تعددت الروايات لكن المحبة حاضرة والحماس قائم، فقبل ركلة البداية فى مباريات الساحرة المستديرة وأمام عشرات الآلاف من الجماهير طالما يصطف اللاعبون لترديد نشيد بلادهم ليستعينوا بتلك الكلمات فى حشد الهمم وامتلاك زمام المبادرة لانتزاع الفوز خلال 90 دقيقة أو أكثر قليلًا، والآن وقبل أيام من انطلاق بطولة الأمم الأفريقية التى تستضيفها مصر على ملاعبها بمختلف المحافظات.
يقدم "اليوم السابع" قصة الأناشيد الوطنية لأبرز المنتخبات الأفريقية المشاركة فى الـ"كان" وروايات مؤلفيها والظروف التى أحاطت بها كالتالى:
مدرس وتلاميذه ألفوا نشيد الكاميرون بهدف حشد الطلاب
"يا كاميرون، يامهد أجدادنا، بالنهضة والحماس حققى حريتك، ورايتك ستكون مثل الشمس، ورمزًا للإيمان والاتحاد، فليكن كل أبنائك من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب يعيشون فى محبة، لتكن خدمتك هدفهم الأول، أنت قيمتك لا يعبر عنها اللسان، كيف يمكننا أن نرد لك؟ سوف ننجح بالكد والمحبة والسلام".. كانت هذه كلمات النشيد الوطنى الكاميرونى، والذى ألفه ولحنه مدرس يدعى "رينى دجام افيمى" ومعه طلاب مدرسته جنوب الكاميرون، سنة 1928 بهدف الحشد الطلابى، وظل بداخل المدرسة حتى 5 نوفمبر 1957، حين قرر المجلس التشريعى لأراضى الكاميرون الفرنسية التابع للأمم المتحدة، استخدامه كنشيد وطنى للبلاد.
ومغتربة بريطانية كتبت كلمات نشيد نيجيريا الأول وأشرفت الشرطة النيجيرية على الثانى
أما نيجيريا فقد تم اعتماد النشيد الوطنى لها سنة 1978، والذى تم استبداله من نشيد "تحيا نيجيريا"، الذى كان يتغنى به الشعب منذ الاستقلال 1960، وكتبت كلماته ليليان جان ويليامز، المغتربة البريطانية التى عاشت فى نيجيريا عندما حققت الاستقلال، وقام فرانسيس بيردا بتأليف موسيقى النشيد.
وجاء النشيد الثانى لنيجيريا مقتطفًا كلماته من أفضل خمس مقطوعات فازت فى مسابقة وطنية. حيث تم وضع الكلمات مع الموسيقى من قبل الشرطة النيجيرية تحت إشراف "البينديكت إليسه أدياسه".
وكان نص النشيد النيجيرى، والذى يهز قلوب ومشاعر الشعب النيجيرى فى كل المناسبات التى يعزف بها وهو "انهضوا أيها الوطنيون، أطيعوا نداء نيجيريا، من أجل خدمة أرض آبائنا، بالحب والقوة والإيمان، أن عمل الأبطال القدماء، يجب أن لا يذهب سدى،لنخدم بالقلب وربما أمة واحدة ستجتمع فى الحرية والسلام والوحدة، أيا رب الخلق، وجه هدفنا النبيلن أرشد قوادنا إلى الصواب، ساعد شبابنا على معرفة الحقيقة، من أجل أن ينمو بالصدق والحب، ومن أجل العيش بالحق والحقيقة، ويحققوا المراتب العليا النبيلة، ليبنوا وطنًا حيث يعم السلام والحق".
مونديال المكسيك يقدم نشيد المغرب إلى الملاعب
وحين تأهل منتخب كرة القدم المغربى لكأس العالم بالمكسيك سنة 1970، كأكبر محفل عالمى تعزف فيه الأناشيد الوطنية آنذاك، أمر الملك الراحل الحسن الثانى، الكاتب على الصقلى الحسينى بكتابة كلمات النشيد الوطنى، الذى كان مجرد لحن معزوف ألفه " ليو مورجان" ليكون النشيد الوطنى الرسمى للمغرب منذ الاستقلال عن الحماية سنة 1956.
