يُعد التأمين على السيارات واحدا من أنواع التأمين التى ترتبط بشكل كبير فى ذهن الكثيرين بأنها اختيارية فقط، وأن صاحب السيارة هو من يحدد إذا كان سيؤمّن عليها أم لا، إلا أن حقيقة الأمر تختلف عن ذلك، فالتأمين على السيارة ينقسم إلى إجبارى الذى يدفع أى شخص مقبل على شراء سيارة مبلغا يكون مسئولا فيه عن المسئولية المدنية تجاه الحوادث التى تقع للغير من السيارات مجهولة الهوية، وينظم عملية الحصول على التعويضات هنا صندوق الحوادث المجهلة.
محكمة النقض المصرية فى هذا الشأن رسّخت فى حكم مهم لها لمسألة شمول التغطية التأمينية قالت فيه: "شرط شمول التغطية التأمينية فى التأمين الإجبارى على السيارات لقائد المركبة بعد الحكم بعدم دستورية المادة الخامسة من القانون رقم ٦٥٢ لسنة ١٩٥٥ فيما لم تتضمنه من شموله فى الدعوى رقم ١٠٩ لسنة ٢٥ ق دستورية عليا إلا تثبت مسؤوليته عن الحادث".
المحكمة فى الطعن المُقيد برقم 2249 لسنة 79 جلسة 2016/06/12 أكدت أن التأمين الإجبارى الذى يعقده مالك السيارة لا يغطى ما يلحق قائد السيارة أو ورثته من أضرار نتيجة الحادث الذى تسبب فيه بخطئه، لأنه لا يعد من الغير الذى يغطى التأمين الإجبارى الأضرار التى تلحق به، وسواء كان هذا الخطأ شخصياً طبقاً لأحكام المسئولية التقصيرية أم مفترضاً طبقاً لأحكام مسئولية حارس الشىء باعتباره تابعاً يمارس الحراسة عليه لحساب متبوعه، إذ لا يجوز أن يجتمع فى الشخص الواحد صفة المسئول عن الحقوق المدنية باعتباره مرتكب الفعل الخاطئ الذى ألحق ضرراً بالغير وصفة المضرور الذى يطالب بتعويض عما لحقه من ضرر نتيجة الفعل الخاطئ الذى وقع منه.
ووفقا لـ"المحكمة" - فى حيثيات الحكم - كانت المحكمة الدستورية قد قضت بجلسة 4/4/2004 فى القضية رقم 109 لسنة 25 قضائية دستورية المنشور بالجريدة الرسمية فى 15/4/2004 بعدم دستورية نص المادة الخامسة من القانون رقم 652 لسنة 1955 بشأن التأمين الإجبارى من المسئولية المدنية الناشئة من حوادث السيارات فيما تضمنه من قصر آثار عقد التأمين فى شأن باقى أنواع السيارات - غير الخاصة - على الغير والركاب دون العمال، وامتدت بذلك آثار عقد التأمين فى السيارة النقل لصالح الغير والركاب والعمال، كما أن قائد السيارة النقل يعد من عمالها، إلا أن استفادته من التغطية التأمينية الناشئة عن الحادث ما زالت مشروطة بألا تثبت مسئوليته عنه، وإلا خرج التأمين الإجبارى فى هذه الحالة عن الغاية من فرضه ليصير تأميناً من نوع آخر لم يشمله نص القانون.
وبحسب "المحكمة" إذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر "انتفاء مسئولية الغير والركاب والعمال فى شأن حوادث السيارات غير الخاصة للاستفادة من التغطية التأمينية"، وقضى بإلزام الشركة الطاعنة بالتعويض بعد أن أطرح ما تمسكت به فى دفاعها من أن مورث المطعون ضدهما الأول والثانية لا تشمله التغطية التأمينية لكونه قائد السيارة المتسبب فى الحادث استناداً إلى أن أساس دعوى التعويض المطروحة هو مسئولية حارس الشىء.
وأن مورث المطعون ضدهما المذكورين يعتبر من عمال السيارة الذين تشملهم التغطية التأمينية حتى لو كان مسئولاً عن الحادث بخطئه بعد صدور قضاء المحكمة الدستورية سالف الإشارة إليه "الطعن رقم 109 لسنة 25 ق دستورية - بعدم دستورية نص المادة الخامسة من القانون رقم 652 لسنة 1955 بشأن التأمين الإجبارى من المسئولية المدنية الناشئة من حوادث السيارات فيما تضمنه من قصر آثار عقد التأمين فى شأن باقى أنواع السيارات - غير الخاصة - على الغير والركاب دون العمال"، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه، وقد حجبه هذا الخطأ عن بحث منازعة المطعون ضدهما الأول والثانية بأن مورثهما لم يكن قائداً للسيارة وقت الحادث ولم يتسبب فيه بخطئه بما يعيبه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة