الفنان الكبير رشوان توفيق يواصل كشف أسرار مشواره الفنى ويفتح صندوق ذكرياته «2- 2»:
العندليب جاءنى غاضباً فى المنام.. ورأيت السادات ببدلة التشريفة يردد الشهادة
لهذا السببب بكى شكرى سرحان وقال: رشوان توفيق أحسن منى ليه؟.. وبسببى توقف عن صبغ شعره
فى الجزء الثانى من حواره لـ«اليوم السابع» يستكمل الفنان الكبير رشوان توفيق الحديث عن مشوار حياته وذكرياته، ويكشف الكثير من الأسرار حول علاقاته بنجوم الفن من أجيال مختلفة وحكاياته مع رجال الدين والسياسة، وكواليس أهم أعماله، وأصعب وأغرب المواقف التى مر بها.
السينما وحكايات السندريلا
يتطرق الفنان الكبير للحديث عن السينما فيقول: «ماليش حظ فيها، فالسينما اجتماعية وأنا لست اجتماعيا، لذلك لم تكن لى أعمال سينمائية كثيرة، رغم أننى حصلت على جائزة أحسن ممثل عن فيلم جريمة فى الحى الهادئ وكنت أقوم فيه بدور ثان، ولم أحصل على أدوار بطولة سينمائية».
يتحدث عن مشاركته للسندريلا فى فيلم نادية قائلا: «سعاد حسنى إنسانة جميلة وفنانة شاملة لا تقل عبقرية عن فاتن حمامة وأعتبرها فنانة عالمية، ولكنها كانت بسيطة، ومرت بأزمات كثيرة ولم يكن لها نفس ذكاء عبدالحليم وأم كلثوم وعبدالوهاب الذين كان لكل منهم فريق يساعد ويخطط له للوصول إلى القمة».
يشير إلى العلاقة القوية التى ربطت بين سعاد حسنى والفنانة إنعام سالوسة: «كانوا أصحاب جدا وبينهما صداقة كبيرة، وإنعام عملت دوبليرة لسعاد فى فيلم نادية، وبدأت علاقتهما فى مسرح عبدالرحمن الخميسى».
«سعاد لما بتمثل بتنط جوه الشخصية».. هكذا وصف رشوان توفيق السندريلا، موضحا: «كنا بنصور فيلم نادية فى مركب بالإسكندرية، وعندما تلبس السندريلا شخصية نادية تطلع ساكنة وصامتة وتبقى لساعات لا تتكلم مع أحد، وعندما ترتدى ملابس شخصية منى تتنطط ولا تكف عن الكلام».
وأشاار إلى أن أول أدواره السينمائية كانت بطولة فيلم «الجزاء» مع حسين الشربينى وشمس البارودى التى كانت وقتها فى الصف الأول بمعهد التمثيل، كما شارك فى فيلم «بين عمرين» أمام سيدة المسرح سميحة أيوب، وإخراج نور الدمرداش، وقصة فيصل ندا.
وتحدث عن الفنانة سميحة أيوب، قائلا: «إلى جانب قدراتها العبقرية فى التمثيل تتمتع بقدر عال من الإنسانية وأعتبرها ملكة المسرح العربى، وشاركتها مسرحية رابعة العدوية، وعملت تحت قيادتها كمديرة لمسرح السلام وفى المسرح القومى، وكانت تقدر ظروف الفنانين الإنسانية وتحترم أعضاء فرقتها».
وأشال إلى أنه أثناء الإعداد لمسرحية نرجس طلبت الفنانة سهير البابلى من سميحة أيوب أن يقوم الفنان حسين فهمى بدور البطولة أمامها وأن يقوم الفنان محمود المليجى بالدور الذى قام به الفنان حسن عابدين وزوزو نبيل بدلا من الفنانة عواطف رمضان، ولكن سميحة أيوب أصرت على أن يقوم بهذه الأدوار أعضاء المسرح، وبالفعل تألق جميع الفنانين المشاركين بالمسرحية وكانت سببا فى شهرة الفنان حسن عابدين».
أدوار ثانية ولكنها صعبة
«أغلب الأدوار التى قمت بها أدوار ثانية ولكنها كانت مشاهد صعبة».. هكذا تحدث الفنان الكبير عن أدواره، موضحا: «من أصعب أدوارى فيلم الأنثى والذئاب، بطولة عادل أدهم ونور الشريف ومرفت أمين، وإخراج نيازى مصطفى، وكنت أقوم فيه بدور طبيب يقع فى فخ قواد ويعيش فى شقة دعارة فيعطى حقن مورفين ويقوم بعمليات إجهاض، وكان نيازى مصطفى ينادى الموجودين قائلا: تعالوا شوفوا رشوان عامل دور السكران ازاى، وقال لى الفنان عادل أدهم :أنت بطل الفيلم الحقيقى لأن دورك أصعب دور. وكذلك كان دورى صعبا فى فيلم الملاعين مع الفنان الكبير فريد شوقى وسهير رمزى وسامية، وكنت أقوم فيه بدور درويش».
