تفسير القرآن.. ما قاله الإمام القرطبى فى "ختم الله على قلوبهم"

الأربعاء، 19 يونيو 2019 01:08 م
تفسير  القرآن.. ما قاله الإمام القرطبى فى "ختم الله على قلوبهم" قرآن كريم
كتب أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نواصل، اليوم، الوقوف مع كلام الإمام القرطبى فى تفسيره المعروف بـ"الجامع لأحكام القرآن والمبين لما تضمنه من السنة وآى الفرقان"، ونقرأ ما قاله فى تفسير سورة البقرة فى الآية السابعة "خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (7)".

فيها عشر مسائل:
الأولى:

 قوله تعالى: ( خَتَمَ اللَّهُ) بين سبحانه فى هذه الآية المانع لهم من الايمان بقوله: ( خَتَمَ اللَّهُ}. والختم مصدر ختمت الشيء ختما فهو مختوم ومختم، شدد للمبالغة، ومعناه التغطية على الشيء والاستيثاق منه حتى لا يدخله شي، ومنه: ختم الكتاب والباب وما يشبه ذلك، حتى لا يوصل إلى ما فيه، ولا يوضع فيه غير ما فيه.
وقال أهل المعاني: وصف الله تعالى قلوب الكفار بعشرة أوصاف: بالختم والطبع والضيق والمرض والرين والموت والقساوة والانصراف والحمية والإنكار. فقال فى الإنكار: ( قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ) [النحل: 22].
وقال فى الحمية: ( إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِى قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ) [الفتح: 26] وقال فى الانصراف: ( ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ) [التوبة: 127].
وقال فى القساوة: ( فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ) [الزمر: 22]. وقال: ( ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ) [البقرة: 74].
وقال فى الموت: ( أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ) [الأنعام: 122]. وقال: ( إِنَّما يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ) [الأنعام: 36].
وقال فى الرين: ( كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ) [المطففين: 14].
وقال فى المرض: ( فِى قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) [محمد: 29] وقال فى الضيق: ( وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً) [الأنعام: 125].
وقال فى الطبع: ( طُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ) [المنافقون: 3]. وقال: ( بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْها بِكُفْرِهِمْ) [النساء: 155].
وقال فى الختم: ( خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ) [البقرة: 7]. وسيأتى بيانها كلها فى مواضعها إن شاء الله تعالى.

الثانية:

الختم يكون محسوسا كما بينا، ومعنى كما فى هذه الآية. فالختم على القلوب: عدم الوعى عن الحق سبحانه مفهوم مخاطباته والفكر فى آياته. وعلى السمع: عدم فهمهم للقرآن إذا تلى عليهم أو دعوا إلى وحدانيته. وعلى الأبصار: عدم هدايتها للنظر فى مخلوقاته وعجائب مصنوعاته، هذا معنى قول ابن عباس وابن مسعود وقتادة وغيرهم.

الثالثة: 

فى هذه الآية أدل دليل وأوضح سبيل على أن الله سبحانه خالق الهدى والضلال، والكفر والايمان، فاعتبروا أيها السامعون، وتعجبوا أيها المفكرون من عقول القدرية القائلين بخلق إيمانهم وهداهم، فإن الختم هو الطبع فمن أين لهم الايمان ولو جهدوا، وقد طبع على قلوبهم وعلى سمعهم وجعل على أبصارهم غشاوة، فمتى يهتدون، أو من يهديهم من بعد الله إذا أضلهم وأصمهم وأعمى أبصارهم ( وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ) [الزمر: 23] وكان فعل الله ذلك عدلا فيمن أضله وخذله، إذ لم يمنعه حقا وجب له فتزول صفة العدل، وإنما منعهم ما كان له أن يتفضل به عليهم لا ما وجب لهم. فإن قالوا: إن معنى الختم والطبع والغشاوة التسمية والحكم والاخبار بأنهم لا يؤمنون، لا الفعل. قلنا: هذا فاسد، لأن حقيقة الختم والطبع إنما هو فعل ما يصير به القلب مطبوعا مختوما، لا يجوز أن تكون حقيقته التسمية والحكم، ألا ترى أنه إذا قيل: فلان طبع الكتاب وختمه، كان حقيقة أنه فعل ما صار به الكتاب مطبوعا ومختوما، لا التسمية والحكم. هذا ما لا خلاف فيه بين أهل اللغة، ولان الامة مجمعة على أن الله تعالى قد وصف نفسه بالختم والطبع على قلوب الكافرين مجازاة لكفرهم، كما قال تعالى: ( بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْها بِكُفْرِهِمْ) [النساء: 155]. وأجمعت الامة على أن الطبع والختم على قلوبهم من جهة النبى عليه السلام والملائكة والمؤمنين ممتنع، فلو كان الختم والطبع هو التسمية والحكم لما امتنع من ذلك الأنبياء والمؤمنون، لأنهم كلهم يسمون الكفار بأنهم مطبوع على قلوبهم، وأنهم مختوم عليها وأنهم فى ضلال لا يؤمنون، ويحكمون عليهم بذلك. فثبت أن الختم والطبع هو معنى غير التسمية والحكم، وإنما هو معنى يخلقه الله فى القلب يمنع من الايمان به، دليله قوله تعالى: ( كَذلِكَ نَسْلُكُهُ فِى قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِهِ) [الحجر: 12]. وقال: ( وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ) [الأنعام: 25]. أى لئلا يفقهوه، وما كان مثله.

الرابعة: 

قوله: ( عَلى قُلُوبِهِمْ) فيه دليل على فضل القلب على جميع الجوارح. والقلب للإنسان وغيره. وخالص كل شيء وأشرفه قلبه، فالقلب موضع الفكر. وهو فى الأصل مصدر قلبت الشيء أقلبه قلبا إذا رددته على بداءته. وقلبت الإناء: رددته على وجهه. ثم نقل هذا اللفظ فسمى به هذا العضو الذى هو أشرف الحيوان، لسرعة الخواطر إليه، ولترددها عليه، كما قيل:
ما سمى القلب إلا من تقلبه ** فاحذر على القلب من قلب وتحويل
ثم لما نقلت العرب هذا المصدر لهذا العضو الشريف التزمت فيه تفخيم قافه، تفريقا بينه وبين أصله. روى ابن ماجه عن أبى موسى الأشعرى عن النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: «مثل القلب مثل ريشة تقلبها الرياح بفلاة». ولهذا المعنى كان عليه الصلاة والسلام يقول: «اللهم يا مثبت القلوب ثبت قلوبنا على طاعتك». فإذا كان النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقوله مع عظيم قدره وجلال منصبه فنحن أولى بذلك اقتداء به، قال الله تعالى: ( وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ) [الأنفال: 24]. وسيأتي.

الخامسة: 

الجوارح وإن كانت تابعة للقلب فقد يتأثر القلب وإن كان رئيسها وملكها بأعمالها للارتباط الذى بين الظاهر والباطن، قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إن الرجل ليصدق فتنكت فى قلبه نكتة بيضاء وإن الرجل ليكذب الكذبة فيسود قلبه» وروى الترمذى وصححه عن أبى هريرة: «أن الرجل ليصيب الذنب فيسود قلبه فإن هو تاب صقل قلبه». قال: وهو الرين الذى ذكره الله فى القرآن فى قوله: ( كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ) [المطففين: 14].
وقال مجاهد: القلب كالكف يقبض منه بكل ذنب إصبع، ثم يطبع.
قلت: وفى قول مجاهد هذا، وقوله عليه السلام: «إن فى الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهى القلب» دليل على أن الختم يكون حقيقيا، والله أعلم. وقد قيل: إن القلب يشبه الصنوبرة، وهو يعضد قول مجاهد، والله أعلم. وقد روى مسلم عن حذيفة قال حدثنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حديثين قد رأيت أحدهما وأنا أنتظر الآخر: حدثنا: «أن الأمانة نزلت فى جذر قلوب الرجال ثم نزل القرآن فعلموا من القرآن وعلموا من السنة». ثم حدثنا عن رفع الأمانة قال: «ينام الرجل النومة فتقبض الأمانة من قلبه فيظل أثرها مثل الوكت ثم ينام النومة فتقبض الأمانة من قلبه فيظل أثرها مثل المجل كجمر دحرجته على رجلك فنفط فتراه منتبرا وليس فيه شيء ثم أخذ حصى فدحرجه على رجله فيصبح الناس يتبايعون لا يكاد أحد يؤدى الأمانة حتى يقال إن فى بنى فلان رجلا أمينا حتى يقال للرجل ما أجلده ما أظرفه ما أعقله وما فى قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان ولقد أتى على زمان وما أبالى أيكم بايعت لئن كان مسلما ليردنه على دينه ولين كان نصرانيا أو يهوديا ليردنه على ساعية وأما اليوم فما كنت لأبايع منكم إلا فلانا وفلانا». ففى قوله: الوكت وهو الأثر اليسير. ويقال للبسر إذا وقعت فيه نكتة من الارطاب: قد وكت، فهو موكت. وقوله: المجل، وهو أن يكون بين الجلد واللحم ماء، وقد فسره النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقوله: «كجمر دحرجته» أى دورته على رجلك فنفط. فتراه منتبرا أى مرتفعا ما يدل على أن ذلك كله محسوس فى القلب يفعل فيه، وكذلك الختم والطبع، والله أعلم.
وفى حديث حذيفة قال سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: «تعرض الفتن على القلوب كالحصير عودا عودا فأى قلب أشربها نكت فيه نكتة سوداء وأى قلب أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء حتى يصير على قلبين على أبيض مثل الصفا فلا تضره فتنة ما دامت السموات والأرض والآخر أسود مرباد كالكوز مجخيا لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا إلا ما أشرب من هواه....» وذكر الحديث. «مجخيا»: يعنى مائلا.

