعف القوة الشرائية على تلك المنتجات باستثناء عدد من المبادرات التى تنفذها الجمعيات الأهلية لإنقاذ تلك الصناعات اليدوية من الاندثار والتى تعكس التراث الحقيقى للوادى الجديد ويتم تصنيع كميات منها لصالح تلك الجمعيات للاشتراك بها فى المعارض المحلية والدولية وتلقى رواجا كبيرا عليها بالفعل.