وأكد الملك على الشاعر، على أن تكون الكلمات محافظة على نفس اللحن الذى عرفه المغاربة، ليردده اللاعبون بالمكسيك، أثناء العزف، أسوة بباقى لدول، ورجت كلماتها ملعب الكرة وسط حماسة الجماهير، وكان نصه "منبت الأحرار، مشرق الأنوار، منتدى السؤدد وحماه، دمت منتداه وحماه، عشت فى الأوطان، للعلى عنوان، ملء كل جنان، ذكرى كل لسان، بالروح، بالجسد، هب فتاك، لبى نداك، فى فمى وفى دمى هواك ثار نور ونار، إخوتى هيا، للعلى سعيا، نشهد الدنيا، أن هنا نحيا، بشعار، الله الوطن الملك".
https://www.youtube.com/watch?v=pOrCtNYUF1U
أول رئيس سنغالى يكتب نشيد بلاده
وجاء النشيد الوطنى للسنغال معبرًا عن ثقافتهم وتاريخهم، مستحضرًا تاريخ وتقاليد وصراع الأمة وشعبها ويحييها، وكتب كلماته أول رئيس للسنغال بعد الاستقلال ليوبولد سيدار سنجور، سنة 1960، ودمج الآلات الافريقية المشهورة مثل القيثارة والبالافونز، كما لحن موسيقى النشيد "هيربرت بيبر" وهو كاتب النشيد الوطنى لجمهورية إفريقيا الوسطى.
وفى معظم المناسبات التى يغنى فيها السنغاليون النشيد يرتدون أقنعة الأسد ويرفعون أعلامهم لتأتى الكلمات الوطنية كالآتى: "هيا جميعًا، انقروا كوراتكم واضربوا البالافونات، لقد زأر الأسد الأحمر، المُروض من السافاناه، قد قفز للأمام، وشتت الظلام، وأشرقوا على خوفنا، وأشرقوا على الأمل، قفوا، أخوتى، فقد تجمعت أفريقيا، يا سنغال سوف نواصل عملك العظيم، لحماية الفراخ من الصقور، ولنجعلها تنهض، من الشرق إلى الغرب، ومن الشمال إلى الجنوب، كرجل واحد فى ريعان الشباب، قد أدار ظهره لكل الأعاصير"
الشابى والرافعى.. شراكة شعرية ترسم أبيات نشيد تونس
وفى تونس تم تغيير النشيد الوطنى أكثر من مرة، حيث تغنى التونسيون بكلمات "سلام الباي" بين 1846، و1957. وتم العمل به حتّى الإطاحة بالملكية بعدها جاء نشيد "ألا خلدي." فى الفترة من 1958 و1987.، حين قامت وزارة التربية والتعليم فى 1958 بمسابقة لاختيار النشيد الوطنى شارك فيها 53 شاعرا و23 موسيقيا، وتم فرز المشاركات من قبل لجنة من الوزارة التى اختارت عمل الشاعر جلال الدين النقاش والملحن صالح المهدى الذى كان يشغل منصب مدير المعهد الموسيقى بتونس ثم عرضت الأعمال دون الإفصاح عن النشيد المختار على الرئيس الحبيب بورقيبة الذى وافق على الاختيار، ولكن كان هذا النشيد يشير صراحة إلى شخص الرئيس الحبيب بورقيبة : " نـخـوض اللهيـب بروح الـحبيب زعيـم الوطن"، لذلك بعد الإطاحة ببورقيبة فى 7 نوفمبر 1987، عوض "ألا خلّدي" بحماة الحمى فى 12 نوفمبر من نفس العام.
وكتب أغلب كلماته الشاعر المصرى مصطفى صادق الرافعى وتمّت إضافة بيتين للشاعر أبو القاسم الشابى لحنه أحمد خير الدين. بعد أن اتخذ نشيدًا رسميًا فكرت الحكومة التونسية فى تكليف محمد عبد الوهاب بإعادة توزيعه لكن الفكرة لم تتحقق، وكان الوطنيون التونسيون يرددون النشيد خلال مرحلة النضال الوطنى، واستمر إنشاده حتى بعد اعتماد نشيد "ألا خلدي"، فى بعض الأوساط الطلابية واجتماعات الحزب الدستوري.
وترددت كلمات النشيد الوطنى فى كل الأوساط والمناسبات الجماهيرية والشعبية بكلماته التى كان ابرزها "إِذَا الشَّعْبُ يَوْمًا أَرَادَ الْحَيَاةْ، فَلَا بُدَّ أن يَسْتَجِيبَ الْقَدَرْ، وَلَا بُدَّ لِلَّيْلِ أن يَنْجَلِى، وَلَا بُدَّ لِلْقَيْدِ أن يَنْكَسِــرْ، حُمَاةَ الْحِمَى يَا حُمَاةَ الْحِمَى، هَلُمُّوا هَلُمُّوا لِمَجْدِ الزَّمَــنْ، لَقَدْ صَرَخَتْ فِى عُرُوقِنَا الدِّمَ، نَمُوتُ نَمُوتُ وَيَحْيَا الْوَطَن.