وتطرق إلى الحديث عن عملاقى الشاشة فريد شوقى ورشدى أباظة قائلا: «فيهما الكثير من الصفات المشتركة، فهما مثل الأطفال فى الطيبة والبساطة، ولم أكن أتوقف عن الضحك وأنا مع أى منهما».
وأضاف: «سافرت للحج مع فريد شوقى، ورغم قوته وكونه وحش الشاشة كان يخاف أن ينام وحده فى الغرفة، وكان ملاكا مثل الأطفال، بينما كانت شقة رشدى مليئة بلعب الأطفال، وكانت سامية جمال تضحك وتقول: بيجيب اللعب لنفسه ويقول لبنته».
مهابة شكرى سرحان
وبحب شديد يتحدث عن الفنان الكبير شكرى سرحان: «من الشخصيات العظيمة وكان لنا حكايات كثيرة معا».
وتابع: «عندما كنت طفلا فى العاشرة من عمرى وأسكن فى السيدة زينب، كنت أرى شابا جميلا شعره أسود كثيف وممشوق مثل السيف ويرتدى بنطلونا أبيض وبليزر، فكنت معجبا به وأنتظره حتى أرى أناقته، وكان هذا الشاب هو شكرى سرحان ووقتها كان طالبا بمعهد التمثيل، وبعدها شاركته فى بعض المسرحيات».
وقال عنه: «كان جادا ومتدينا وصريحا جدا، ولا يقبل بأى تنازلات فى العمل، وكان يجمعنا ارتباط روحانى».
وحكى رشوان توفيق عن بعض المواقف التى جمعته بالراحل شكرى سرحان: «جاءنى فى أحد الأيام وقال إنه رآنى فى رؤية أثناء نومه وأنا أحمل قربة ماء على ظهرى وأسقى الناس، فنادانى قائلا: أنا جايلك».
ويكمل الفنان الكبير قائلا: «قال لى شكرى سرحان إنه استيقظ من نومه باكيا، وهو يسأل: رشوان توفيق أحسن منى ليه، وقال لى وقتها إنه فسر هذه الرؤية بأننى قريب من الله».
وتابع: «كان شكرى سرحان له مهابة واحترام كبير بين الجميع بسبب جديته الشديدة، وفى إحدى المرات كنا نصور مشهدا فى استوديو الأهرام، وكان يجلس أمامى ويصبغ شعره، فتجرأت وقلت له ياأستاذ شكرى أنت بتصبغ شعرك ليه؟ ربنا عمل التجاعيد اللى فى وشنا علشان الشعر يبقى أبيض، فشرد وسكت، ومن يومها توقف عن صبغ شعره، فأعطاه بياض الشعر الكثيف مزيدا من المهابة وجمعنى به عدد من الأعمال الدينية ومنها مسلسل على هامش السيرة».
الحاجة كاريوكا الزاهدة العابدة
كما يحكى عن علاقته بالفنانة الكبيرة تحية كاريوكا قائلا: «إنسانة عظيمة ولا يمكن أن أنسى مواقفها معى، حيث امتدت العلاقة الإنسانية بيننا، فضلا عما جمعنا من أعمال مشتركة، وسافرنا كثيرا لتقديم بعض المسرحيات فى دبى، وكنت أتمنى أن أقوم بعمرة قبل السفر فساعدتنى وذهبت بنفسها لاستخراج الباسبور الخاص بى أنا والفنان يوسف شعبان رغم أنها كانت وقتها مريضة وحرارتها مرتفعة».
ويكمل: «الحاجة تحية كانت فعالة للخير إلى أقصى درجة، وصوفية تحب السيد البدوى وآل البيت، واعتادت أن تذهب إلى الموالد وخاصة الحسين وهى ترتدى جلابية وإيشارب تطبخ وتوزع الطعام بنفسها».
وأشار إلى أنها كانت تسكن إلى جواره فى نفس المنزل الذى يسكن فيه حاليا، فيما كانت سميحة أيوب تسكن فى الطابق الأعلى.
«البيت ده مبنى على الطراز الإنجليزى وتحتوى كل شقة من شققه على مدفأة، وكانت دفاية الحاجة تحية فى ظهر غرفة نومى، وطوال فترة وجودها لم نكن نشعر بأى برد أو سقعة الحيطان».
وتابع قائلا: «كانت أمى تزورنى وأثناء زيارتها كنت أصر أن تنام فى غرفة نومى وأنام أنا وزوجتى فى غرفة أخرى وكنت أضع لها طعاما بجوار السرير حتى إذا استيقظت ليلا، وفى أحد الأيام نادتنى أمى وهى مفزوعة لتقول لى العيش اتسخن لوحده والأكل كأنه طالع من الفرن، فضحكت وأخبرتها بأن دفاية الحاجة تحية فى ضهر السرير».
وتابع: «انتقلت الحاجة تحية من هذه الشقة وكنت أزورها فى أواخر أيامها وكانت تنفق كل الأموال التى تحصل عليها على الفقراء، رغم الظروف التى مرت بها».
وحكى أنه بعد وفاة الفنانة تحية كاريوكا دعا الله أن يرى علامة تطمئنه عليها، مشيرا إلى أنه اعتاد أن يرى رؤى تنبئه بعلامات كثيرة، قائلا: «شاهدتها فى رؤية وهى ترتدى فستانا وتاجا فوق رأسها».
رؤى الأموات
وأكمل قائلا: «اللى بيموتوا بيسمعونا ويحسوا بينا ولى تجارب عديدة أرى فيها رؤى لأموات وأحياء، وكثيرا ما تأتينى هذه الرؤى حين أغفو بعد الصلاة أو بعد قراءة القرآن، ويصل الأمر أحيانا إلى حالة جلاء سمعى».
يتمتم الفنان الكبير قائلا: «الحمد لله الذى أنعم على بنعم كتير..اللهم اغفر لى وسامحنى واعف عنى».
ويوضح: «والدى توفى عام 1956، وفى إحدى السنوات كنت أؤدى عنه فريضة الحج، فسمعت صوته وأنا فى مزدلفة يقول لى «شكرا ياتوفيق»، وأثناء قيامى بالسعى أنهيت 4 أشواط، وتعبت فذهبت لأنام فى الفندق ورأيت أبى فى رؤيا جالسا ينتظرنى على جبل الصفا بملابس الإحرام فقمت توضأت وأكملت الأشواط».
ويضحك قائلا: «كان لى وجهة نظر فنية فى العندليب عبدالحليم حافظ وأردد دائما أنه يجسد أداء الملحن محمد الموجى، وفى إحدى المرات قلت هذا الرأى ونحن نجلس مع عدد من الفنانين، وبعدها قمت لصلاة التهجد فغفوت أثناء الصلاة ووجدت عبدالحليم يقف أمامى ويصرخ فى وجهى «لا ياأستاذ رشوان»، فعرفت أن هذا الرأى أغضبه».
ويحكى عن أحد المواقف عن الرئيس السادات قائلا: «أراه زعيما عظيما يسبق عصره وسمعت سكينة السادات تقول إن كل ما تركه 4 آلاف جنيه، ووقفت أصلى وبعد الصلاة قرأت الفاتحة للرئيس السادات ودعوت له، فشعرت بيد على كتفى ورفعت عينى فرأيت السادات يرتدى بدلة التشريفة الزرقاء ويقول بصوت قوى لا إله إلا الله، فقلت محمد رسول الله».
وبعدها اتصلت بحسب الله الكفراوى وقلت له ما حدث، فقال إن السادات شهيد، ورأيته مرة ثانية فى ليلة جمعة يرتدى جلابية فلاحى ويضحك، رغم أننى لم أقابله أو أسلم عليه سوى مرة واحدة، وكنا نصور مسلسلا فى الدوحة».
صدمة وفاة الابن الوحيد
يتحدث الفنان رشوان توفيق عن أبنائه وأصعب المواقف التى مرت عليه قائلا: «رزقنى الله وأنا طالب بابنى الوحيد توفيق، رحمه الله، عام 1958، فكان بمثابة الابن والأخ، وبعده بخمس سنوات أنجبت ابنتى المذيعة هبة رشوان وبعدها ابنتى آية».
يتابع الحديث عن ابنه الراحل قائلا: «ابنى توفيق الله يرحمه عندما وصل سن 16 طلب منى أن يؤدى فريضة الحج واعترضت والدته لصغر سنه، ولكنى وافقت وسافر هو ووالدته من مصر، وسافرت أنا من الدوحة، وتقابلنا فى الأراضى المقدسة».
ويكمل متأثرا: «درس ابنى توفيق الحقوق وعمل بأحد البنوك، كان ملاكا يمشى على الأرض، جميل الشكل والطبع، ورياضى يمارس رياضة التجديف، كما كان لا يتنازل عن الحق ونصرة المظلوم، وكنا نسميه خديوى، وتزوج مبكرا كما تزوجت أنا مبكرا، وأنجب ابنته أميمة التى تركها وتوفى قبل أن تكمل 10 سنوات».