السادسة: 

القلب قد يعبر عنه بالفؤاد والصدر، قال الله تعالى: ( كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ) [الفرقان: 32] وقال: ( أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ) [الشرح: 1] يعنى فى الموضعين قلبك. وقد يعبر به عن العقل، قال الله تعالى: ( إِنَّ فِى ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ) [ق: 37] أى عقل، لأن القلب محل العقل فى قول الأكثرين. والفؤاد محل القلب، والصدر محل الفؤاد، والله أعلم.

السابعة: 

قوله تعالى: ( وَعَلى سَمْعِهِمْ) استدل بها من فضل السمع على البصر لتقدمه عليه، وقال تعالى: ( قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصارَكُمْ) [الأنعام: 46]. وقال: ( وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ) [السجدة: 9]. قال: والسمع يدرك به من الجهات الست، وفى النور والظلمة، ولا يدرك بالبصر إلا من الجهة المقابلة، وبواسطة من ضياء وشعاع.
وقال أكثر المتكلمين بتفضيل البصر على السمع، لأن السمع لا يدرك به إلا الأصوات والكلام، والبصر يدرك به الأجسام والألوان والهيئات كلها. قالوا: فلما كانت تعلقاته أكثر كان أفضل، وأجازوا الإدراك بالبصر من الجهات الست.

الثامنة:

إن قال قائل: لم جمع الأبصار ووحد السمع؟ قيل له: إنما وحده لأنه مصدر يقع للقليل والكثير يقال: سمعت الشيء أسمعه سمعا وسماعا، فالسمع مصدر سمعت، والسمع أيضا اسم للجارحة المسموع بها سميت بالمصدر.
وقيل: إنه لما أضاف السمع إلى الجماعة دل على أنه يراد به أسماع الجماعة، كما قال الشاعر:
بها جيف الحسرى فأما عظامها ** فبيض وأما جلدها فصليب
إنما يريد جلودها فوحد، لأنه قد علم أنه لا يكون للجماعة جلد واحد.
وقال آخر فى مثله:
لا تنكر القتل وقد سبينا ** فى حلقكم عظم وقد شجينا
 