ويحكى تفاصيل أكبر صدمة فى حياته بوفاة ابنه بشكل مفاجئ: «مات بأزمة قلبية وجلطة فى الشريان التاجى عام 2000 وكان عمره 40 سنة، كان مصابا ببرد وحساسية وجئت من التصوير فقالت لى والدته إنها ذهبت لزيارته فحكى أنه رأى أجداده فى المنام ووصف شكلهم بدقة رغم أنه لم يرهم وتوفوا قبل مولده، ومعهم موظف زميل له توفى قبله بشهرين».
وتابع الفنان الكبير تفاصيل المأساة قائلا: «أسرعت إلى بيت ابنى ووقفت على باب غرفته وسألته عن هذه الرؤية، فقال إنهم قالوا له تعال علشان تشوف حضرة النبى والناس الحلوة، فشعرت بقبضة، وبعد قليل تدهورت حالته ومات قبل وصوله للمستشفى».
يصمت الفنان الكبير للحظات وتدمع عيناه وهو يتذكر ابنه الراحل وجنازته قائلا: «كل ولادى الفنانين حضروا ونور الشريف وصلاح السعدنى انهارا بالبكاء، فنور الشريف حمل ابنى على يديه وكتفه وهو طفل وحمله إلى مثواه الأخير بعد وفاته».
ويشير إلى أن ابنه الراحل سمى ابنته «أميمة» باسم جدتها زوجة الفنان رشوان توفيق، قائلا: «فازت حفيدتى بلقب بطلة مصر فى الإلقاء الشعرى، وقامت وهى فى الصف السادس الابتدائى ببطولة مسرحية الملك العاشق على المسرح المدرسى، وشاءت الأقدار أن تتزوج بعد تخرجها من الطالب الذى قام أمامها ببطولة المسرحية، وأعتقد أنها لو اتجهت للتمثيل لأصبحت فنانة مسرحية عظيمة».
سألنا الفنان الكبير إن كان أبعد أبناءه وحفيدته عن الفن عمدا، فأشار قائلا: «مشوار الفن طويل ومرهق وصعب وخشيت عليهم منه».
وأضاف: «الراحل ممدوح الليثى كان يرى فى هبة ابنتى مشروع فنانة وعرض عليها بطولة 3 أفلام، ولكنى رفضت وقلت أنا تعبت فى التمثيل ومش عاوز بنتى تتعب، كما كانت هبة تتمنى منذ طفولتها أن تصبح مذيعة».
ويشير الفنان الكبير إلى أنه شارك مؤخرا فى فيلم سينمائى مع الفنان أحمد حلمى، قائلا: «آخر حاجة عملتها من 3 سنوات بمشاركتى فى مسلسل سلسال الدم».
وتابع: «ساعات تعرض على أعمال لا تعجبنى، كما أن مرض زوجتى يجعلنى أعتذر أحيانا، وأشارك حاليا فى فيلم مع الفنان أحمد حلمى والمخرج خالد مرعى، تأليف العبقرى عبدالرحيم كمال، وبمشاركة لطفى لبيب وعبدالرحمن أبوزهرة وإنعام سالوسة».
وأوضح قائلا: «كنت أشاهد برنامجا ظهر فيه يوسف بك وهبى فى سهرة مع منى جبر وقال ماحدش بيكتب للممثلين الكبار غير الفرنساويين فقط، وكل البطولات للشباب».
وأضاف: «هناك الكثيرون من الفنانين الجدد موهوبون ومصر دايما ولادة».
وأردف قائلا: «الحمد لله أنا أحببت التمثيل وماعملتش تنازلات، وفى فنانين كتير لهم قيمة كبيرة رغم أنهم قاموا بأدوار ثانية، فمثلا شفيق نورالدين عمل مشهدا فى القاهرة 30 يستحق عنه الأوسكار، وحسن البارودى شارك فى أفلام عالمية والمخرج الإنجليزى قال عنه ممثل عالمى، وهناك الكثير من الأساتذة والممثلين الكبار لم يأخذوا حظهم من النجومية والبطولة».
ويؤكد الفنان الكبير أنه كان يحلم دائما بأداء شخصية «ميشيلينيا فى رواية أهل الكهف لتوفيق الحكيم، قائلا: «لو تتعمل دلوقت أتمنى أعمل شخصية الراعى، وقلت لجلال الشرقاوى ومحمد فاضل لو اتعملت رواية أهل الكهف بطريقة المسرح السحرى يمكنها أن تجوب العالم للترويج لمصر سياحيا».
ويشير إلى أن أقرب أصدقائه من الوسط الفنى أبناء جيله، عبدالرحمن أبوزهرة وعزت العلايلى ورجاء حسين وعفاف رشاد ومحمود الحدينى.
واختتم حديثه قائلا: «ربنا أنعم على، وراضى عن مشوارى الفنى، وطول النهار أتحدث مع الرحمن لأنى غرقان فى نعم ربنا، أشكره وأدعوه يكفينى شر المرض ويتوب علينا من الغفلة ويجعلنا من العباد المخلصين».