يريد فى حلوقكم، ومثله قول الآخر:
كأنه وجه تركيّين قد غضبا ** مستهدف لطعان غير تذبيب
وإنما يريد وجهين، فقال وجه تركيين، لأنه قد علم أنه لا يكون للاثنين وجه واحد، ومثله كثير جدا. وقرى: ( وعلى أسماعهم) ويحتمل أن يكون المعنى وعلى مواضع سمعهم، لأن السمع لا يختم وإنما يختم موضع السمع، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه. وقد يكون السمع بمعنى الاستماع، يقال: سمعك حديثى أى استماعك إلى حديثى يعجبني، ومنه قول ذى الرمة يصف ثورا تسمع إلى صوت صائد وكلاب:
وقد توجس ركزا مقفر ندس ** بنبأة الصوت ما فى سمعه كذب
أى ما فى استماعه كذب، أى هو صادق الاستماع. والندس: الحاذق. والنبأة: الصوت الخفي، وكذلك الركز. والسمع بكسر السين وإسكان الميم: ذكر الإنسان بالجميل، يقال: ذهب سمعه فى الناس أى ذكره. والسمع أيضا: ولد الذئب من الضبع. والوقف هنا: ( وَعَلى سَمْعِهِمْ}. و{غِشاوَةٌ) رفع على الابتداء وما قبله خبر. والضمائر في: ( قُلُوبِهِمْ) وما عطف عليه لمن سبق فى علم الله أنه لا يؤمن من كفار قريش، وقيل من المنافقين، وقيل من اليهود، وقيل من الجميع، وهو أصوب، لأنه يعم. فالختم على القلوب والاسماع. والغشاوة على الأبصار. والغشاء: الغطاء. وهي:

التاسعة: 

ومنه غاشية السرج، وغشيت الشيء أغشية. قال النابغة:
هلا سألت بنى ذبيان ما حسبى ** إذا الدخان تغشى الأشمط البرما
وقال آخر:
صحبتك إذ عينى عليها غشاوة ** فلما انجلت قطعت نفسى ألومها
قال ابن كيسان: فإن جمعت غشاوة قلت: غشاء بحذف الهاء.
وحكى الفراء: غشاوى مثل أداوي. وقرى: ( غِشاوَةٌ) بالنصب على معنى وجعل، فيكون من باب قوله:
علفتها تبنا وماء باردا
وقول الآخر:
يا ليت زوجك قد غدا ** متقلدا سيفا ورمحا
المعنى وأسقيتها ماء، وحاملا رمحا، لأن الرمح لا يتقلد. قال الفارسي: ولا تكاد تجد هذا الاستعمال فى حال سعة واختيار، فقراءة الرفع أحسن، وتكون الواو عاطفة جملة على جملة. قال: ولم أسمع من الغشاوة فعلا متصرفا بالواو.
وقال بعض المفسرين: الغشاوة على الاسماع والأبصار، والوقف على ( قُلُوبِهِمْ}.
وقال آخرون: الختم فى الجميع، والغشاوة هى الختم، فالوقف على هذا على ( غِشاوَةٌ}. وقرأ الحسن ( غشاوة) بضم الغين، وقرأ أبو حيوة بفتحها، وروى عن أبى عمرو: غشوة، رده إلى أصل المصدر. قال ابن كيسان: ويجوز غشوة وغشوة وأجودها غشاوة، كذلك تستعمل العرب فى كل ما كان مشتملا على الشيء، نحو عمامة وكنانة وقلادة وعصابة وغير ذلك.

العاشرة: 

قوله تعالى: ( وَلَهُمْ) أى للكافرين المكذبين ( عَذابٌ عَظِيمٌ) نعته. والعذاب مثل الضرب بالسوط والحرق بالنار والقطع بالحديد، إلى غير ذلك مما يؤلم الإنسان.
وفى التنزيل: ( وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) [النور: 2] وهو مشتق من الحبس والمنع، يقال فى اللغة: أعذبه عن كذا أى أحبسه وأمنعه، ومنه سمى عذوبة الماء، لأنها قد أعذبت. واستعذب بالحبس فى الوعاء ليصفو ويفارقه ما خالطه، ومنه قول على رضى الله عنه: أعذبوا نساءكم عن الخروج، أى احبسوهن. وعنه رضى الله عنه وقد شيع سرية فقال: أعذبوا عن ذكر النساء أنفسكم فإن ذلك يكسركم عن الغزو، وكل من منعته شيئا فقد أعذبته، وفى المثل: لألجمنك لجاما معذبا أى مانعا عن ركوب الناس. ويقال: أعذب أى امتنع. وأعذب غيره، فهو لازم ومتعد، فسمى العذاب عذابا لان صاحبه يحبس ويمنع عنه جميع ما يلائم الجسد من الخير ويهال عليه أضدادها.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة